«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحلقة من ملفات التنوير
.. ويظل التنوير مستمرا
نشر في أخبار اليوم يوم 27 - 01 - 2012


د. جابر عصفور/محمد نور/د. عادل عامر/ د. حسن على
رجال الفكر والإعلام والسياسة يطالبون »أخبار اليوم« بمزيد من ملفات التنوير
المجتمع الآن يحتاج الانتقال
من »حالة التثوير«
إلي »هالة التنوير«
نعم.. التنوير لا يتوقف حتي لا يغتنم الظلام الفرصة ويغتصب النور، والتنوير هو احد أهم وأقوي شفرات استراتيجية "أخبار اليوم" في المبني والمعني والرؤية والأداة، وفي مساراتها الاجتماعية والمجتمعية بالذات التي جعلتها متزامنة ومقترنة بالمجتمع والناس، وهو ما يجمع عليه أهل الذكر في الفكر والثقافة والسياسة والصحافة والأدب والفن، مؤكدين أن دور (أخبار اليوم) في احتواء التحولات الثورية التي يمر بها المجتمع المصري، هو دور أساسي وتأسيسي، منذ بداية المد الثوري في عام 1952 مرورا بكل النقلات الكبري في تاريخه الحديث، وصولا الي 25 يناير 2011 مشيرين إلي أن المجتمع أصبح في أمس الحاجة الي ( هالة التنوير) بعد (حالة التثوير) التي يعيشها ولا تزال في عنفوانها المستمر. ويصفون (ملفات التنوير) التي طرحتها (أخبار اليوم) في الأسابيع السبعة الماضية - عبر الصحافة الاستقصائية التي أصبحت أرقي أنواع الصحافة في العالم علي حد تعبيرهم - هي ومضات صحفية وفكرية واجتماعية في طريق الأمل لتبني مشروعا قوميا يلتف حوله المجتمع بكل أطيافه وشرائحه، سعيا الي الاستقرار والعطاء .
ويطالبون وسائل الإعلام عامة، وأخبار اليوم خاصة، بنشر وبث المزيد من الوعي في شرايين المجتمع، مساهمة في المرحلة الجديدة التي يتهيأ لها وصولا الي حياة الحرية التي حرمنا منها زمنا طويلا، وتحتاج المواجهة والمواكبة معا للحفاظ علي ما تحقق من منجزات وإن كانت نسبية حتي الآن، مشيرين إلي ضرورة مواصلة طرح قضايا المجتمع وفتح المزيد من الملفات التنويرية من زوايا سياسية وإصلاحية ورياضية وثقافية واقتصادية وفي كل المسارات التنويرية بشكل عام.
القراء.. أولا
المروي لهم والمسرود لهم في هذه الملفات وغيرها من إضاءات أخبار اليوم الساطعة في استراتيجيتها، هم جمهور القراء في المقام الأول، ومن ثم فقد تراوحت ردودهم التي وصلتنا عبر الوسائط المتعدة، حول فكرة التنوير، في حد ذاتها، شريحة منهم قال أصحابها أنهم يفضلون منح الفرصة لأصحاب التيارات الدينية لنري ماذا يفعلون من خلال الأحزاب التي يمثلون لها مرجعية في مجلس الشعب، ومن خلال برامجهم الحزبية التي أعلنوا عنها، ومن خلال الآراء التي وردت في ملفات أخبار اليوم الستة، وأنهم ليسوا في حالة خصومة مع المفكرين والمبدعين وليسوا ضد المرأة علي خط مستقيم، ويري أصحاب هذا الاتجاه أنه علينا أن ننتظر ونتبين ونتثبت قبل أن نحكم عليهم.
وشريحة ثانية من القراء تري أنه لا فائدة من الانتظار حتي تستقوي التيارات الدينية، ونصبح أمام (أمر واقع) خاصة أن آراءهم متلونة، وغير صريحة، وكل فصيل يدعي أن تصريحاته تفهم خطأ، وأنهم يطبقون مبدأهم ( الصبر حتي التمكين)، وأنهم يتغيرون ويتبدلون حسب الأحوال، فقد رأينا آراءهم في السياحة غاية في الغرابة، حتي أن بعضهم صرح علانية أنه يريد اختطاف الفتيات ذوات المايوهات البكيني من الشواطئ، وأنهم ضد هذا النوع من السياحة، بل أنهم يتلونون، فيقبلون اليوم ما رفضوه بالأمس.
