لا يمكن أن تكون صدفة أبداً كل هذه الكوارث التى تتلاحق على الوطن.. ولا يمكن أبداً أن يصدق العقل والمنطق، أن تكون كل هذه الاعتصامات والإضرابات التى وصلت الى حد العصيان المدنى صدفة فليس من المقبول أو المعقول كل هذه الانتفاضات التى تقع هنا أو هناك على مستوى الجمهورية، لقد انتهى الزمن البائد القمعى الى غير رجعة، وأصبح الجميع مطالباً ببناء مصر الجديدة التى تعتمد على الحرية والديمقراطية وسيادة القانون. الآن سيادة القانون تداس بالأقدام والنعال، وهبة المواطنين على مختلف مستوياتهم الفكرية والثقافية ظاهرة أصلت للفوضى والاضطراب وعدم الانتاج، لا يستثنى من ذلك عامة الشعب أو حتى النخبة المثقفة.. فالكل له مطالب ويعانى من قهر زاد على الخمسين عاماً ولا يمكن بين يوم وليلة أن تحل هذه المشاكل المزمنة التى تعرضت لها البلاد طوال عقود طويلة. الحرية والديمقراطية لا تعنى بأى حال من الأحوال تعطيل العمل ووقف الانتاج وتخريب الاقتصاد بهذا الشكل المزرى، فكيف تتحقق المطالب المشروعة من تحسين أحوال الناس وزيادة أجورهم وهم لا يعملون بل يعطلون حركة العمل؟!.. كيف تلبى المطالب ولا أحد يفكر فى زيادة الموارد؟ كيف تأتى التنمية للبلاد التى تحقق مطالب الناس ورفاهيتم بدون عمل وإنتاج؟!.. والحكومة الحالية المهزوزة لا تملك موارد وليس لديها أموال، ولا عصا سحرية تحل بها هذه المشاكل المتراكمة ولا هى تقدر على مواجهة البشر الذين خرجوا من كل فج عميق بالبلاد للتعبير عن مظالمهم بشتى السبل.. لا أحد ينكر على المواطنين حقهم فى التعبير عن المصائب التى تعرضوا لها ولا يزالون يواجهون الأمرين، ولا أحد ينكر أن الآباء والأمهات يواجهون المر يومياً فى سبيل توفير لقمة العيش لأبنائهم، ولا أحد ينكر أنه من حق المواطنين توفير حياة كريمة لهم ولو بالحد الأدنى من هذه الحياة.. لكن كيف يتأتى ذلك بدون عمل وبدون انتاج، وبحكومة مشلولة عاجزة لا تملك شيئاً ولا حتى النصيحة تسديها لهؤلاء البشر!!!... ومن حق المواطنين أن يخرجوا للشوارع وينظمون المظاهرات، لكن ليس من حقهم نشر الفوضى والاضطراب وضياع هيبة القانون واهدار سيادته، واطلاق العنان للبلطجية يفعلون ما يشاءون.. شريعة الغاب مرفوضة فى بلد حديث العهد بالحرية الديمقراطية. وبذلك لا أكون مبالغاً إذا قلت إن هناك محركاً ليس خفياً وإنما معلوم جداً من يحرك كل هذه الاضطرابات، بهدف تعطيل مسيرة الديمقراطية والحرية الجديدة، بل ويهدف هذا المحرك الى العودة بالبلاد الى سابق العهد الظالم البائد، بل بتنا نسمع ترديد تعبيرات مثل «الأمور تحتاج الى حزم وشدة، بالاضافة الى تعبيرات تتباكى على النظام السابق.. كل ذلك يعنى ان هناك من يريد ان ينقض على الثورة سواء من الداخل لتحقيق حلم العودة الى الوراء إن صح التعبير أو من الخارج لتأصيل الفوضى والاضطراب وإسقاط الدولة تمهيداً لتنفيذ المخطط الأمريكى الجهنمى الذى يهدف الى تقسيم مصر.. وفى الحالين كل مرفوض جملة وتفعيلاً.