لتلبي حاجة الطلاب كدليل إلي أقصر الطرق لاجتياز الاختبارات. فبعد أن أجبر الفيروس عددا من طلاب الجامعات علي البقاء في منازلهم، وأجبر قبلها المسئولين علي مد إجازة عيد الأضحي لعشرة أيام علي حساب أيام النصف الأول من العام الدراسي، وأجبر المسئولين أيضا علي حرمان طلاب الانتساب الموجه في بعض الجامعات علي حضور المحاضرات، وبات الحل الوحيد لأغلب الطلاب الذين لم يلجأوا إلي الدروس الخاصة هي المذكرات. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار هذه المذكرات (الملازم) إلي 40 جنيها في جامعة عين شمس، وصل سعر مذكرة المادة الواحدة إلي 25 جنيها في سوق بين السرايات بجوار جامعة القاهرة، بينما استطاع الطلاب في الجامعات الإقليمية اختراق العلامة المائية التي تضعها المكتبات علي شكل فراشة أو سلحفاة غامقة اللون لمنع تصويرها بالطرق العادية وإعادة تصوير الملازم وبيعها بسعر أقل من المعتاد لينخفض السعر إلي ما بين 15 و20 جنيها. وبجانب المنافسة المشتعلة بين المكتبات يتصدر المشهد منافسة أخري بين طلاب ينتمون إلي جماعة الإخوان وطلاب الاتحادات الطلابية حول توزيع بعض هذه المذكرات مجانا علي بعض الطلاب، كما يحدث في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، كنوع من الدعاية لكل من الطرفين تفيد في صراعهما المستمر للفوز برضا الطلاب. ويقول طالب فضل عدم ذكر اسمه: تتميز مذكرات طلاب الإخوان بجودة الطباعة والمحتوي العلمي معا، بالإضافة إلي أنها شبه مجانية مقارنة بملازم الاتحاد. وقال إسلام جمعة أمين اتحاد تجارة القاهرة السابق: إن طلاب الاتحاد يقومون بتوفير ملازم مجانية أيضا، ويعلنون عنها داخل المدرجات ويمكن لأي طالب الحصول عليها مجانا من مقر الاتحاد أمام (مدرج ه، و)، ومنها نماذج لامتحانات 6 أعوام سابقة لما يقرب من 24 فرقة ومجموعة دراسية، مشيرا إلي أن أكثر الطلبة حرصا علي السؤال عنها هم طلاب الانتساب الذين ظلموا هذا العام علي حد قوله. غير أن نشاط طلاب الإخوان طبقا لتأكيدات طلاب في الجامعات الاقليمية شهد هذا العام تراجعا كبيرا في توزيع المذكرات علي مستوي الجامعات الاقليمية، في حين اتجه الطلاب إلي مراكز الخدمات العلمية بالمحافظات لتصوير الكتاب الدراسي بما يقرب من عشرة جنيهات بدلا من شرائه بما يبلغ 40 جنيها، خاصة مع ظهور تكنولوجيا حديثة لمسح العلامات المائية من علي المذكرات والكتب. ورغم أن ظاهرة بيزنس المكتبات المقابلة للجامعات ليست بجديدة، فإن بعض أصحاب المكتبات اعترفوا بأن قيام جامعة القاهرة بدعم سعر الكتاب الجامعي ليصل سعره إلي 5 جنيهات في كليتي الحقوق والتجارة، قد أدي إلي التأثير سلبا في تجارة أصحاب مكتبات بين السرايات، حيث تراجع الطلاب في تلك الكليتين عن تصوير الكتب بدرجة كبيرة، واقتصر "بيزنس" المكتبات علي بيع ملازم المحاضرات وأسئلة الدروس، حيث تتنافس المكتبات فيما بينها علي الإعلان عن إعداد المراجعات النهائية وتوفيرها قبيل الامتحانات بسعر يتراوح بين 10 و25 جنيها. وقال د. ناصر عيسي أستاذ الأدب الفرنسي بكلية