وشريحة ثالثة تري أن الصراع بين القديم والجديد ينتهي لصالح الجديد، وهذه هي سنة الحياة، فلا خوف من الذي يريدون شد المجتمع الي الوراء، والعودة بالمرأة الي عصر الحريم، ولا قيود علي الإبداع والمبدعين، فلا رجوع بعجلة التطور الي الخلف.
وهناك شريحة رابعة (يائسة) من كثرة القول بلا فعل، وأنهم ملوا من الوعود الوهمية، لا أحد يسمع أحدا في الزحام، بل يشفقون كثيرا علي الصحف والفضائيات والكتاب والمتحدثين من كثرة ما يقولون، فلا جهات تنفيذية تأخذ ما يطرح من أفكار ودراسات ومشروعات من أهل الاختصاص، وإن كان بعض أصحاب هذه الشريحة من التعليقات، يكتفون بأن مجرد إثارة الوعي هو تنوير، وتنشيط للتفكير، وهذا في حد ذاته قيمة.
وإذا كانت هذه عينات من الردود والتعليقات الممهورة بأسماء وألقاب متباينة، وأرقام هواتف في رسائل، وآراء سمعتها في جلسات حوارية وأمسيات نقاشية.. فماذا يري أهل الذكر في السياسة والفكر والإعلام والثقافة والإبداع الفني؟

النور من صفات الله
في نظرته الكلية للأمور، متخذا من قيمة التنوير مصباحا يشعله حتي في عز الظهيرة ماثلا في عشرات المؤلفات التي وضعها علي رفوف مكتبة التنوير الفكري، يقول د. جابر عصفور: إن إيماني بضرورة نشر أفكار التنوير قائما وراسخا في أعماقي، وهو إيمان لا ينفصل عن إيماني الديني ولايتعارض معه، فأنا ماكتبت عن التنوير إلا من منطلق الوعي بقداسة العقل في موروثي الإسلامي أولا وبحافز الدفاع عن الدولة المدنية والحفاظ عليها ثانيا، وعندما قرأت الكثير مما كتب من فكر عصر التنوير الأوروبي في القرن الثامن عشر، رأيت في جوانب من هذا الفكر أصولا إسلامية، وثيقة الصلة بالنزعات العقلانية في الإسلام،وكنت كلما قرأت في أفكار التنوير الغربي، بعد أن قرأت كثيرا في ميراث العقلانيين المسلمين، أقول لنفسي: هذه بضاعتنا ردت إلينا. ولكن بعد إضافات وزيادات واجتهادات وإنجازات متراكمة، علينا أن نضعها موضع المساءلة، ونفيد منها في كل مايساعد علي تقدمنا الفكري، فالحكمة ضالة المؤمن أنّي وجدها فهو أحق الناس بها، وأن الله يحيي القلوب بنور الحكمة.

وفي منظوره أيضا أن التنوير ليس ضد الدين، وإنما حماية للإسلام السمح من المتطرفين الذين يدعون الوصاية علي غيرهم باسم دين، هو بريء من تقليديتهم الجامدة وتصلبهم المقيت وعدائهم المتصل للعقل، واقتران النور بالعقل والحكمة في القرآن وعند أهل الفلسفة وبعض الائمة.
ويري د. عصفور أن التنويري الحقيقي هو الذي يبدأ من واقعه ومعرفة تراثه، مجادلا بالتي هي أحسن، واضعا أفكاره وأفكار غيره موضع المساءلة، مدركا أن المعرفة البشرية نسبية في نهاية المطاف، وأن هؤلاء الذين تكتسب لغتهم صفات الإطلاق واليقين والجزم هم أبعد الناس عن الحقيقة، والمسافة بينهم وقمع خصومهم أو إرهابهم جد قليلة. إننا نحلم بصياغة حركة تنوير عربية مغايرة، تبدأ من الواقع العربي، مدركة أهمية الدين المتجذر في نفوسنا، والمتجذر في الواقع الذي نعيشه، متطلعين إلي المضي من حيث انتهي أمثال الإمام محمد عبده.

