فى المؤتمر الصحفى للدكتور كمال الجنزورى أول أمس أعجبنى ربطه بين الأمن والاقتصاد.. عندما أكد أنه بدون أمن لا يمكن أن ينمو الاقتصاد.. ولهذا كما أكد رئيس الوزراء أنه بدأ التعامل مع العنصرين: الأمن والاقتصاد فى وقت واحد.. وقال إنه يتابع موضوع الأمن ساعة بساعة.. بل إن للأمن أولوية على موعده معنا فى المؤتمر الصحفى وفضل الالتقاء بعدد ضخم من الضباط، من مختلف الرتب والمواقع. وأعجبنى أيضًا قول رئيس الوزراء إنه لن يسمح بوضع مطالب الثورة فى الثلاجة..وأن الناس لم تحس بطعم الثورة.. وأنه أعطى مهلة 15 يومًا لاستعادة الأمن. كل هذا الكلام جميل.. ولكننى أضفت إليه ما قلته لرئيس الوزراء بأن الناس تنتظر الأمن ورغيف الخبز معًا.. حتى لا نفاجأ بمليونية الخبز، بعد أن يكفر الناس بالرغيف الحالى وسوء حالته.. وكنت جادًا فيما قلت.. ** ذلك أن حالة الرغيف لم تعد مقبولة.. فالرغيف حتى أبو ربع جنيه أصبح مثل ورق الصحف.. والوزن يكاد يصل إلى ربع وزنه عندما ابتدعوه تحت اسم العيش الطباقى.. وإذا كان هذا حال رغيف الربع جنيه فما هو حال رغيف القروش الخمسة المدعم؟! وكلام الدكتور الجنزورى موجه لرجال الاقتصاد والمال والأعمال.. إذ لا يهم المواطن العادى الكلام عن عجز الموازنة.. وعن القروض التى كبلتنا بها الحكومات السابقة.. ولا عن كيف نواجه السحب من الاحتياطى الدولارى.. لأن ما يهم المواطن البسيط هو حال هذا الرغيف من حيث الوزن والطعم والرائحة.. حقيقة الكلام عن العجز وحلوله يصب فى النهاية فى مصلحة المواطن والتضخم والرغيف.. ولكن المواطن يريد تحويل هذا الكلام الاقتصادى الثقيل إلى عدد من أرغفة الخبز.. يمكن أن يقدمها رب الأسرة لأسرته. ** وموضوع الرغيف المدعم يحتاج إلى كلام كثير.. فالمواطن يرى أن ترك الرغيف هكذا سيجعله يتقبل أى زيادة فى سعره.. الآن أو غدًا.. بل يرى ذلك مقدمة طبيعية لزيادة سعر الرغيف.. تمامًا مثل الكلام عن أنبوبة البوتاجاز. فالحكومة تقول ويا عيب الشوم إن سعر الأنبوبة 4 جنيهات.. ولكن المواطن يحصل عليها بعشرة أضعاف هذا الرقم أى 40 جنيها.. ويا ليت ذلك يتم بسهولة بل بطلوع الروح وهذا تعبير حقيقى أو مجازى.. لأن هناك من يفقد روحه من أجل الحصول عليها. والناس يقولون بانهم مستعدون لدفع أى ثمن فيها بشرط أن يحصل عليها بسهولة ويسر.. حقيقة يزيد الاستهلاك كلما زادت البرودة فى شهور الشتاء.. ونحن الآن فى شهر كيهك فماذا لو زادت البرودة.. ولكن الحكومة تعرف ذلك منذ سنوات، فلماذا لم تستعد.. ولماذا لم تستورد كميات إضافية من السعودية ودول الخليج بدلاً من الجزائر البعيدة عنا.. وتخزنها تحسبًا لموجات البرد.. ولماذا هذا العام زادت حدة الأزمة.. رغم توقف تصدير الغاز نحو الشرق. ** وإذا كان توزيع الانابيب بالبونات قد فشل قبل أن يبدأ فهل المطلوب من الناس العودة إلى وابورات الجاز «الكيروسين» وتوزيع هذا الكيروسين بالبونات مع التموين، كما كان أيام الحرب العالمية الثانية أم يا ترى تريدون من الناس العودة إلى أيام.. الكانون وما أدراكم ما طبيخ الكانون؟! وهذا الكلام مرتبط بما قاله السيد رئيس الوزراء عن ديون قطاع البترول للبنوك.. وان كان لم يذكر شيئًا عن ديون الحكومة والوزارات لقطاع البترول، وهى ديون متراكمة لصالح قطاع البترول منذ سنوات وهل لهذه الديون التى على قطاع البترول صلة بأزمة البوتاجاز وأن الحكومة عاجزة عن دفع ثمن ناقلتين أو 3 ناقلات للبوتاجاز للأشقاء العرب.. فكانت هذه الأزمة.. ** أم هى أزمة نظام وتنظيم وعجز عن فرض الأمن وضرب البلطجية الذين يتحكمون الآن فى تداول أنابيب البوتاجاز.. ولماذا لا تنزل سيارات التوزيع لتقف بالانابيب أمام الشوارع وفى وسط العشوائيات لتسليمها للناس مباشرة دون وسيط من التجار الذين هم من الفلول.. إذ إن معظم وكلاء التوزيع هم من رجال النظام السابق.. اخذوا التوكيلات مكافأة لهم من فلول النظام. انزلوا بالانابيب للناس على رأس كل شارع لتضربوا البلطجية فى مقتل.. حتى يحس المواطن بأن الحكومة تفعل شيئًا للناس مباشرة.. دون حديث عن التضخم وعجز الموازنة والديون وغيرها. ** ان رغيف الخبز وانبوبة البوتاجاز مع الأمن هما المحك الرئيسى أمام حكومة الانقاذ. ولن يحس الناس بأنها فعلاً حكومة إنقاذ إلا إذا نجحت فى حل المعضلتين: الرغيف والأنبوبة.. لأنه حتى لو نجحت الحكومة فى حل مشكلة الديون والعجز.. ولم تستطع مواجهة قضية الرغيف والأنبوبة فلن تكون بأى صورة من الصور حكومة إنقاذ!!