الآداب بجامعة الزقازيق: إن عددا كبيرا من أعضاء هيئة التدريس يمنحون الطلاب غير القادرين الكتب الدراسية مجانا، وأن الجامعة تدعم العديد من الكتب وتوزعها علي الطلاب بالمجان للحد من تجارة المذكرات وتصوير الكتب. وعن الدور الإخواني في طبع المذكرات، يوضح الطالب حسن عبد الستار المتحدث باسم طلاب الإخوان بجامعة حلوان أنهم يقومون بعمل الملازم للطلاب كخدمة لا يتربحون من ورائها، حيث يتم استخدام هذه الملازم في نشر تعاليم الدين الإسلامي والترويج لأعمال الخير علي حد قوله حيث تحتوي علي آيات وأحاديث تحث علي فضل طلب العلم وبر الوالدين وفضل الصلاة وغض البصر بالإضافة إلي نشر معلومات عن أهم القضايا المثارة في الساحة الإسلامية مثل قضية فلسطين، مشيرا إلي أن الملازم تقتصر علي أسئلة الامتحانات في السنوات السابقة بدون إجاباتها، وأضاف أن الطلاب يحرصون علي عدم وضع أي إشارات سياسية. وقال: إن بيع الملازم يكون بأقل من سعر التكلفة حيث يتم تعويض الفرق في السعر من خلال الاتفاق علي وضع إعلانات في هذه الملازم لبعض الشركات، مثل شركات المحمول أو مكاتب تصوير الأوراق، ومكتبات بيع الأدوات الدراسية والهندسية والطبية، وهذه الإعلانات مدفوعة الأجر، ولفت إلي أن كمية الملازم التي يتم طباعتها يختلف من كلية لأخري حسب العدد.. مشيرا إلي أن كلية مثل التجارة تطبع ما يقرب من 4000 آلاف ملزمة، وكلية مثل هندسة يتم حجز الملازم مسبقا قبل الطباعة حتي لا يتم طباعة أعداد أكثر من المطلوب. ورغم تحذيرات أساتذة الجامعة للطلاب خلال المحاضرات من شراء الملازم من المكتبات، أو قيام أحد الطلاب بكتابة المحاضرات وبيعها إلي المكتبات، فإن شراء المذكرات الجامعية أصبح عادة بين الطلاب ازدادت هذا العام رغم دعم سعر الكتاب الجامعي، بسبب خوف عدد كبير من الطلبة من الوجود داخل قاعات المحاضرات بسبب إنفلونزا الخنازير، حيث يفضل الطلاب شراء مذكرات المحاضرات بدلا من عناء الوجود وسط مكان مزدحم بالطلاب لا تتوافر فيه تهوية جيدة علي حد قول محمد علي طالب بحقوق القاهرة. ويحكي الطالب خالد ممدوح بكلية التجارة عن تحذيرات يطلقها بعض أساتذة الكلية عن عواقب وخيمة ستصيب الطالب الذي يكتشف الأستاذ قيامه بكتابه المحاضرات وبيعها، ولكن "علي مين؟" -حسب تعبيره، ويضيف لا نعلم تحديدا من يقومون بذلك، لكنه توقع أن يكونوا من الخريجين السابقين، اعتادوا (تبييض) المحاضرات وبيعها بسعر يترواح بين 3 و5 جنيهات للنسخة، ويقتسمون الأرباح مع صاحب المكتبة حسب نسبه المبيعات. وفي جامعة عين شمس اكتسي الشارع الخلفي للجامعة والموازي لمحطة مترو أنفاق الدمرداش بجميع أشكال وأحجام وألوان اللافتات والملصقات الخاصة بالدعاية الموجهة لجموع الطلاب من نوعية: "يوجد لدينا.."