مجدى العفيفى (1) علي طريقة »هب أنك دخلت جهنم فصفها« يحدثنا طائفة ممن يعتلون أسطح الفضائيات ويحتلون الشاشات، ويحتالون علينا بألقاب مجانية شتي، فهذا »داعية« وذاك »شيخ« وهذا »عالم« و»علاّمة« و»مفكر ديني« و.. و.. ما دون ذلك ، وما هم بشيوخ ولا علماء ولا دعاة ولا أئمة، انهم بما يقدمونه، وهم يسطون علي الكتب التراثية - بلا حياء أو خجل - أخطر من تجار السموم والمخدرات، يبيعون الأوهام والخرافات والأساطير علي شاكله »المطر دموع الملائكة في السماء«! يغرفون من الكتب الصفراء التي يرصونها وراء ظهورهم في مكاتبهم المنزلية ايحاء بأنهم مثقفون ومطلعون، ويرهبوننا بأسماء ومسميات، قال فلان، وقال علان، وهم بذلك يغتالون الزمن، ويتحجرون عند فترة زمنية بعينها. (2) إنهم لا يطرحون أفكارا جديدة، ولا يتعاملون مع العصر بأدواته المعرفية والبحثية التي تفوق أدوات السابقين بمسافات ضوئية، انهم يعرضون علينا صورا شاهدناها من قبل آلاف المرات، ويسيرون في طريق تعبنا من السير فيه، وإن خرجوا شطوا وشطحوا وإذا بهم يكفرون المجتمع والناس استجابة لمقتضيات الظهور الاعلامي الفج، وحتي يظلوا في المشهد بأي شكل وبأي وجه وبأي لسان، وألسنتهم تقطر سمَّا. (3) وخذ مثلا.. كمية الحقد الدفين، والفظاظة التي أطلقها »وجدي غنيم« الذي يزعم انه »داعية« ويحسب نفسه »نجما محبوبا« تسبل له العيون وتخر له القلوب سجدا ولروائعه الفكرية التي لم يحققها الأولون ولن يأتي بها الآخرون إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهو ينفث فحيحه في المثقفين والمبدعين والأدباء والفنانين ، إذ يصفهم بأنهم »الفاسقون الفجار«(!!). بعد لقائهم برئيس الجمهورية وزاد علي ذلك بقوله الموثق صوتا وصورة »إنني مستاء جدا من لقاء الرئيس بمن يسمون الفنانين« و»انه لم يكن يليق برئيس الجمهورية أن يلتقي هؤلاء الأشخاص« و»إذن يحق لقوم لوط أن يطالبوا بأن يجلسوا مع الرئيس إذا كان يجلس مع كل الطوائف« و»ساعتان من وقتك يا سيادة الرئيس كان أولي بك أن تجلس مع اخوانك من ضباط الشرطة الملتحين، وأن قول الرئيس انه مع الفن ليس معناه أن يواصلوا العري لأن هؤلاء الأشخاص يفهمون الرسائل خطأ«. أرأيتم هذا النفاق أيضا؟ أرأيتم التعصب؟ أرأيتم المساواة مع قوم لوط؟ شيء من الحياء أيها الرجل! (4) وإليكم هذا »العلاَّمة« المسمي ب د.عبدالله بدر الذي يرجم النساء باتهامات بشعة أقلها الزنا وممارسة الفحشاء، ولا دليل لديه ولا برهان، كلمات أطلقها دخانا في الهواء وزوبعة في فنجان مقلوب، اذ كيف - أستاذ التفسير وعلوم القرآن - يثرثر بهذه الشتائم واللعنات ويسب ويقذف بحجارته علي خلق الله، ثم يدعي أنه مفكر وأستاذ وعالم(!!!). وخذ مثلا »أحمد عامر« الذي يحفظ المشاهدين القرآن ويعلمهم أصول القراءة(!!!) يترك كل قضايا المجتمع وهمومه وعذاباته ليتفرغ مطالبا بتنقية العلم ومحو شعار النسر ووضع لافتة لا إله إلا الله محمد رسول الله مستثمرا المشاعر الدينية ومتأكدا أن لن يعترضه أحد(!!!). إن سلوكيات هؤلاء وغيرهم كثر، يستحضرون ما قاله الامام الغزالي قبل أكثر من ألف عام وهو يصب غضبه الموضوعي علي علماء السوء الذين هم علماء الدنيا والشهرة والزينة، إذ يقول ما أشد حماقة من تدخل العقارب بيته وهو يبحث عن مذبة يطارد بها الذباب(!!) تصوروا هذه المفارقة! لقد هزمنا المشاكل، والدنيا صارت نعيما والحياة »بمبي« وكل شيء علي أحسن حال، ولا هموم لدينا ولا قضايا تؤزنا أزا، ولم يعد أمامنا إلا محو النسر، ومهاجمة المبدعين الذين يعيثون في الأرض فسادا ويفسدون أخلاقنا بأعمالهم الفنية! واسمحوا لي أن أحيل حضراتكم علي الملف الثاني من »ملفات التنوير« في هذا العدد. واقرأوا بعد صفحتين، الآراء المنيرة والرؤي المستنيرة لثلة من رجال القضاء، في هذا الشأن، وكل جملة منهم تساوي ألوف الصفحات والمساحات التي يصدعنا بها أولئك »الشيوخ« المتاجرون بالدين والدنيا أيضا. ويبدو أن لقاء الرئس بالمبدعين قد اوجع قلوب( المستشيخة مظاهرهم ) خاصة ان من بين المثقفين قامات كبيرة مثل الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي وفاروق جويدة وعادل امام وغيرهم، كأن يقول عبد الله بدر راجم الفنانات " كنا ننتظر أن يساند الرئيس مرسي شرع الله بدلا من أن يساند الفن والابداع"(!) وكأن يفرط علينا حازم ابو اسماعيل مطالبا- بكل استغلاق أفق باغاء قصور الثقافة والثقافة الجماهيرية دعما لميزانية الدولة(!) وطالت شتائم المتمسحين بالدين نجوم الاعلام وخذ مثلا ما قاله وجدي غنيم عن الاعلامية الكبيرة د.