أكد شيوخ ورجال دين أن نفاق الحاكم أياً ما كان حرام ومرفوض شرعاً لأنه يجعل المسئول يكف عن مواصلة عمله وحل مشاكل المواطنين لأنه يشعر بهذا المدح والاطراء أنه يسير في الطريق الصحيح بالرغم من أن البلاد قد تكون تمر بكوارث كبيرة كما كانت في العهود السابقة.. مشيرين إلي أن أبرز مثال علي ذلك ما حدث للرئيس المخلوع حسني مبارك. وأوضحوا أن دور العلماء وأهل الخبرة هو نصح الحاكم وإسداء الرأي الصحيح حتي تساعده في حل الأزمات التي يعاني منها المجتمع، وتقويمه في حالة إعوجاجه عن الحكم الرشيد، مطالبين بعدم نفاق الحاكم حتي لا ينزلق إلي طريق الفساد. قال الشيخ يوسف البدري: التصريحات التي يطلقها بعض الشيوخ بتأييد الرئيس محمد مرسي وبأنه مؤيد من الله هي نفاق سياسي نهي عنه القرآن الكريم لأن الحاكم في الإسلام هو الذي يحفظ الدين علي المسلمين ويحكم بأحكام الشرع ولا يحتاج إلي مدح ولكنه يحتاج إلي نصح وتقويم عندما يسيء. وأكد البدري أن الحاكم أياً ما كان سواء كان رئيساً للجمهورية أو ملكاً أو إمبراطوراً أو سلطاناً لابد ألا يستجيب لمثل هذه المدائح والاطراءات لأنها قد تغرر به وتجعله يسلك طريق الفساد والهلاك كما فعل الرئيس السابق حسني مبارك. وأشار إلي أن العالم يجب ألا يكون مادحاً بل لابد أن يكون ناصحاً أميناً يبصر الحاكم بما تحتاجه الرعية وما تتطلبه شئونها حتي يتم صلاح المجتمع وتقويمه بالإضافة إلي أن المدح والثناء قد يجعلان الحاكم يصم أذنه عما تعانيه الأمة وهذا يخالف شرع الله. ولفت إلي أن دور العلماء يكمن في توضيح المشكلات لجميع المسئولين وليس الحاكم فقط وإلقاء الضوء عليها ووضع حلول لها كما هو متبع في أغلب دول العالم دون أن تكون لديهم النية للسعي وراء منصب أو جاه. وتساءل البدري ما الذي جعل الشيخ وجدي غنيم يعرف أن مرسي مؤيد من الله أم لا؟!.. هل فتش في النوايا أم أنه رجل مكشوف عنه الحجاب ويعرف من المؤيد ومن غير المؤيد من الله؟!.. مشيراً إلي أن هذه التصريحات تعبر عن مدي جهل قائلها وعدم إدراكه لما يقول أو وعدم فهمه لصحيح الدين الإسلامي الذي ينصح بالابتعاد عن الشبهات وأكبر مثال علي ذلك ما قاله سيدنا عيسي عليه السلام لله سبحانه وتعالي: «تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك أنت علام الغيوب». وقال الشيخ محمد البري الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: هذه التصريحات تعتبر مرسي مؤيداً من الله وأن الداعين للخروج في مظاهرات ووقفات احتجاجية ضد مرسي بعد انتهاء ال100 يوم أفاقون وعلمانيون وليبراليون يناطحون السماء بضلال وافتراء كاذب علي الله سبحانه وتعالي. سيدنا أبوبكر الصديق قال: «إن أحسنت فأعينوني وإن أساءت فقوموني».. كما قال سيدنا عمر بن الخطاب: «لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها».. ومن ثم فإن خلفاء رسول الله صلي الله عليه وسلم كانوا يطالبون الناس بأن ينصحوهم ويقوموهم عن الفساد فكيف نحن الآن نمدح الرئيس ونتهم المتظاهرين بأنهم مارقون؟!.. أليس هذا مظهراً من مظاهر التخلف؟!.. مؤكداً أنه لا أحد يجب أن يتم مدحه سوي الله سبحانه وتعالي لأنه خالق الكون ولا يخطئ أبداً.. أما البشر فهم خطأوون. وأضاف: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا تقطع عنق صاحبك» أي بالمدح، وقال: «اجثوا في وجوه المداحين