، "واحصل علي نسختك من.." وغيرها، ولكن دون الإشارة إلي أسعار هذه الملازم والملخصات كما كان شائعا من قبل. ومع هذا فإن الكثير من طلاب الجامعة لم يدركوا بعد اقتراب موعد اختبارات نصف العام، خاصة أن بعض الأساتذة لم ينتهوا من المقررات الدراسية بعد، بل إن بعضهم لم يشتر كل الكتب الدراسية، وتقول رانيا حمدي الطالبة بكلية الآداب إنها حتي الآن لم تستكمل شراء الكتب والمقررات الدراسية، مشيرة إلي أنها تفضل كل عام شراء الملخصات من إحدي المكتبات دون غيرها. وشاركتها الرأي كل من مريم عزازي وسارة النجار. وعن أسباب مشاركة المعيدين في بيزنس المكتبات يقول سامي إبراهيم أحد أصحاب المكتبات: إن أسعار مذكرات المراجعة النهائية تتوقف علي عدة عوامل، أهمها ما يحصل عليه المعيدون الذين يقومون بإعدادها لصالح المكتب، مضيفا أن السبب الآخر هو أسعار الورق خاصة الورق "المشفر" -وهو الذي توجد فيه علامة مائية تصعب من إمكانية إعادة تصويره. وعن أسعار الملازم أوضح أن أسعار الملازم يرتفع من عام لآخر، فقد كان سعر ملزمة العام الماضي لكلية تجارة مثلا 12 جنيها، بينما كانت العام الذي قبله 10 جنيهات، متوقعا أن ترتفع هذا العام، وأشار إلي أن هناك 3 مكتبات تحتكر بيع ملازم لطلاب جامعة حلوان، وعن السبب وراء قيامه بالعمل في مثل هذا المجال، قال إنه يأتي من باب "نفع واستنفع".. مشيرا إلي أن كل الطلاب يقومون بشراء الملازم حتي الذين يذاكرون طوال العام -علي حد تعبيره. وفي جامعة الزقازيق تشتعل الحرب بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس لاختراق المحاضرات الخاصة لطلاب الدروس الخصوصية خاصة بكليات التجارة والعلوم والآداب والحقوق والكفاية الإنتاجية، فقد انتشرت ظاهرة بيع الملازم الخاصة بأعضاء هيئة التدريس والمعيدين رغم جميع الإجراءات الاحترازية التي اتخذها أساتذة الجامعة، حيث تنتشر ظاهرة تصوير المذكرة التي تم اختراقها وإعادة تصنيع هيكلها من قبل تجار بيزنس المذكرات والكتب الدراسية. وذكر أحمد عبد النبي الطالب بكلية التجارة أن أساتذة الجامعة يقومون بوضع علامات مائية خاصة بكل ملزمة من ملازم محاضرات الدروس الخصوصية، وأشهر هذه العلامات (الفراشة والسحلفاة)، بهدف الحد من إمكانية تصويرها بالطرق العادية، حيث تخرج سوداء إذا لم يقم الطالب بشراء الأصلي منها، مضيفا أن هناك عشرات الطلاب تخصصوا في اختراق العلامات وتصويرها وإعادة بيعها بسعر أقل من المعتاد، حيث يصل سعر متوسط الملزمة ما بين 15 و20 جنيها، ويتراص الطلاب في طابور طويل أمام ماكينات التصوير للحصول علي مذكرة المحاسبة لكلية التجارة. وفي جامعة الفيوم تم الاتفاق بين معيدين ( أعضاء الهيئة المعاونة ) ومكتبتين شهيرتين لطباعة مذكرات تباع بجوار الجامعة بنحو 15 جنيها، وأن هذه الظاهرة تنتشر في عدد من الكليات منها الخدمة الاجتماعية والتربية والهندسة. وإذا كان الطلاب يلجأون في أغلب الأحوال إلي المكتبات لشراء المذكرات والملخصات هروبا من أسعار الدورس الخصوصية، فإن بعض هذه المكتبات في جامعة المنصورة تحول دورها من تصوير وبيع المذكرات، إلي إعطاء الدروس الخصوصية، حيث قام بعض المحامين والمعيدين وأعضاء هيئة التدريس بإعطاء الدروس الخصوصية لطلبة كلية الحقوق داخل المكتبة، بسعر يصل إلي 600 جنيه (للكورس) في المادة الواحدة، وقد يصل عدد طلبة المجموعة إلي 25 طالبا.