ويتصور د.عصفور أن هذه الأصولية المعادية هي التي أعاقت حركة التنوير في مصر المعاصرة، وفي غيرها من الأقطار العربية، فقد كانت اتهامات التكفير، ولاتزال، قمعية ومربكة، لاتسمح بالتطوير الفكري للحركة وتعميقها، واقتران كلمة التنوير بالنور إنما هو اقتران عربي إسلامي قبل أن يكون غربيا أو مسيحيا رغم اعتراضي علي التمييز الديني في هذا المقام، فهو أمر غير لائق في مجال الفكر الفلسفي الخالص إن اصطلاح التنوير وترابطاته الدلالية تستدعي إلي الذهن مدلولين، أولهما العقل، وثانيهما النور ولكن في تبادل دلالي يرد العقل علي النور والنور علي العقل، فالعلاقة بين الاثنين هي علاقة السبب بالنتيجة ، فالنور من صفات الله عز وجل الله نور السماوات والأرض ومن مسميات العقل الإنساني.
كل حركة هي تنوير
وينظر د. أحمد شمس الدن الحجاجي أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة القاهرة، صاحب الرصيد السياسي والفكري الثوري مند بداية عقد الثمانينيات تحديدا حين قاد مظاهرات الجامعة، وفي محاضراته ومؤلفاته، الي قضية التنوير بمنظور يتجاوز الإطار الضيق، حيث يري أن كل حركة إلي الأمام هي تنوير، فالتنوير فعل وسلوك، وموقف البعض من الأشخاص المرشحين لرئاسة الجمهورية هو تنوير، وتغيير مواقف التيارات الدينية الآن هو تنوير، والحراك الذي نراه في النت ومواقع التواصل الاجتماعي هو تنوير، والظلاميون، من الظلم، الذين يتخلون عن الظلام والظلم هو تنوير، حتي الذين يريدون أن يطفئوا نور الفكر، يخدمون عملية التنوير من حيث لا يشعرون، وأي شئ يتحرك لضرب التنوير هو تنوير، والشباب الذين فجروا الثورة في 25 يناير هم من صنعوا التنوير، المطالبة بالحرية والديمقراطية وانعقاد البرلمان في حد ذاته هو دور تنويري، فالتنوير استجابة لمتغيرات المجتمع، والإعلام بكافة وسائله مقروءا ومرئيا ومسموعا والكترونيا هو تنوير، حتي بدون قصد منه، الرأي والرأي الآخر، الكلمة الحرة وعكسها، النقد ومقابله، عدم وجود وجهة النظر الواحدة سائدة في المجتمع هو تنوير، والدور الجديد المنتظر للإعلام وعدم تهميشه كما كان في السابق، بالعيون التي تتحرك، والأدمغة التي تفكر، هو تنوير، كيف كنت تتوقع أن يحدث التنوير في ظل التزييف المستمر والفساد الديمقراطي خلال الستين عاما الماضية، لكن إدراك ذلك هو تنوير، أين هذا الإظلام من المرحلة الملكية،عندما وقف العقاد تحت قبة مجلس النواب وقال سنسقط أكبر رأس من خلال هذا البرلمان؟.
ويري د.الحجاجي: أن حاجتنا الي كل حركة تنويرية إحداث التغيير والتطوير شديدة، من هنا ينظر الي الموضوعات والقضايا المثارة علي صفحات (أخبار اليوم) وتتجاور معها كل الدعوات للمزيد من التطوير والتغيير والتنوير الاجتماعي، مسألة غاية في الأهمية لاسيما في هذه الآونة، التي تستدعي ضرورة الفعل أكثر من القول، وتخاطب كل مكونات المجتمع وأطيافه الثقافية وشرائحه العمرية، بأساليب جدية وجرئية ليظل التنوير متوهجا.
صحافة مصرية خالصة
تتجه رؤية أهل الذكر الإعلامي الي المزج بين الذاتي والموضوعي، ينطلقون من الخاص الي العام، فأما الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بجامة القاهرة فيري أن ما تقدمه (أخبار اليوم) هو في قمة سباق الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام عموما، والصحافة خصوصا، في طرح مثل هذه القضايا إنما يمثل آلية للتغيير، وآلية لتدعيم الثقافة المعرفية لقطاعات عديدة من الرأي العام، ولاشك أن الحاجة ملحة للتنوير، مع إدراك الفرق في أن الجمهور متغير، فهو ينمو ويحتاج المعرفة المتكررة والتداخل بين وسائل الإعلام بمعني أن مايكتب في الجريدة، يعرض علي شاشات الفضائيات، و مواقع النت، فتتعدد مصادر المعارف ومجالات التأثير، الأمر الذي يطرح قضية الكلمة الكتوبة التي تتسم بأنها تبقي بما تحمله من موضوعات جادة تجمع بعد ذلك في كتاب، فالكلمة الطيبة تبقي.
