من منا يرفض تطبيق الشريعة الإسلامية؟.. لا أظن أن كائناً من كان يرفض ذلك، فكلنا يدرك أن الاحتكام إلي شرع الله هو الملاذ والحل لكل مشاكلنا، ولو كان لدينا حاكم ومحكوم يخشي الله في عمله لما احتجنا إلي ثورات وسقوط شهداء، إنما الظلم هو وقود الثورات ولا يمكن أبداً أن ننسي تجارب الشريعة الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين، وما يقال عن عمر بن عبدالعزيز والذي ساد العدل والرخاء في عهده بلاد المسلمين، رغم قصر فترات حكمه التي لم تتجاوز العامين حتي إن القائمين علي أمر البلاد لم يجدوا أحداً يأخذ الزكاة من بيت المال بعد أن شبع البشر وحتي الطير من خيرات البلاد.. كل ذلك يذكره ولا يمكن لأحد أن ينكره.. فإذا ساد العدل اختفي الفساد وعم الرخاء في البلاد، ولا ننسي أبداً أن فاسداً واحداً فقط من رواد «بورتو طرة» الآن كان يكفي لإسعاد الملايين من شعب مصر وإيجاد المسكن والملبس لهم إذن من يتخوف من الشريعة وتطبيقها لا يتخوف منها كشريعة سماوية، وإنما يتخوف من سوء ما يمكن لهم تطبيقها، فللأسف كل تجارب تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد العربية مؤخراً فشلت فشلاً ذريعاً لا لعيب في الشريعة السمحاء نفسها ولكن العيب فيمن ادعي تطبيقها وهم أبعد ما يكونون عن مبادئها، ولعل تجربة السودان خير دليل، فقد ادعي حاكمها حرصه علي تطبيق الشريعة وسعي في البلاد والعباد قتلاً وفساداً حتي أدي الوضع مؤخراً لتمزيق السودان وانفصال جنوبه عن شماله، ونفس الحال في السعودية فتطبيق الشريعة بها يعد الأسوأ في التجارب الإسلامية ويسيء أبلغ إساءة إلي الإسلام، ويكفي أن المرأة السعودية الآن تكافح وتناضل وتجلد من أجل أن تتمكن من قيادة السيارة رغم أن مثيلاتها في دول أخري تولت قيادة البلاد، إذن كل المتخوفين من الشريعة وتطبيقها لا يتخوفون من الشريعة نفسها ولكن من سوء تجارب القائمين علي تطبيقها في معظم البلاد العربية. فنحن نخاف من شريعة الحويني ويعقوب ولا نتخوف من شريعة الله ولعل تصريحات السلفيين مؤخراً تجعل الآخرين مذعورين من كلمة الشريعة.. فها هو من ينادي بإخراج الأقباط من مصر والآخر يفتي بحرمة التصويت لمسيحي أو ليبرالي وآخر يصرح بأن المسلم الماليزي أقرب إليه من المسيحي المصري ورابع يطالب بفرض الجزية علي الأقباط.. وكلها تصريحات من جهلاء يسيئون أبلغ إساءة للإسلام وشريعته السمحاء التي احتوت المسلم والمسيحي واليهودي تحت شعار عظيم يقول «لكم دينكم ولي دين» فأين المتحدثون باسم الإسلام الآن من ذلك يا سادة الشريعة الإسلامية ليست بعبعاً بشرط حسن التطبيق.