هدى رمزي: لم أندم على قرار اعتزالي الفن.. ولن أعود للتمثيل    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    موعد ومكان جنازة والدة الفنان هاني رمزي    مدرب تونس: لا وقت للرد على الانتقادات.. وهدفنا حسم التأهل أمام تنزانيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    ترددات القنوات المجانية الناقلة لمباراة مصر وأنجولا اليوم في كأس أمم إفريقيا 2025    جيرونا يستهدف تير شتيجن على سبيل الإعارة    أمطار غزيرة ورياح شديدة في الغربية    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    طرح كرتونة البيض ب108 جنيهات في سوق فيصل الأسبوعي    بلدية غزة: المنخفضات الجوية تحول المدينة المنكوبة لمنطقة كوارث    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة والدة الفنان هاني رمزي    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    فتح تجدد رفضها لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة أو اقتطاع أجزاء منه    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الإصطناعى    تعرف على مواعيد إقامة معارض مبادرة مشروعك بمراكز ومدن محافظة كفر الشيخ    وزير الإسكان يتفقد مشروعات «ديارنا» و«سكن لكل المصريين» بمدينة حدائق العاصمة    رئيس الوزراء يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    الصين تعلن معارضتها بشدة لاعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    كل ما يجب أن تعرفه عن فيلم العملاق قبل عرضه بدور العرض    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    تصفية ودمج.. رئيس الوزراء يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    تايلاند وكمبوديا تتفقان على ترسيخ وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة    وزير الاستثمار يفتتح فعاليات منتدى الأعمال المصري- السوداني    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في أفريقيا (صور)    ضبط 7 رجال و4 سيدات لاستغلالهم 19 طفلا في التسول بالقاهرة    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    وزير العمل يفتتح المقر الجديد للنقابة العامة للعاملين بالنقل البري    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    ارتفاع جماعي في مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة اليوم    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    نتنياهو يلتقي ترامب في الولايات المتحدة لمناقشة مستقبل الهدنة في غزة    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    الجيش الصينى يعلن عن تدريبات عسكرية حول تايوان فى 30 ديسمبر    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر - الجالسة علي الكنبة - تتحدث عن نفسها
نشر في الوفد يوم 04 - 12 - 2011

ها هم ألوف لا يحصيها عدد ينشق عنهم كل شبر في أرض مصر ليطاردونني أنا وكافة أبناء كتلة الأغلبية الصامتة المغلوبة علي أمرها والمكتفين بمتابعة ما يحدث لنا وفينا ونحن ملتصقون علي «الكنبة» نحدق ببلاهة في شاشات التليفزيون.. أسمح لنفسي اليوم أن أتحدث باسم هذه الأغلبية بدلا من الألوف الذين يطاردوننا بصورهم ووعودهم
ولافتاتهم التي تعرض وتستعرض صفاتهم السماوية مؤكدة لنا أنهم خير نواب الأرض وأنهم - جميعا ومن غيراستثناء واحد - ضيعوا أعمارهم في محاربة الفساد واستهلكوا عافيتهم علي «برش» الزنازين التي غيبهم بداخلها النظام السابق وأنهم لم يقبلوا الترشح سوي بعد الضغوط غير المحتملة لأهل الدائرة «الكرام» فآثروا مصلحة مصر علي مصلحتهم.. اسمحوا لي أن أعبر - ولو حتي لمرة واحدة - عن نفسي مستبعدا - الي حين - البضع مئات من تجار مصائر الشعوب الذين يقودون مئات الألوف من شباب حياري يملأون ميدان التحرير بالقاهرة وكل «تحارير مصر» أستأذن نواب وحكام المستقبل وأخاطبهم جميعا الإخوان والعلمانيين.. السلفيين والمدنيين.. اليمين واليسار.. المستشرقين والمستغربين.. المبحرين الي الماضي أو الحالكون بالمستقبل.. أناشدكم جميعا وأيا كانت مصادر تمويلكم أمريكية أم قطرية .. إسرائيلية أو سعودية.. برائحة النفط أو برائحة عرق دافعات الضرائب من عاهرات الاتحاد الأوروبي.. أسألكم جميعا أن تضعوني مع أكثرمن 80 مليون مصري في حساباتكم أو حتي علي «مؤخرات» أجنداتكم ولا تقصروا توزيع كعكة مستقبل الوطن علي الملايين الخمسة - وربما أقل - الباقين.