وينبه أستاذ الإعلام السياسي الي البعد السلوكي، لدي الذين يحملون دور القيادة السياسية والاعلامية والثقافية والنيابية والبرلمانية والجامعية وغيرها، لابد من تقديم النموذج السلوكي وفي المجال العلمي والعملي والمعرفي، حتي تتناسب المعرفة مع السلوك، هناك فئة غير قليلة تقرأ وتستوعب وتحترم الكلمة الجادة، وتأخذ علي بعض أصحاب الأقلام الاستسهال في الكتابة، سواء في الرأي أم في التحقيق الذي يتناول قضية معينة، هل كل الموضوعات تمثل إضافة معرفية أم أنها من وحي اللحظة؟ هذا يدفع قادة الرأي في المجتمع، وكتاب الرأي في الصحافة، والمتحدثين في الفضائيات، لأن يكونوا أصحاب قضايا حقيقية تعالج بدرجة عالية من الجدية والاستنارة والمعرفة المتكاملة، فقيمة ما يكتب ويذاع لابد أن ينعكس علي مضمون ما يقرأ، وحجم التأثير يتعمق ويتزايد، ويحمل احتراما للمتلقي قارئا أم مشاهدا، وليست الكتابة في شئون حياتية صغيرة والمعالجة السريعة، فالبعض يكتب كما يتحدث.
علي أن من أهم التحديات التي تواجه الصحافة المكتوبة في رأي د. العالم، ضرورة استبعاد البعد الدعائي بالتأكيد علي البعد التنويري الذي يطرح القضايا الجادة ويطور السلوكيات، ومن ثم تتميز دار (أخبار اليوم)، تحديدا، بتعدد الإصدارات وتنوعها، كما تمتاز بأنها صحافة مصرية خالصة، منذ تأسيسها قبل 68 عاما، وطرحت ولا تزال تطرح الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، تساهم في تطوير النسق المعرفي للمواطن، والأهم أيضا حجم الانتشار الواسع والكبير لصحف أخبار اليوم، فهي تضع ثقة المواطن في استراتيجيتها، لذلك فهي صحافة الأسرة المصرية، وهذه الجماهيرية التي اكتسبتها عبر مراحل تطورها تؤهلها لأن تواجه وتواكب التحديات الجديدة، ومن ثم يدعو د.صفوت العالم الي ضرورة مواصلة طرح قضايا المجتمع وفتح المزيد من الملفات التنويرية من زوايا سياسية وإصلاحية ورياضية وثقافية واقتصادية وفي كل المسارات التنويرية بشكل عام.
التنوير التراكمي
تتناغم رؤية الإعلامية د. هالة سرحان، وتتماهي مع خيط فكرة د. صفوت العالم من حيث المزاوجة بين الكلمة المكتوبة والكلمة المرئية لتنوير المتلقي، إذ تقول: إن ملفات أخبار اليوم التي تحتفظ بها ورقيا، تتجاور مع ملفاتها في كل القنوات التي طلعت عليها، وكلها تحاول أن تضع يدها علي موضع الألم (هنا وجع انتبهوا) فالملفات الإعلامية ذات الوزن الفكري تحرض علي التفكير فتفرز نتيجتين: الأولي فورية في شكل صرخة عاجلة ضد حالة فساد، أو استغاثة إزاء واقعة يومية، والثانية هي التنوير التراكمي الذي تشكل عبر سنين طويلة من التثوير، فمن المحال أن تنفجر لحظة المخاض بدون تمهيد فكري مديد، وهو ما فعلته أصوات فكرية وأسماء أدبية وأعمال إبداعية ثورية، ساهمت في تشكيل العقل المصري العام، ولعل ما وصلنا إليه في وهج ثورة 25 يناير هو برهان ساطع علي دور التنوير في حياتنا عقلا ووجدانا.
