لا توجد إدارة مرور فى مصر لا تخلو من فساد بكل أشكاله وألوانه، فإن خلا من الرشوة، لن يفلت من الواسطة والمحسوبية ومن الشاى بالياسمين. ففى هذه الإدارات التى يبلغ عددها 432 إدارة يعذب فيها المصريون يومياً لاستخراج رخصة سيارة أو رخصة قيادة أو دفع مخالفة مرور وغيرها من المعاملات، ستكون مجبراً على البحث عن واسطة قبل الذهاب إليه أو تضطر لأن «تصَّبح»، ولكن هذه المرة ستصبح على «الباشا» فرد شرطة كان أو أميناً أو حتى ضابطاً لا يكفيه راتبه الضئيل.. فهذا أفضل لك بدلاً من «الدوخة» سبع دوخات ولا تنجز مطلبك أو ينهى معاملتك، و«التصبيحة» فى المرور لا تختلف عن أى تصبيحة أخرى فى المؤسسات والإدارات الخدمية الأخرى التى يعشش فى أروقتها الفساد، فهى تبدأ عادة بكوب شاى أو فنجان قهوة، وتنتهى بهدية ثمينة خلف الكواليس، أما إذا دخلت فى الفلوس، سيتراوح المبلغ ما بين 50 جنيهاً و2000 جنيه، ويتوقف هذا على حسب الحالة والموقف وشكلك الأنيق.. المهم إنك ستقدم «الوينجز» حتى «تنجز». وتخرج من باب الإدارة تلعن مصر والحكومة والمسئولين والشرطة وتكره كل شىء فى حياتك، واليوم الذى أجبرت فيه على اللجوء إلى إدارة المرور وستقسم حتماً لكل من يسألك عملت إيه فى المرور: إنه مفيش أمل.. وأن مصر لن تتقدم طول ما فيها هذا النوع من الفساد الأشد فتكاً من الإرهاب. ولا يختلف فساد المرور خارج أسوار الوحدات والإدارات كثيراً عن حالته بداخلها، قد تفاجأ بمخالفة أنت لم ترتكبها دونها ضابط مرور أو أمين شرطة دون علمك، وقد يوقفك أحدهم ويخترع لك أى مشكلة فى سيارتك أو طريق سيرك أو أى شيء حتى تنجز وتقدم الوينجز، وتلك مشكلة كبيرة يعانى منها سائقو الميكروباص الذين يفاجأون كثيراً بتعمد اصطيادهم وإجبارهم على دفع إتاوات يومياً وإلا يتم سحب رخصة السيارة ورخصة قائدها لأنه للأسف خالف القاعدة المعروفة فى المرور الآن.. ادفع أكتر تمشى أسرع. «الوفد» اخترقت إمبراطورية بيزنس المرور الذى يديره باحترافية عالية المستوى بعض رجال الشرطة وصغار المحامين وسماسرة «المعاناة» يساعدهم فى الصف الثانى نفر من «الحلنجية» و«البلطجية» والمسجلين وأرباب السوابق وغيرهم من الوجوه المنتشرة والمألوفة جداً أمام أقسام وإدارات المرور، فهنا «كله بالحب» يتم إنجاز أى رخصة جديدة ب1500 جنيه فى أقل من 40 دقيقة حتى لو كان صاحبها جالساً فى البيت أولاً يعرف شيئاً عن أصول القيادة وقواعدها، وممكن تأتيك «ديلفرى» حتى منزلك لو «بحبحتها شوية» ورفعت المبلغ إلى 2000 جنيه، أو كما قالوا لنا «كله بالحب يا باشا تخلص الليلة». فى إدارة مرور الجيزة، قضينا خمس ساعات، وتحديداً من الساعة 8 صباحاً إلى الواحدة ظهراً، فلاحظنا حالة من الاستياء والتذمر بسبب تكدس وتزاحم العشرات على «شبابيك» وحدة المرور من أجل استخراج الرخص أو تجديدها. بوجه عبوس لا يخفى استياءه قال بغضب شديد «أمين حمدى» 26 سنة مهندس مدنى: الحكومة بتعاملنا على أننا أثرياء فإذا ذهبت لأى مكان لابد من دفع فلوس بطرق غير قانونية، وإن لم تدفع يتم التعامل معك وكأنك تتسول الخدمة ولتجنب معاناة التسول هذه يلجأ البعض إلى طرق معينة