طوابير طويلة من طلبة كلية دار العلوم تقف أمام مكتبة "الكابتن" بمنطقة "بين السريات" المواجهة لجامعة القاهرة، كل منهم يحاول الحصول على "ملزمة" مادة "الأدب المقارن" التي أعلنت المكتبة أنها سوف تظهر في الأسبوع الأخير الذي يسبق الامتحانات.. هذا المشهد يتكرر كثيرا قبل الامتحانات أمام مكتبات بين السرايات التي تقوم بإعداد الملازم النهائية للامتحانات، ولا يقتصر "أبطاله" فقط على كلية دار العلوم فهو يشمل التجارة والحقوق والآداب وغيرها.. لكن هذا العام يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة، فقد اشتعلت المنافسة على غير العادة بين عدد من المكتبات وبين أساتذة الجامعات، بعدما أعلن بعض الأساتذة عن إعدادهم بعض الملازم تخص المواد التي يدرسونها وبيعها داخل مكتبات الجامعة، وحثهم الطلبة في نهاية الفصل الدراسي على شرائها بدلا من ملازم المكتبات الخارجية, بل وهدد بعضهم الطلبة بأن أي طالب يكتب بأسلوب الملازم الخارجية فسوف يعاقب بالرسوب. ولمزيد من الترغيب فقد عرض الأساتذة ملازمهم بأسعار أرخص من تلك التي تباع بالخارج، فقد تم تسعيرها بثلاثة جنيهات فقط بينما تباع الخارجية بأسعار تتراوح من خمسة إلى سبع جنيهات. ونتيجة هذه المنافسة، أن وجد الطلبة أنفسهم حائرين بين "الملزمة الخارجية" و"ملزمة الدكتور"!. ضمان النجاح أحمد صديق، ثانية دار علوم، يوضح رغبته الشديدة في الحصول على ملزمة "الأدب المقارن" الخارجية بالرغم من وجود ملزمة أخرى أعدها أستاذ المادة، قائلا: "منذ التحاقي بالجامعة منذ العام الماضي وأنا أعتمد على الملازم التي تعدها المكتبات بالخارج، وهكذا يفعل كل الطلبة في جميع الفرق، وما يشجعنا عليها أنها تباع ب5 جنيهات فقط، أما هذا العام فظهرت ملازم يعدها الأساتذة ولكنها تتأخر في الصدور، ولا أعرف أي زميل قام بتجربتها، لذا فأنا أفضل الشئ المضمون الذي يضمن لي النجاح". سمر يحيى، أولى تجارة، توضح إنها منذ الالتحاق بالجامعة وهي تسمع عن وجود الملازم الخارجية التي يأتي الامتحان "بالنّص" منها، ولكن مع إعلان بعض الأساتذة عن وجود ملازم قررت أن تقوم بشرائها، وتقول: "أكيد ملزمة الدكتور مضمونة أكتر"، وتضيف ساخرة: "ليه نذاكر من بره، لما ممكن نذاكر من جوه"!. أكثر فائدة أحد المعيدين بكلية دار علوم (طلب عدم ذكر اسمه) يقول: "أقوم بإعداد ملازم لبعض المكتبات وهي تختلف عن تلك التي يعدها أساتذة الكلية، فمن المعروف أن الملازم الخارجية يأتي منها 80% من الامتحان وتظهر في وقت مبكر، وفي الغالب يقوم الطلبة بإعدادها أو المعيدون وفي كثير من الأحيان بعض أصحاب المكتبات ذوي الخبرة". يضيف: "لكن ملزمة الدكتور أكثر فائدة، فالامتحان يأتي منها لكن يعيبها أنها تظهر متأخرة بعد صدور الملازم الخارجية، وبالتالي يضطر الطلبة إلى شراء الاثنين, وهناك طلبة لا تشتري إلا واحدة فقط". غضب أصحاب المكتبات من جانب آخر، عملت ملازم الأساتذة على إحداث حالة من الغضب بين أصحاب مكتبات بين السرايات بسبب إنها صرفت عدداً كبيراً من الطلاب عن شراء الملازم التي يقومون بإعدادها. أحمد عادل، صاحب مكتبة تحمل اسمه، يقول في غضب: "الدكاترة دول ظلمة، عايزين يحاربونا في لقمة عيشنا، إحنا بنعمل الملازم للطلبة للتخفيف عليهم ليس أكثر، وبنحاول نلخص له المواد بدل ما يذاكر كتاب من 500 صفحة". صاحب إحدي المكتبات الأخرى، طلب عدم ذكر اسمه خوفا من بطش مباحث المصنفات والأموال العامة، يقول: "الأساتذة دائما ما يتقدمون ببلاغات ضدنا بأننا نسرق كتبهم ونبيع ملازم للطلبة وهذا غير حقيقي، لأننا لا نؤلف كتب وننسبها لنا ولكن نشير إلى إنها مجرد ملخصات وليس فيها انتهاك للملكية الفكرية". ويضيف إنه لا توجد مكتبة من ضمن 200 مكتبة تقريبا في بين السريات إلا وتهاجم من الأموال العامة أو المصنفات أكثر من خمس مرات في العام وعادت ما تكون العقوبة 3000 جنيه لو مصنفات أو 100 جنيه لو الأموال عامة، ويختم كلامه: "كمان يبقى الدكاترة علينا". عبد الرحيم علي، صاحب مكتبة، يوضح أقوم بعمل ملازم تحضيرية لطلبة كلية الهندسة وأستعين بالطلبة داخل الكلية مقابل أجر، وهي عبارة عن ملخص وتساعد الطالب في المراجعة النهائية قبل الامتحان.