رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    الهلال الأحمر يعلن رفع قدرات تشغيل المراكز اللوجيستية لأعلى مستوياتها    نتنياهو يتحدث عن وكيل إيراني آخر وإبادة إسرائيل.. ما القصة؟    طلاق مكلف وتعويض قضية ينقذه، كم تبلغ ثروة أسطورة المصارعة هالك هوجان؟    بالأسماء.. مصرع وإصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة في حادث انقلاب بالبحيرة    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    لحماية نفسك من فقر الدم.. 6 نصائح فعالة للوقاية من الأنيميا    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    أكبر من برج بيزا، كويكب يقترب بسرعة من الأرض، وناسا تكشف تأثيره    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    إحباط محاولة تهريب 8000 لتر سولار لبيعهم في السوق السوداء بدمياط    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    طريقة عمل الآيس كوفي على طريقة الكافيهات    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    سليمان وهدان: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    العظمى في القاهرة 40 مئوية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    «هتفرج عليه للمرة الرابعة».. مي عز الدين تشيد بمسلسل «وتقابل حبيب»    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    "صيفي لسه بيبدأ".. 18 صورة ل محمد رمضان على البحر وبصحبة ابنته    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    الخارجية الأردنية: نرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    ترامب ينعي المصارع هوجان بعد وفاته: "صديقًا عزيزًا"    ارتفاع حصيلة القتلى ل 14 شخصا على الأقل في اشتباك حدودي بين تايلاند وكمبوديا    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    سعر المانجو والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    ما هي عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص؟.. القانون يجيب    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    «العمر مجرد رقم».. نجم الزمالك السابق يوجه رسالة ل عبد الله السعيد    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    وكيل النواب السابق: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    محمود محيي الدين: مصر خرجت من غرفة الإنعاش    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    أخبار كفر الشيخ اليوم.. مدرس يهدي طالبتين من أوائل الجمهورية بالثانوية سبيكة ذهبية عيار 24    نتنياهو يزعم أن إعلان فرنسا اعترافها بدولة فلسطين «يكافئ الإرهاب»    وزير الطيران المدني يشارك في فعاليات مؤتمر "CIAT 2025" بكوريا الجنوبية    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان دم.. تونسي
نشر في الوفد يوم 15 - 01 - 2011

في خطابه الثالث منذ بدء انتفاضة "الخضراء"، تعهد الرئيس "المخلوع" زين العابدين بن علي بحزمة إصلاحات. تعهدات كذبتها دماء تونسية سالت على أيدي نظامه.
أثناء الخطاب وبعده، وخلافاً لتعهد بن علي، طارد الرصاص المحتجين ليستمر سقوط الشهداء. صباح الجمعة، احتشد الآلاف أمام مقر الداخلية مطالبين برحيله، متناغمين مع مظاهرات غطت تونس كلها تمزق صوره وتردد: "اعتصام اعتصام.. حتى يسقط النظام".. "تونس حرة.. بن على بره"، في حماية/ حياد الجيش.
قبل خطابه بيوم واحد تناثرت إشاعات عن انقلاب أطاح به، لكنه نفاها عملياً بإعلانه عزل وزير الداخلية. طوال الأربعاء الماضي تواترت الروايات مُجمعة على أنه "بعدما عبّر رئيس هيئة أركان الجيش الفريق أول رشيد عمار عن تحفظه عن القبضة الحديدية التي تُعالَج بها الأزمة، خيّر بن علي رجله العسكري الأول بين مشاركة الشرطة في قمع المتظاهرين بالرصاص أو الإقالة، فاختار الخيار الثاني.. ليحل محله زميله أحمد شبير".
مع (شبير) لم يختلف أداء الجيش الذي نزل الشارع قبل إقالة عمار بيومين. الثلاثاء في محافظة سيدي بوزيد، حيث تفجرت أولى موجات الغضب، نقلت وكالات الأنباء أن جنود الجيش صوبوا رشاشاتهم نحو رجال الشرطة، حين ركض مواطنون نحو شاحنات الجيش للاحتماء بها من مطاردات عناصر (النسور السود) المشهورة بوحشيتها في "مكافحة الشغب". وتروي الأخبار اللبنانية: استقبل الأهالي الجيش بالزغاريد حين رأوه يقف في صفهم. والخميس تورد الجزيرة عن شهود عيان أن المظاهرات كانت تمر في صفاقس أمام وحدات الجيش وتهتف "بالروح والدم.. نحميك يا جيش"، ثم تواصل مسيرتها، وامتلأ اليوتيوب بفيديوهات تلتقط وقوف عناصر الجيش بين الشرطة والمتظاهرين.. لحمايتهم، وعلى (الجزيرة) رأينا، الجمعة، قبلات متبادلة بين متظاهرين وجنود الجيش.