التراب» وهو ما يؤكد أن الذين يمدحون مرسي إنما يقطعون رقبته. وقال الدكتور عبدالغفار هلال أستاذ أصول الدين بكلية دارالعلوم: إن تصريحات الشيخ وجدي غنيم بأن مرسي مؤيد من الله إذا كان هدفها تهدئة المواطنين حتي يلتقط البلد أنفاسه ويسير في الطريق الصحيح فمرحباً بها أما إذا كانت بهدف التقرب من مرسي وتسليط الضوء علي شخصية غنيم إعلامياً فهذا يعد نفاقاً سياسياً مرفوضا شرعاً لأن النفاق معناه هو أن يتلفظ المرء بألفاظ علي لسانه تختلف عما يبطنه في قلبه. وأشار إلي أنه يجب علي جميع الشخصيات المشهورة في المجتمع علي اختلاف مشاريعها بالإضافة إلي الشخصيات التي تتمتع برؤية ولديها قبول لدي الشارع المصري أن تنصح الرئيس وتطالبه بتحقيق مصالح المواطنين وتلبية مطالبهم وأن تشيد بالحاكم إذا أصاب وتقومه إذا أخطأ. وأوضح أن الرسول محمد صلي الله عليه وسلم ومن بعده أبوبكر وعمر كانوا يرفضون المدح والإطراء حتي إن أبوبكر قال عندما أصبح خليفة المسلمين: «إني وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني».. فقال له عمر بن الخطاب: «لو وجدنا منك إعوجاجاً لقومناك بسيوفنا».. وهذا أكبر دليل علي أن الحاكم يجب ألا يُمدح ولكن أن يتم تقويمه في جميع الأحوال من أجل مصالح الرعية. وقال: روي محمد بن يزيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعاً: «إن أناساً جاءوا إلي جدي عبدالله بن عمر فقالوا له إنا ندخل علي سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم به إذا خرجنا من عندهم» فقال لهم عبدالله: «كنا نعد هذا نفاقاً في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم». وطالب هلال غنيم ومن علي شاكلته بألا ينافقوا مرسي لأن ذلك فيه خراب ودمار للأمة بأكملها وأن البلاد تحتاج إلي إصلاح وليس إلي تأليه الحاكم وصم آذانه عن مشاكل المواطنين ومن ثم يفسد كما فسد الأولون. من ناحية أخري أجمع سياسيون علي أن نفاق الحاكم بقصد التقرب منه أو من الحزب الذي ساعده في الوصول للحكم أمر مرفوض سياسياً ولا تقبله قواعد اللعبة السياسية.. وأن الذين يتقربون من المسئولين بهذه الطريقة يعانون نقصاً ومرضاً يهدد المجتمع بخطر كبير جداً وتساءلوا: هل السماء تمنح هؤلاء الذين يطلقون التصريحات بأن مرسي مؤيد من الله تفويضاً حتي يتحدثوا باسم الله؟!.. ثم أن مرسي يؤدي عملاً عاماً ومن ثم يجوز الخروج عليه ومعارضته في حالة عدم إصابته وتحقيق مصالح المواطنين البسطاء. وقال الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق والمرشح الخاسر في انتخابات رئاسة الجمهورية: إن تشبيه الرئيس محمد مرسي بأنه مؤيد من الله ولا يجوز المساس به نوع من التخريف والهلوسة وعدم إلمام صاحب هذه التصريحات بما يقول لأن الرئيس أياً ما كان قدراته ووطنيته وحرصه علي تحقيق مصالح المواطنين ونهضة البلاد فهو في الأول والآخر بشر يخطئ ويصيب ومن ثم فإن الاشادة وليس المدح يجب أن يكون علي قدر العطاء. وأشار إلي أن مرسي لم يمر علي توليه منصبه 100 يوم وأن ما حققه جيد إلي حد ما وأنه يحاول أن ينجز أشياء كثيرة ويطهر الدولة من الفساد ومن ثم يجب مساعدته عن طريق كشف مواطن الفساد وليس عن طريق كيل المديح واتهام المتظاهرين الذين يطالبون بحقوقهم بأنهم مارقون. وأوضح الأشعل أن وجدي غنيم يعاني سهولة واسهاباً في الكلام