ملفات استقصائية جريئة
وأما د. حسن علي أستاذ الإعلام بجامعة المنيا وعميد الإعلام في جامعة 6 أكتوبر يقول: أدعو الي المزيد من فتح الملفات من خلال الصحافة الاستقصائية التي أصبحت أرقي أنواع الصحافة في العالم، ومن ثم أصف ملفات (أخبار اليوم) ملفات جريئة تعزف لحنا جديدا مختلفا في الصحافة المصرية، أري فيها قدرا كبيرا من العمق والشمولية، والاقتراب الحميم من نبض الشارع المصري، وفيها جهد كبير في تدقيق المعلومات والأرقام والتواريخ والوثائق والمستندات والبيانات والحوارات.
وفي ضياء ذلك يطمح د. حسن من المنظومة الإعلامية أن تتجاوز حالة الارتباك في المشهد الإعلامي، خاصة أن البوصلة الإعلامية مختلة نتيجة أوضاع استثنائية تمر بها البلاد، الأمر الذي جعل البعض من ضعاف النفوس يستغل الارتباك الحادث لتغليب المصالح الآنية علي مصلحة الوطن، مما يؤدي الي المزيد من الضبابية لدي السواد الأعظم.
علي أنه يري المشكلة الظلامية تكمن في أنه ليس لدينا سياسة إعلامية لا علي مستوي الدولة ولا علي مستوي القطاع العام ولا القطاع الخاص، بمعني أن كل وسيلة إعلامية تسعي الي الإعلان علي حساب المصلحة العليا، بعض الصحف وبعض القنوات التي تمول تمويلا أجنبيا وليس بجهودها الذاتية، وإن كان المتلقي العادي لا يهمه ذلك، لأنه ينبهر بهذه الصحيفة او تلك الفضائية، مع ان اقتصادات المؤسسة الإعلامية هو (سرها الحربي) ومن ثم أقول للمؤسسات الإعلامية ذات الاتجاهات الإسلامية والليبرالية (إياها) اتقوا الله في مصر.
البحث في الأعماق
يتوقف د. أحمد مرسي أمام ملف (أسرار الشخصية المصرية) باعتباره أستاذ علم الفولكلور، ومدير مشروع بيت السحيمي للتراث الشعبي المصري، ذلك أن المأثورات الشعبية في منظوره هي جزء من التيار العام لثقافة المجتمع يستمد بقاءه وتكامله وقيمته من الاستجابة المباشرة لتجارب أفراد الجماعة، ومن الاشتراك العفوي في تجربة الجماعة وخبرتها وامتزاجه بذوقها، حيث ينجح الفرد في التوحيد بينه وبين جماعته وتراثها، وإظهار جوهر الشخصية المصرية وتجلياتها في ابداعاتها الشعبية، هدف كبير يسعي د. مرسي لتحقيقه علميا:في مؤلفاته العديدة، وعمليا: في الإشراف الدقيق علي مشروع جمع وتصنيف وتحليل المأثور الشعبي، ولذلك فهو يدعو وسائل الإعلام كافة، و(أخباراليوم) خاصة باعتبارها أقرب الصحف من الشعب روحا وذوقا، الي تبني مشروع البحث المستمر في أعماق الشخصية المصرية، تأكيدا لقيم الانتماء والولاء لهذه الأرض الطيبة، ولهذا الشعب صاحب الحلم المصري الذي لا يزال قائما، منذ انهيار الامبراطورية المصرية القديمة، فكل القوي التي جاءت بعد ذلك لم تترك مصر في حالها، حتي الآن، ومع ذلك عاش المصري عكس كل الظروف التي فرضت عليه، وعاش يحلم بحياة أفضل.