هالة سرحان في مداخلة تليفونية باحدي القنوات (الوهابية) التي تبث من القاهرة."مين هي هالة سرحان، بتبيع أيه، فرد عليه خالد عبد الله قائلا: هالة سرحان إعلامية، ابتلينا بها في هذا الزمن، فقال غنيم، أليست هذه الكذابة التي أحضرت 3 فتيات في حلقة عن الدعارة، هذه كذابة ماذا تنتظر منها؟.دع القافلة تسير، هؤلاء يجب أن نقول فيهم ما جاء من قول الله تعالي في سورة النمل "اخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون"، وأضاف غنيم: هؤلاء لا يريدون الطهارة." وأضاف غنيم: لا يجب أن نضعهم في اعتبارنا فهؤلاء أحذية كان النظام السابق يرتديهم في أقدامه، أهكذا أخلاق الرجال ياهذا؟ أما هجاء عبد الله بدر لهالة سرحان :إذا استمروا في هذه السفالات التي يوجهونها للقنوات الإسلامية، ورجال الدين الإسلامي سيجدوا منا ما لا يحمد عقباه وسيكون لنا رد فعل مختلف تماما، "دا كان زمان وجبر" انه الردح اذن يا أستاذ علوم القرآن (5) يا هؤلاء.. ما أنتم بدعاة، وما أنتم بشيوخ، وما أنتم بعلماء.. إن أنتم إلا مجرد شرائط كاسيت و»أوعية« تغلي بحجارة السباب والسب والشتم والشتائم وتجريح الناس في شرفهم وكبريائهم ودينهم، وتكفير أهل الفكر والتفكير. لماذا تكفرون الناس خاصة المبدعين الذين لا يمكن أن ترتقوا الي مستواهم ودورهم في التنوير وبث الوعي، حتي لو ابتغيتم نفقا في الأرض أو سلما في السماء.. ان بين وزنكم وحجمكم وما تبثونه من كلام وبين أعمال المبدعين من أدباء وفنانين مسافات ضوئية! واسمعوا واقرأوا ما سيقوله رجال القضاء العظماء. إنها شهادات حق من رجال يحقون الحق ويدحضون ما أنتم تصنعون أنتم وشركاؤكم واخوانكم في الغي الفكري والثقافي والفضائي والتجاري متاجرون بالدين؟ نعم! متاجرون بمشاعر البسطاء؟ نعم..! متاجرون بكتاب الله؟ نعم..! ولا.. وألف لا.. لمن تسول له نفسه منكم ليقف ويقول أنا الاسلام، وأنا الدين، ويزعم أنه المتحدث باسم السماء، وحامل توكيلات من الله سبحانه!ويل لكم..! انكم بزعمكم تجيئون »شيئا إدّا«. تخدّرون الناس بأقوالكم وبرامجكم وأوراقكم وألسنتكم حداد وحصادها مر ومرير، حتي اذا أفاقوا لفظوكم، وعندي ألف شاهد وبرهان علي ذلك! وأسألوا عمرو خالد الذي يتلاشي. (6) تبثون الجهل بل تضاعفونه وأنتم تعلمون، لكن لا تعقلون، وتنشرون الوهم وأنتم تدركون أن بضاعتكم ترد اليكم. المجتمع الآن.. يحتاج الي كل ومضة تنوير صادقة صادرة عن فكر حي واقعي، فكر علمي واقع ومن واقع وليس فكرا ميتا مأخوذا عن أموات، يميت القلوب الحية. المجتمع الآن.. في صحوة فكرية قادرة علي فرز الغث من الثمين، فلا تتخذوا ضدها ما يصيبها بالكسل العقلي، إلا العقل.. لا تعبثوا به أيها المدعون بالحق الديني الوهمي.. انه العقل الذي أقسم به الله العظيم في حديثه القدسي »بعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أشرف منك، بك أثيب وبك أعاقب«. المجتمع الان.. ينبض بالحياة والحيوية، ليركض في الأفق الجديد، فلا تلوثوا الأجواء التي يحلق فيها، وكفانا تلويثا سمعيا وبصريا وفكريا ووجدانيا وسياسيا وحزبيا وفضائيا ودعويا! المجتمع الآن.. يشمخ وقد تهيأ فلا تشدوه الي الوراء، والكثير منكم يدعي أن له فكرا تقدميا لكنه مربوط بألف خيط وقيد في ثقافة التخلف، كفانا تخلفا ورجعية، كفانا استسلاما وانهزامية، كفانا بكاء علي الأطلال والوثنية، كفانا توهانا في عصر الاستعارة، كفاكم بغضا وتبغيضا للانارة والاستنارة!! (7) نريد تفكيرا.. وتريدون تكفيرا..! نشتاق تنويرا..! وتشتاقون إظلاما! نتشبث بالحياة..! وتتشبثون بالفناء..! لكنها الثنائيات.. وقانون الزوجية.. وفلسفة المتقابلات.. وصراع الأضداد. اعلموا أيها المكفرون.. أن المخلوق في تفسيره ليس أدق من الخالق في تنزيله، فلماذا تعكسون المعادلة.. انها لديكم لعبة الفهلوة والمقصلة! لكن هيهات! فالصراع بين القديم والجديد، لابد أن سينتهي لصالح الجديد!.