لاستخرج رخصة القيادة حتى لا يضيع يومه فى الوقوف بالطوابير والانتظار ساعات طويلة متنقلًا بين منافذ التعامل مع الجمهور، خاصةً أن أغلب الموظفين لا يجلسون داخلها وإن جلسوا لا يجيبون عن أسئلتك. إلا إذا دفعت العشرة أو العشرين جنيه، فالسؤال حتى أصبح له ثمن. ويضيف أمين حمدى وإن أردت استخراج ما تريدين فى وقت قياسى ودون مجهود، يجب أن تدفعى لأحد أمناء الشرطة أو للبلطجية والسماسرة المنتشرين داخل وخارج وحدات المرور. وقاطعه كل من «حسن عابدين» و«محمود شكري» «عبدالرحمن محمد»،: « كل شيء بثمنه للحصول على شهادة المخالفات أو استخراج الرخصة، وتبدأ الإكرامية من100 جنيه وتصل إلى 1000 جنيه جنيه حسب هيئة ومظهر وسيارة الزبون وفى النهاية قد تحصل على الخدمة أو تقع ضحية عملية نصب وفى كل الأحوال القانون لا يحمى المغفلين». وكشف «مصطفى محمد» 30 عاماً عن أن بعض أمناء الشرطة والمحامين الصغار والبلطجية يفرضون سيطرتهم على العديد من وحدات المرور، مشيراً إلى أنه عندما أراد استخراج شهادة مخالفات فوجئ بأمين شرطة يعرض عليه المساعدة مقابل 120 جنيهاً، ولأنه مريض ولا يستطيع الوقوف فى طابور طويل «وافق على الفور»، ولكنه صدم بعد ذلك عندما جاءه الأمين وأخبره ببأن شهادة مخالفاته تقدر ب1100 جنيه ولكنه سيحاول تخفيضها بحكم علاقته مع المسئولين فى الإدارة، ويضيف «مصطفى» رفضت بالطبع الدفع واستفسرت عن قيمة المخالفة بنفسى فاكتشفت أنها 40 جنيهاً فقط لا غير. مؤكدًا أن شعار المرور فى الفترة الحالية «تدفع أكثر تمشى أسرع». ويشكو «سلطان عوض» 35 سنة: «من أنه انتظر لساعات طويلة منذ الصباح الباكر واقفاً على قدميه فى الطابور لاستخراج رخصة القيادة ولا يتحرك أبداً خوفاً من فقدان دوره، ما أسفر عن إصابته بألم شديد فى قدميه جعله يفكر فى العودة للمنزل، وينوى التردد مرة أخرى على وحدة المرور، ويضطر للانتظار مرة أخرى دوره فى الطابور للوصول إلى الضابط المنوط به إنهاء إجراءات التراخيص». مرور القاهرة عذاب ولا يختلف حال مرور القاهرة عن نظيره فى الجيزة، فالمأساة واحدة والاختلاف الوحيد تغير المكان، فيتفق كل من منصور إسماعيل ومحمد أحمد وفوزى رمضان على أن الحصول على الرخصة يمثل رحلة عذاب لا تنتهى أبداً، وهناك مشاكل عديدة تزعج المترددين وأهمها الازدحام، مشيرين إلى أنهم قضوا أكثر من أربع ساعات فى مرور العتبة بالقاهرة لاستخراج رخصة قيادة، ولكنهم حتى الآن لم يحصلوا عليها. وتابعوا: سألنا أحد الضباط المسئولين: «لماذا لا تسرعوا فى إنهاء الإجراءات للمواطنين لتوفير عليهم عناء الانتظار فكان جوابه «خليك فى حالك». وتدخل فى الحديث «عبدالوهاب السيد»: خدمات المرور مستمرة للساعة الخامسة مساءً، بينما الخدمات المسئولة عن المخالفات تبدأ فى العاشرة صباحاً وتنتهى فى الواحدة ظهرًا، مشيراً إلى أن هذا أمر غير منطقى لأنه يؤدى للتكدس خلال الساعات الأولى، بينما تنقضى الساعات الأخيرة دون عمل تقريباً. فيصل شكل تانى فى فيصل كانت المعاناة أشد وأنكى، ولهذا كانت ملامح الغضب تكسو وجوه كثير من المواطنين، حيث لا تتوافر أماكن للجلوس باستثناء ما يشبه «المصطبة المتسخة» حتى كوب الماء له سعر كالشاى والقهوة، وإن قصدت عسكرى غلبان يقول لك «مش فاضى» اقف فى الطابور لأنه متفرغ تماماً لخدمة البهوات الحاملين الوساطة على حساب الغلابة الواقفين فى الطوابير الممتدة، بطول الوحدة، والمشكلة الأكبر أن الموظفين لا يحترمون المواعيد الرسمية للعمل، لما بعد التاسعة ويستمر لمدة ساعات قليلة قد لا تكفى للحاق طابور الخزنة أو طابور استخراج شهادات البيانات والمخالفات، ويكون مصير المعذبين «فوت علينا بكره». ويحكى «عبدالمحسن مروان» صاحب سيارة ملاكى: «أنه عندما أراد شهادة بيانات المخالفات فوجئ بمخالفات بقيمة 3500 جنيه، منها مخالفتان فى السير عكس الاتجاه والأخرى فى مكان لم يذهب إليه مطلقاً وليس هناك وسيلة لإثبات خطأ وزيف تلك المخالفات لذا قرر العودة لمنزله دون أن يكمل إجراءات الترخيص. ويتفق معه «عبدالحميد محمد»: مشيراً إلى أنه فوجئ مخالفات تعدت الألف جنيه على سيارته، رغم سفره للخارج ورفعها فى أحد الجراجات ولكنه اضطر لدفعها ليتمكن من تجديد الرخصة بعد رفض تظلمه لرئيس النيابة، ويتساءل كيف لا توجد وسيلة لتأكيد صواب أو خطأ تلك المخالفات؟ كوارث فى الوراق من فيصل للوراق نفس المشكلة ويا قلبى لا تحزن ويقولون: المشقة والمعاناة واحدة عند استخراج الرخصة أو تجديد الرخصة القديمة ولكن العذاب يشتد إذا كنت من مالكى الدراجات البخارية، وخاصة المنقولين من وحدة تراخيص العجوزة إلى وحدة الوراق رغم عدم انتمائهم جغرافياً للمكان، بحجة حل مشكلة التكدس، وتقنين عملية تسليم اللوحات بعد تزايد حدة الحملات المكثفة لرجال المرور على الدراجات مما دفع بمالكيها التقدم بأعداد كبيرة وبطلبات تراخيص بالتبعية بأعداد غفيرة. وعن مشاكل وحدة الوراق.. يقول «أكرم محمد» المشكلات عديدة أهمها الزحام والتكدس والزحام أمام شبابيك الوحدة، حيث يضطر البعض إلى اعتلاء سور الوحدة ليتمكنوا من الوصول إلى موظف، وقد ينتهى العمل قبل المواعيد الرسمية ليلحق بزوجته أو بأولاده فى الشغل أو المدرسة، وضياع ساعة على بدء مواعيد العمل صباحاً يقوم خلالها الموظف بشرب الشاى وتناول وجبة الإفطار وقراءة الصحف ومن ثم يتفاقم الزحام والتكدس خاصة بعد تزاحم التوك توك مع باقى المركبات، لكونها الوحدة المسئولة عن تراخيص تلك الشاحنة. العذاب ألوان فى أكتوبر وفى وحدة مرور 6 أكتوبر عشنا معاناة المتقدمين للحصول على الرخصة المهنية، وهنا قالها أحد السائقين بصراحة شديدة ودون خوف أو خجل شعار الوحدة الرشوة وإلا فلن «تحصل على ما تريد»، ورغم أن القانون أجاز الترخيص كل 3 سنوات والتأمين «سارى» لذات المدة لحين تجديد الرخصة، إلا أن الواقع الذى فرضه مسئولو وموظفو الوحدة جعل الترخيص يسرى ل6 أشهر فقط، رغم دفع رسوم وتأمين ال3 سنوات وعلى من يتمسك بالقانون دفع رشوة تسعيرتها 200 جنيه، وينهى السائق كلامه متمنياً أن ينهى إجراءاته سريعاً ليبتعد عن هذا المكان ويتحكم فيه عسكرى يرفع شعار «فتح عينيك تاكل ملبن». ويتفق معه كل من إسماعيل مراد وزكى رمضان وفوزى محمد، مشيرين إلى أنهم توجهوا إلى مقر الوحدة لاستخراج رخصة قيادة، وقبل الدخول فوجئوا