«نافق تجد ألف مرافق».. أصبح هذا المثل شعار المصريين فى الآونة الأخيرة، فلم تعد نفوس البشر نقية كالسابق، واختفت معايير القيم الأخلاقية وتبدلت الأحوال فأصبح النفاق الدرب الذى يسلكه الغالبية العظمى من الناس ليصلوا إلى أهدافهم. ويُعد النفاق من أخطر الأمراض التى تغلغلت فى نفوس المجتمع المصرى، وأصبحت ظاهرة، برغم أن الإسلام جرّمه وحذر الله منه، فقال فى كتابه العزيز: «إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار». «فساد العلماء من الغفلة، وفساد الأمراء من الظلم، وفساد الفقراء من النفاق».. جسدت تلك الحكمة، حال المصريين فى الفترة الأخيرة، فلم يقتصر الفساد على الأمراء فحسب وإنما شمل الفقراء، الذين لجأوا إلى النفاق لتسيير أمورهم. تسببت سوء الأحوال الاقتصادية، وانتشار الفقر، فى تغول النفاق فى البلاد، فأصبح واجبا على الموظف أو العامل تجاه رب عمله من أجل الحصول على مكافأة، أو حتى كف الأذى عنه. أصبح النفاق أسلوب دولة فحتى أصحاب المناصب الرفيعة والمرموقة ينافقون رؤساءهم لأن كلمة الحق اصبحت تؤذي صاحبها فالجميع يلجأ إلى النفاق لكى يصل حتى بعض الدعاة صاروا ينافقون ليتماشوا مع مجريات العصر ويكسبوا محبة الناس. ويُعد الفساد هو السبب الرئيسى فى انتشار ظاهرة النفاق فى المجتمع، فيلجأ المواطن إلى انتزاع حقوقه بالكلام المعسول بسبب الفساد الإدارى الذى لا يحاسب الموظفين بكفاءتهم فيدفعهم إلى اللجوء إلى المجاملات المبالغ بها من أجل نيل المكافآت والمناصب الرفيعة، حسب الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية. وأضافت فايد، أن الأسرة يقع عليها عامل كبير فى تفشى ظاهرة النفاق حيث إن رؤية الأبناء لوالديهم حينما يقومان بانتهاج النفاق من أجل الحصول على بعض الامتيازات تجبرهم على الاقتداء بهم، معتبرين أن ذلك هو السبيل لتحقيق رغباتهم. مشيرة إلى أن ذلك يدفع الأبناء إلى القيام بالإطراء على معلميهم من أجل الحصول على درجات عالية. وناشدت فايد، ضرورة تصحيح المفاهيم الخاطئة عند المواطنين بأن النفاق هو السبيل الوحيد لتحقيق مصالحهم وذلك عن طريق إعادة هيكلة منظومات العمل وغيرها لتقوم بمنح المكافآت والامتيازات بالكفاءة وليس بالكلام المعسول والنفاق الذى لا يجدى.