يضيف عالم الفولكلور أنه لا يوجد شعب في الدنيا لديه هوس إيجابي بالتعليم والعلم والمعرفة، لدي المصري عنصران أساسيان مثل كرات الدم الحمراء والبيضاء، وطول عمره في سلوكه يؤدي وظيفتين: البناء والتعليم، فهو »الباني« و»المعلم«، وعندما تريد أن تضعفه اضربه في هذين العنصرين، وما بين الإبداع المصري الفردي المتمثل في مؤلفاته وكتبه، والإبداع الجماعي المتمثل في مأثوراته الشعبية فإن الإسهام الحضاري المصري لم يتوقف، ولم ينهض أحد بالقدر الكافي بتقييم هذا الإبداع الحضاري صعودا وهبوطا، هناك فترات يتمتع فيها المصري بالحرية، والمشاركة في صنع الحضارة الإنسانية، ان كل عالم ومفكر مصري عمره الحقيقي خمسة آلاف سنة لأن مصر هي صانعة الحضارة، المحافظة عليها، المضيفة إليها) ومن هنا يتساءل د. أحمد مرسي أين الذين زيفوا وعي المجتمع؟ أين الذين زوروا الإرادة السياسية للشعب؟ أين الذين انهار التعليم علي أيديهم فأفسدوا عقل الأمة؟ ويجيب مشيرا الي اللحظة الراهنة: إن حاجز الخوف انكسر، ثقافة الخوف انتهت، ومن ثم نحن نحتاج الي قضية قومية يلتف حولها الناس، ومشروع وطني يتجيشون حوله، لتعقيل وعقلنة الحياة، مستثمرين ارادة التغيير فالعقل يصنعه التعليم والثقافة والإعلام، لابد أن تكون لديك فلسفة واضحة ومحددة لصياغة هذا العقل، والمرجعية هي المستقبل، والشعب المصري قادر علي صنع المعجزات إذا وجد قيادة حقيقية لاتغيب عقله،بالمتاجرة في الكلام، نريد ثورة في التعليم وثورة في الثقافة وثورة في الإعلام، كل هذا يجعلنا نعيد النظر في أمور حياتنا، واضعين في الحسبان أن المشاركة الحقيقية تبدأ من الناس، انهم يريدون تعليما حقيقيا، وثقافة مستنيرة، وإعلاما صادقا فلابد من التنسيق بين الوزارات التي تؤدي رسالة واحدة، وتحقيق التناغم بين هذه الأجهزة من أجل تحقيق رسالة واحدة، ذات فلسفة واضحة تضع في اعتبارها المستقبل وتصل بأجيالها الي المستقبل.
النور لا ينطفئ
محمد نور المتحدث باسم حزب النور، يقول لسنا منغلقين كما يحلو للبعض أن يشيع عنا ذلك، بل إننا ندعو الي التعددية الفكرية والتنوع الحضاري، نحن نسعي الآن لترجمة تغيير السؤال الذي طرحته قبل أسابيع في ملفاتكم التنويرية من: (ماذا سيفعل السلفيون؟) إلي:(ماذا سيفعل المصريون؟)
ويؤكد أننا نتقبل الرأي الآخر والنقد البناء، ونستفيد من كل رأي جاد يدفع الي الأمام، ويحقق المصلحة العامة والعليا لمصر، مشيرا إلي أنهم ليسوا في عزلة عن تيارات المجتمع، يقول: نحن نؤكد في خطابنا الحزبي علي هوية مصر كدولة عصرية بعقول وأياد مصرية، وبناء مصر الحديثة بعقول وسواعد أبنائها.. وقال محمد نور إن حزب النور شارك قبل أيام مع عدد من قوي المجتمع المدني في تأسيس المؤسسة المصرية للمسئولية الوطنية كمؤسسة أهلية مستقلة ومحايدة للدعم والرقابة الشعبية، من أجل أداء راشد لمؤسسات الدولة كي يصبح الشعب ظهيرا لكل مؤسساته رقابية ودعما.وأن هذه المبادرة تؤكد انفتاح حزب النور علي المجتمع أكثر من ذي قبل، وتضم المؤسسة في عضويتها حزب النور وحزب المصريين الأحرار وحزب الوسط وحزب البناء والتنمية وحزب الإصلاح والتنمية وائتلاف الثورة مستمرة، الي جانب عدد من الحركات السياسية مثل حركة إحياء التيار الرئيسي المصري، ائتلاف شباب الثورة، الجمعية المصرية لقانون الأعمال، مبادرة الدائرة الواعية، ومبادرة عيش وملح.وأحزاب أخري أعلنت انضمامها لها، كما تضم مجموعة من الشخصيات العامة مثل د.عمرو الشوبكي، د.عمرو حمزاوي، المستشار محمود الخضيري، د.مصطفي النجار، ياسر الزيات، فاروق جويدة، وغيرهم.