ومن ثم يجب ألا يتم التركيز في تصريحاته التي غالباً ما تثير أزمة في جميع الأوساط خاصة أن البلاد في مفترق طرق وتحتاج إلي التعاضض والتكاتف وليس إلي الفرقة والاختلاف. ودعا الأشعل الشيوخ الذين يحذون حذو غنيم بأن يركزوا فيما يعملون ويتركون الرئيس مرسي يعمل في صمت لأنه يبذل مجهوداً جيداً والبلاد في أمس الحاجة إلي ذلك ونحن حتي نساعده علي زيادة هذا المجهود يجب ألا نمدحه وننافقه. وقال السياسي أحمد بهاءالدين شعبان: إن تصريحات غنيم بأن مرسي مؤيد من الله تخاريف لا أساس لها من الصحة وتخالف صحيح الدين الإسلامي وأعراف السياسة وأن اتهام المتظاهرين الذين ينظمون الوقفات الاحتجاجية ضد مرسي بعد انتهاء ال100 يوم الأولي من حكمه بأنهم أفاقون وعلمانيون وليبراليون ويناطحون السماء يدل علي نهج من يتحدث ويدلي بهذه التصريحات. وأشار إلي أن هؤلاء الذين يدعون إلي التظاهر هم الذين جعلوا وجدي غنيم ملء السمع والبصر هو وأمثاله بعد أن كانوا مطاردين من أجهزة الأمن قبل الثورة ومحرومين من أبسط حقوقهم. وأوضح شعبان أن إرساء واضفاء صفة القداسة والتأييد للرئيس مرسي من قبل الله سبحانه وتعالي أمر خطير جداً لأن العصمة والتأييد والقداسة تكون للأنبياء فقط هذا من جانب ومن جانب آخر من الذي أدري غنيم بأن مرسي مؤيد من الله؟! خاصة أنه لا يوجد أحد يطلع علي باطن الأمور والنوايا التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالي. ولفت إلي إضفاء هذه الصفة علي مرسي تسيء إلي الإسلام والدين وتجعله «مطية» لكل حاكم وتسبب أزمة كبيرة للدين لأن ربط الحاكم الفرد ووصفه بهذه الأوصاف يحمل الدين أخطاء هذا الحاكم ويصبح الدين رهينة تأييد مجموعة من السياسيين يتاجرون به لتحقيق أهدافهم وأغراضهم السياسية وهو الأمر الذي يسبب مشاكل كبيرة في المستقبل عندما يثور الشعب علي الحاكم الظالم الذي فشل في حل مشكلات شعبه أو علاج الأوضاع المتردية ومن ثم تصبح ثورة علي الدين نفسه وهي ليست كذلك. وأعلن شعبان عن رفضه الكامل لهذا الربط بين مرسي وتأييده من الله لأن مرسي وصل إلي الحكم عن طريق مساعدة فصيل سياسي يلجأ إلي الدين لتمرير مشروعاته وخططه وليس من حقه أن يتحدث باسم الدين الحنيف لخدمة أغراضه علي النحو الذي فعله ومازال يفعله وجدي غنيم وأمثاله الذين يطلقون من وقت لآخر تصريحات تثير بلبلة وتهدد بفسخ أركان المجتمع ووحدة صفه. وتساءل الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع: هل السماء أذنت لوجدي غنيم بأن يتحدث باسم الله أم أنه صعد إلي السماء وعلم أن مرسي مؤيد من الله ومن ثم أطلق هذه التصريحات؟!.. مشيراً إلي أنه لا يوجد بشر مؤيد من الله إلا إذا كان يتبع خطي الله سبحانه وتعالي. وقال أعتقد أن أهم أمر يواجه مرسي هو حل مشاكل الفقراء والمساكين الذين يعانون أزمات طاحنة وأن مرسي فشل حتي الآن في حل هذه المشاكل إذن لماذا يتهم غنيم الداعين للخروج في مظاهرات بعد انتهاء مهلة ال100 يوم الأولي من حكم مرسي بأنهم مارقون؟! كما تساءل السعيد عن سر تدخل محمود غزلان وخيرت الشاطر في أمور الرئاسة بالرغم من أنهم لا يتولون أي مناصب سياسية أليس هذا يعد غشاً واغتصاباً لسلطة الرئيس؟! مطالباً وجدي غنيم ومن هم علي شاكلته بأن يكفوا عن تصريحاتهم المتخلفة ويتكاتفوا مع القوي السياسية لتحقيق مصالح البلاد والعباد.