مع تجفيف حوض السياسة، وفق تعبير الأستاذ (هيكل)، انحصرت أطراف اللعبة العربية في: 1 أنظمة تزاوج فيها الفساد مع "النهبمالية".. مدعومة بعصى أمنية باطشة. 2 جيوش.. مُحملة بآمال الإنقاذ. 3 مخزون غضب شعبي.. لا يعرف أحد ماهية "القشة" التي ستفجره، فالغضب التونسي فجره "قلم" على وجه جامعي عاطل، ولم تسبق فيضانه أية مؤشرات.
في تونس رفع متظاهرون رغيف فينو "محترم".. تعبيراً عن الجوع، وتبدو "هيئة" المحتجين العامة أفضل بمراحل من أوضاع معظم المصريين. في تونس أرقام فساد وفقر أقل بكثير، ووحشية شرطة أقل مع "الناس العاديين"، ومستويات تعليم ومعيشة وخدمات أفضل بكثير. لكن الغضب حين تفجر جرف كل شيء أمامه، خاصة مشروعات "بارونات الفساد"، وفي قلبها مشروعات عائلة الرئيس.
"قلة مندسة".. تخرب وتحرق، قالها بن علي منذ خطابه الأول. تعبير متواتر تردده كل الأنظمة العربية، كشف حقيقتها شاهد من أهلها، فهي أتت من داخل النظام الحاكم نفسه.. كما أكد كامل مرجان وزير الخارجية التونسي "المُعلقة" استقالته. تحدث الوزير الذي ربط استمراره بحكومة وحدة وطنية وبانتخابات مبكرة، عن مخطط حكومي مُسبق لحالات نهب.. لتشويه وحرف أي احتجاجات متوقعة. وروى شهود عيان ل(الجزيرة وبي.بي.سي) عن عناصر تأتي في سيارات، يُرجح أنها من الحزب الحاكم، و"تندس" بين المتظاهرين لتحويل تحركاتهم إلى حرق ونهب، وعن "قناصة"، من الشرطة ومن الحزب، تطارد المحتجين برصاصات قاتلة.
نحو حريتها.. قدمت تونس، شعباً ودولة، ما يسمى في الثقافة العسكرية ب"بيان على المُعلم". مُعلم يُبين عملياً لجنوده كيف يتصرفون مع موقف معين. بيان المُعلم التونسي للشعوب العربية، تمخض بدماء 90 شهيداً وأكثر من ألف جريح، وبرماد أقسام الشرطة ومقار الأجهزة الرسمية وحزب السلطة. مساء الجمعة غرقت الدولة في حالة فوضى عارمة، لم تعد تجدي معها تراجعات بن علي. أعلن الجيش حالة الطوارئ.. مجبراً بن علي على مغادرة البلاد.
لا أحد يعلم متى تأتي "القشة" التي تضم روافد الغضب المصري في نهر يجرف خلايا سرطانية تأكل البلد، لكني أكاد أنطق باسم "مُحرك" القلة المُندسة التي سيسربها اللانظام الحاكم بين أمواج غضبنا القادمة.
في تونس بقيت نقاط مياه في حوض السياسة، دفعت الاتحاد العام للشغل لأن ينضم للانتفاضة في ثالث أيامها.. وأن يضبط إيقاع بعضها. ولنشطاء المعارضة والمثقفين.. والمحامين خاصة، بتشكيل لجان شعبية تتعاون مع الجيش في وقف النهب وتنظيم أحيائهم التي انسحبت منها الشرطة.
عناصر القلة المُندسة في تونس.. هي هي في مصر، تحالف الفساد والنهبمالية وعصاهما الأمنية. في القاهرة سيكون الدرس أوجع.. ستُسفك دماء أكثر. فخلافاً لتونس، نحن غارقون في احتقان طائفي واجتماعي. مهددون من ميليشيات بلطجة رباها اللاحزب الحاكم وجهازه الأمني المُنفلت، ممن أفقرهم وشوههم طوال 30 عاماً. بيننا ملايين المحرومين في العشوائيات، ومئات الآلاف من أطفال وشباب الشوارع. هؤلاء من سيحركهم "مُنظم" القلة المندسة.. "وسط" الغضب الآتي.
لم يذهب بيان الدم التونسي الموجع هدراً.. كسر القيد وفتح أفق أفضل للوطن. فهل ننتظر نهر دماء مصري.. ليُفتح مطار القاهرة للمغادرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.