وقال أن هناك أكثر من هدف لهذه الخطوة، التي تأتي تلبية لنداء الوطن، منهااستكمال أهداف الثورة من إنهاء كافة أشكال الحكم الاستثنائي وتحقيق العدالة الانتقالية والنهائية بشأن ملفات الفساد وقضايا قتل وإصابة المتظاهرين، تكليف عناصر برلمانية وشعبية بضمان وجود معايير وضوابط لتسليم السلطة كاملة لسلطة مدنية منتخبة في تاريخ محدد، وقال إنني طالبت بضرورة محاكمة كل من تسبب في وصول مصر لتلك الحالة، داعياً لتشكيل لجنة لجمع الأدلة والحقائق لمحاسبة كل من شارك في إفساد الوطن. وأنه جب أن يشارك الشعب المصري في جمع أدلة الفساد وتقديمها للقضاء والنائب العام لمحاسبة كل من شارك في إفساد الوطن.
أخبار اليوم والتنوير
يشارك د.عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية برؤيته في هذا الطرح إذ يقول:إن (أخبار اليوم) كعادتها دائما كان لها دور في تنوير هذه الأمة، كما كان لها دور في إثراء الرأي العام المصري بالمعلومات الصحفية والعلمية الصحيحة بعيدا عن أي توجهات سياسية أو حزبية تؤثر علي فكر ووجدان القارئ المصري والعربي، فقد كانت لها وظيفة تنويرية من خلال حملاتها التنويرية الدائمة، وأحدثها التي تابعتها علي مدارسة ملفات متتالية، وظيفة اجتماعية متعددة الجوانب، لأنها لاتعمل من فراغ، بل في إطار مناخ اجتماعي متفاعل يتأثر بكل ما يجري من داخله ومن حوله ومهمة الإعلام عامة رصد كل ذلك، والتفاعل معه بالتفسير والحوارات حول قضايا المجتمع وهمومه واستقطاب النخبة من أصحاب الفكر والرأي والمعرفة لتنوير الرأي العام بالقضايا التي تستوجب المعرفة، وخلق حالة تشاركية من الحوار وتبادل الرأي وتناول المعلومات الصحيحة، وقد عكست( أخبار اليوم) مساحة كبيرة من هموم المجتمع وقضاياه وتطلعاته إذ انطلقت من قاعدة فكرية واضحة ومرنة، ورؤي وطنية جامعة وانفتاح يتيح للناس المشاركة في التعبير والرأي والتواصل مع أصحاب الرأي والقرار وقدرة علي القياس والمتابعة الجادة للقضايا المطروحة، بأدوات التوعية والتنوير السياسي والاجتماعي.
إن ل (أخباراليوم) في منظور د.عادل عامر، دورا مرتبطا بالمناخ السياسي السائد وتفاعلاته ومتابعة ما يجري في مصر الثورة، فقد كانت لها جانب مرتبط بتفسير صراع المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل الوطن وخارجه.
ويري د. عادل عامر أن الدور الذي قامت وتقوم به (أخبار اليوم) ليس دورا ناجما عن أحداث دولية وإقليمية، وإنما هو دور يتابع ما سبقه من أدوار، ساهمت في ثورة مصر العظيمة ثورة شعب أراد الحرية بثورة 25 يناير، وتأسيسا علي ذلك يحذر د. عادل عامر من خطورة قتل المناعة الذاتية بممارسة سياسات إعلامية تساهم في عملية القتل هذه، إنما هي ضرب من ضروب الانتحار السياسي في أي بلد، بغض النظر عن السلطة الحاكمة فيه واتجاهاتها، ومن الممكن لما يوصف عادة بنخبة المفكرين والمثقفين والإعلاميين وسواهم من ذوي الغيرة الحقيقية علي الأمة ومستقبلها، أن يعملوا علي ضبط مسيرة التطوّر الإعلامي، بتعزيز الإيجابيات وتلافي النواقص ومواجهة الانحرافات، اعتمادا علي جهود جماعية وفردية، ولكن ليست هذه المهمّة سهلة، إنّما تتطلّب دراسات منهجية، ومخططات محكمة، شريطة المواكبة السريعة في الدراسة والتخطيط والتنفيذ لسرعة تطوّر الوقائع العالمية والإقليمية. وهذا ما تقوم به أخبار اليوم من خلال ملفاتها التنويرية المتلاحقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.