بسماسرة يعرضون خدماتهم لإنهاء إجراءاتهم، ولكنهم رفضوا اللجوء اليهم، وفضلوا التعامل مباشرة مع الموظفين ولكن للأسف رغم أنهم اختاروا أن يسلكوا الطريق الصحيح، إلا أنهم بعد عناء طويل وانتظار بالساعات لم ينجحوا فى الحصول على الرخصة، فاضطروا فى النهاية إلى العودة للسماسرة والاستعانة بهم فى تخليص طلباتهم. شهادات صحية للبيع ويحكى «صالح عبدالحميد» رجل فى السبعين من عمره عن قصته مع الشهادات الطبية المزورة، موكداً أنه اضطر لشراء شهادات طبية لإتمام إجراء التجديد للسيارة، ويتساءل كيف لا يلفت نظر الموظف المتسلم الأوراق وشهادات طبية تؤكد أن حالتى الصحية على ما يرام ونظرى سليم 100٪ رغم تجاوزى سن السبعين؟ مشاكل وأزمات وخلاف ما سردناه من خلال جولتنا على بعض وحدات المرور وما لمسناه من تعامل سيئ مع المواطنين، وقفنا أمام مشاكل أخرى، منها اشتعال أزمة منع بعض إدارات المرور تجديد التراخيص الملاكى الخاصة بالسيارة سوزوكى لبعض الملاك، مما دفعهم للتحايل على ذلك رغم مخالفته القانون بالتوجه لتغيير إدارة المرور التابعين لها أو بالتوجه لمحافظة أخرى لا تمنع ترخيص السيارة، من المشاكل الأخرى التى رصدتها جولتنا بشكل مجمل وتكاد تكون متشابهة فى كل وحدات المرور، مشكلة التأمين على سائقى الشركات، حيث يشترطون تحديد حجم رأس المال لكى يتم التأمين وبالتالى تجديد الرخصة. شاى الاصطباحة فى طابور فحص السيارات، يقوم شخص لا يمت رسمياً بصلة لوحدة المرور يقوم بتنظيم اصطفاف السيارات مقابل 5 جنيهات من كل سيارة وعندما تجرأت إحدى السيدات بسؤاله عن مصير ال5 جنيهات قال لها اعتبريها «شاى الاصطباحة». ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهناك سماسرة وبلطجية يبتزون المواطن لكى يركن سيارته فى الشارع لحين دخوله وحدة المرور لإتمام باقى إجراءات الترخيص بإتاوة قدرها خمسة جنيهات. سريحة بالدوسيهات ومن تسعيرة الانتظار، إلى استغلال معاناة وحاجات المواطنين، فينتشر حول إدارات المرور مجموعة من السريحة يقومون ببيع «دوسيهات» الأوراق المطلوبة بأسعار تبدأ من 30 جنيهاً إلى 70 جنيهاً حسب مدة الترخيص إلى جانب «شنط» من ثلاثة ألوان أزرق وأحمر وأصفر تتراوح أسعارها ما بين 20 إلى 25 جنيهاً، فضلاً عن بيعهم الشهادات الطبية المطلوبة للترخيص (باطنة وعيون ومختومة) بسعر 30 جنيهاً لديهم أو من خلال عيادات مفتوحة خصيصاً لتلك الشهادات المضروبة تم توجيهنا لبعضها. تحدث إلينا أحد «البلطجية» فأكد أنه وزملاءه يقومون بتلبية جميع متطلبات الزبون أمام الوحدة وكل بثمنه على حد تعبيره، بدءاً من شهادة المخالفات وتسعيرتها 90 جنيهاً ونهاية باجتياز اختبار القيادة دون اختيار بتسعيرة 1600 جنيه حتى اللوحات المعدنية وأرقامها لها سكة من حيث تميز أرقام بعينها تلك التى من أجلها أقامت وزارة الداخلية مزادات دفع فيها المواطنون آلاف الجنيهات، والميزة هنا ليس فى عدد الأرقام وإنما فى تناسقها وسهولة حفظها وكذلك الحروف. أمين شرطة يتمنى الموت ويعترف: زملائى عايشين على الإكراميات تحدث أحد أمناء الشرطة عن معاناته فى إحدى إدارات المرور بالقاهرة