أعرفكم بنفسي أولا.. أنا واحد من هؤلاء الملايين الثمانين الفقراء الطيبين الراضين بالقليل - أقل القليل - الحامدين لربهم علي كل حال والراضين بحكامهم منذ عهد مينا وحتي مبارك.. المنتظرين دائما أن يقودهم أحد ما الي بر أمان قارب أن يغادر قائمة الممكن لينزلق الي دائرة المستحيل.. يمكنكم جميعا أن تشاهدونني اذا توجهتم ذات صبح مبكر - مبكر جدا - الي ميدان السيدة عائشة - مثلا - حيث يكون الميدان - وكل ما يشابهه من ميادين - حالة ولوحة معبرة لا يمكن استعراضها في سطر أو اختصارها في صفحة.. هناك حيث تجد مصر كلها مختزلة أمام عينيك في لقطة واحدة حية يتم بثها علي الهواء مباشرة.. سوف تراني واحدا من آلاف العمال الغلابة أبناء التراحيل الجدد القادمين من نجوعهم وقراهم ومدنهم البعيدة النائمة في أحضان ما تبقي من حقول الدلتا أو المستندة الي الجبل في أعماق الصعيد يجلسون القرفصاء - جلسة الصابرين الحكماء - محدقين في زحام أم الدنيا باحثين لأجسادهم المنهكة عن شعاع شمس ومنقبين لأرواحهم المحبوسة عن بريق أمل ومنتظرين من يستأجرهم لقاء جنيهات معدودة فقدت منذ سنين قيمتها الشرائية أو حتي مقابل وجبة غذائية ساخنة.. سوف تجدين بين آلاف الموظفين والصنايعية المهرولين بأعين نصف مغمضة بينما مازالت رائحة الفراش الدافئ عالقة بملابسهم الرثة يبحثون قوتا وأمنا.. عشرات الألوف بل مئات هم يعبرون الميدان في ساعات الصبح المبكرة وهم يملأون علب السردين التابعة لهيئة الذل العام أوينحشرون في رحلة غير مأمونة العواقب داخل «الميكروباظات» المملوكة لعفاريت الأسفلت والتابعة مباشرة لزبانية جهنم.. الجميع يندمج ويتوحد في رتم حياة شاق وشقي يبدأ عادة مع بزوغ الفجر وصياح الديك «كوكو كوكو« لنهرول ونتسابق نحن «الأرزقجية» والعمال والصنايعية وصغار الموظفين وكبارهم والباعة السريحة وعموم حرافيش بر مصر لنكون علي باب الله ثم علي أبواب الرزق الضيقة شبه المسدودة نملأ الدنيا زحاما وضجيجا وتلوثا وشجارات بلهاء من أجل التسابق علي مقعد في وسيلة مواصلات انتحارية أو لأولوية الحصول علي بضعة أرغفة من الخبز غير الآدمي - بل غير الحيواني أحيانا - أو فطيرة فقيرة مصنوعة بدقيق فاسد وزيت منتهي الصلاحية .. نسب ونلعن .. نتشابك ونتضارب بل ربما تسيل الدماء قبل أن يتدخل أولاد الحلال - وجميعنا أبناء حلال - للفصل بين المتشاجرين فنستجيب ونصلي علي النبي ألف صلاة قبل أن نحكي القصة من جديد لنرتمي في النهاية في أحضان بعضنا البعض معتذرين وباكين لاعنين ساعة الشيطان وقلة الرزق قبل أن نصل النهاية الي الورش والمتاجر والدواوين والأرصفة ليبدأ فاصل جديد من العذاب والذل وعصر الطاقات واستهلاك الصحة البدنية والنفسية واستخلاص كل قطرة عرق ممكنة - بل وغير ممكنة - حتي تنتهي أعمالنا مع غروب الشمس وأخيرا - وليس آخرا - وقبل العشاء أو بعدها نرجع ونحن نقلب كفا بكف مندهشين ومتسائلين عن مصير الدعوات التي ودعتنا بها الزوجات والأمهات والأطفال.. نعود الي عشوائياتنا وأحيائنا الفقيرة منهكين ومكبوتين ومضطهدين منتهكي الكرامة ومغتصبي الآدمية ومؤدي الأحلام أرواحنا في أنوفنا بل خارجها أحيانا نثور علي أحب الناس الينا لأتفه الأسباب وغالبا بلا سبب علي الإطلاق.. أقصي مبالغة في متعتنا أن نشد أنفاس حجر معسل علي أقرب مقهي وما أكثر المقاهي القريبة ثم ننام كالموتي استعدادا لديك جديد يوقظنا لعذاب يوم جديد.
لا يختلف عن سابقه ولن يختلف - حتي يشاء الله - عن لاحقه لتمر الأيام والأعمار ونحن في حلمنا - أو وهمنا لست أدري - بغد أفضل.
السيدات والسادة حكامنا الجدد من التحرير ومحمد محمود ومجلس الشعب ومن امبراطورية قطر العظمي وغيرها من الأماكن التي أعرف أو لا أعرف أسألكم جميعا أن تذكروني إذا مامدت موائد البادية في صحاري جزيرة العرب أو إذا وزعت فوائض النفط والغاز من حقول الخليج أو قسمت الجواري والفتيات والغلمان وارد ڤيينا وكوبنهاجن وبقية عواصم الغرب ذوات اللحم البمبي و العيون الزرق والشعر الأصفر.. اذكروني بحفنة دقيق أو مشروع صرف صحي أو مائدة رحمن تستمر طوال العام أو وعد بمدرسة لها فصول بنوافذ تنغلق علي مناضد يجد عليها ابني يوسف وابنتي مريم مكانا وكراسة وقلما يرسمون به زهرة تتفتح ويكتبون.. مهما فعلتم بنا سوف نبقي - لسبب غير مفهوم - نحب هذا البلد الذي أستأذنكم أن أنهي كلامي لأعاود جلوسي متابعا أخباره من فوق الكنبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.