الكبرى، حيث يسكن فى البحيرة ويغادر منزله فى الرابعة صباحاً، ليلحق بالقطار ليصل إلى مقر عمله فى الثامنة صباحاً، مشيراً إلى أنه فى بعض الأحيان يفوته القطار ويضطر آسفاً إلى اللجوء للميكروباصات التى عادةً ما تكون أسعارها مرتفعة، مشيراً إلى أنه ينفق يومياً حوالى 35 جنيهاً على المواصلات، رغم أنه يعمل منذ 14 عاماً فى المرور وراتبه لا يزيد عن 2500 جنيه، ويقول: لي ثلاثة أبناء وعندما طلب نقله إلى وحدة مرور بالقرب من مسكنه بدلاً من معاناة السفر اليومى «رفضوا طلبه» ، موكداً أنه يتمنى الموت بدلاً من هذا العذاب الذى يشعر به يومياً وابتعاده بالساعات عن أولاده الذين لا يستطيع رؤيتهم بالأيام. وتابع : نأخذ 12 مرة فى الشهر «نوباتجية» ونسهر 24 ساعة متواصلة، ونخشى النوم خوفاً من الجزاءات، ولكن الضباط على النقيض تماماً فهم لا يتقيدون بالمواعيد المحددة فى «النوباتجية»، علاوةً على معاملتهم بطريقة آدمية وطلباتهم جميعها مجابة، عكس أمناء الشرطة أو العساكر الذين يتم اعتبارهم «أفراد درجة تانية من قبل المسئولين». وأكد أنه لو عاد به الزمن مرة أخرى لاختار أى مهنة غير المرور، بسب مشاكل والعذاب الذى نعشيه يومياً ولا يقدر أحد ما نفعله، مشيراً إلى أنه دائماً خارج المنزل ولا يستطيع الجلوس مع أفراد عائلته كأى شخص طبيعى. وعن الرشاوى يقول: الإكراميات منتشرة جداً فى إدارات المرور والمسئولين يعلمون بهذا الأمر، ولكن يتركون أمناء الشرطة والعساكر «تسترزق»، على حد تعبيره، معترفاً بأنه قبل مرة واحدة فى حياته رشوة عندما كان يؤدى عمله فى إحدى إشارات المرور، وقام بعمل مخالفة لأحد السائقين ولكنه عرض عليه مبلغاً مالياً مقابل شطب المخالفة ووافق على ذلك، ويضيف الأمين: ولكنه بعد وصولى إلى منزلى فوجئت بمرض زوجتى التى كانت حاملاً فى ذلك الوقت، مشيراً إلى أن والدته وبخته كثيراً عندما علمت بقبوله هذه الرشوة وأبلغته انه «أخد مال حرام» لذلك ربنا عاقبه، فبكى وعلى الفور وضع الأموال التى أخذها من السائق فى مسجد، وأقسم على أنه «لن يأخذ رشوة بعد الآن». سائقو الميكروباص يصرخون من الإتاوات ليس المواطنون وحدهم المتضررون من إدارات المرور، ولكن وصل الحال إلى سائقى الميكروباص والنقل الذين يشكون سوء معاملة أفراد الشرطة، علاوةً على فرض غرامات «إتاوات» عليهم دون حق فى كثير من الأحيان. ويروى «بسيونى محمد» سائق ميكروباص، أن خط سيره يبدأ من منطقة كرداسة إلى السيدة زينب، وأثناء قيامه كعادته بتوصيل الزبائن، أوقفه أحد رجال المرور وفرض عليه غرامة مالية تقدر بحوالى 120 جنيهاً، ولكنه كتب فى الإيصال 40 جنيهاً، وعندما سألته عن باقى المبلغ «أهاننى بشدة وصرخ فى وجهى وقام بتمزيق الأموال أمامى، موكداً أن أوراقه سليمة، فخط السير لم تنته مدته، ورخصته موجودة، ولكن هذه الأفعال اعتادوا عليها من بعض رجال الأمن». وتدخل فى الحديث سائق آخر، قائلاً: ضباط المرور والعساكر يقومون بعمل دوريات كل فترة، لجمع الأموال من المواطنين دون وجه حق، ولا نستطيع إثبات أن هذه الأمور كيدية وغير قانونية، ففى النهاية «الحكومة .. هنروح نشتكيهم لمين غير ربنا».