وسط مخاوف من تكرار سيناريو انفصال جنوب السودان عن الجسد السوداني، يشهد إقليم دارفور غرب العاصمة الخرطوم غدا استفتاء ادارياً، يستمر لمدة 3 أيام، لاختيار شكل الحكم بين الإقليم أو نظام الولايات المعمول به حاليا بالسودان. وقال رئيس مكتب اتصال الاتحاد الأفريقي لدى السودان السفير محمود كان انه تم نشر 18 مراقباً افريقياً في دارفور، وذلك في إطار دعم الاتحاد الإفريقي لعملية السلام والاستقرار في السودان، مشيراً إلى أن قرار المشاركة جاء عقب التقرير الذي اضطلع به الاتحاد بعد زيارة وفد منه لولايات دارفور. وكانت مفوضية الاستفتاء الإداري لدارفور قد وقعت مذكرة تفاهم مع وفد جامعة الدول العربية، وذلك لمراقبة عمليات الاستفتاء بكل محليات ولايات دارفور التي تتجاوز ال100 محلية. وأثار الاستفتاء الذي تعتزم الحكومة السودانية إجراءه على وضع ولايات دارفور الإداري، بين بقائها على حالها أو الاكتفاء بإقليم واحد الكثير من الجدل والمخاوف. وأكدت الحكومة السودانية تمسكها بإجراء الاستفتاء كأحد استحقاقات اتفاقية الدوحة الموقعة مع حركة «التحرير والعدالة» إحدي حركات التمرد الكبري في الاقليم، ونفت في الوقت نفسه أن يكون انفصالا عن الدولة السودانية. وزار الرئيس السوداني عمر البشير الاقليم لتعريف مواطنينه بمزايا كل خيار من خياري الاستفتاء، واكدت مصادر مقربة من البشير انه من أنصار الدعوة لنظام الولايات فيما يذهب التيجاني سيسي، رئيس السلطة الاقليمية بدارفور، الى ان يكون دارفور اقليماً واحداً. وكان الرئيس «البشير» قد أعلن في خطابه أمام مجلس النواب السوداني أثناء الجلسة الافتتاحية نهاية اكتوبر الماضي، التزام حكومته بإجراء الاستفتاء في موعده المقرر، فيما نشر رئيس «حركة تحرير السودان» في دارفور، مينّي أركو ميناوي، على صفحته على موقع «فيسبوك»، عبارة جاء فيها «يتحدثون عن الوحدة، وهم يعلمون أن غداً تحلّ ساعة الانفصال». ولم تقف مطالبة «ميناوي» عند حدود العالم الافتراضي، بل جاهر بطلبه علناً واعتبر أنه «ينوي طرح حق تقرير المصير لإقليم دارفور، من ضمن القضايا السياسية، في أية مفاوضات لاحقة مع الحكومة في الخرطوم». واعتبر «ميناوي» أن «النظام الحاكم في السودان يدفعنا في اتجاه اتخاذ هذا الموقف، على الرغم من مخاطره، بسبب ممارساته الاستفزازية ضد أبناء دارفور، بفعل تزايد عمليات القتل والتشريد التي تتم في الإقليم، فضلاً عن التعامل العنصري مع أبناء دارفور في العاصمة» على حد تعبيره. وأكد «ميناوي»، أنه «في حال لم تشهد الفترة المقبلة حكومة انتقالية خاصة، فإن السودان سيتجه إلى التفتيت». ومثلت تصريحات «ميناوي»، في وقتها أول إعلان رسمي صراحة لقادة التمرد الدارفوريين، على الرغم من أنه سبق ل«حركة تحرير السودان»- فصيل عبد الواحد محمد نور، أن شددت في عام 2009، على ضرورة تحديد مستقبل إقليم دارفور. كما طرحت «حركة العدل والمساواة»، حقّ تقرير المصير في عام 2010، عبر تصريح رسمي نسب لمتحدثها الرسمي أحمد حسين وقتها. وكان زعيم حزب «الأمة» المعارض الصادق المهدي، قد أعلن أن هناك استراتيجية إسرائيلية عدائية ضد السودان، مما يكشف عن نيتها في تقسيمه إلى 5 دويلات. ويرى مراقبون أن استفتاء دارفور سيفرز نتائج ربما تزيد من حدة الاستقطاب الحالية والصراع القبلي، قبل أن يعم السلام والاستقرار في الإقليم المضطرب منذ سنوات. وفي حالة اختارت دارفور الإقليم الواحد فإن ذلك سينسف فكرة الحكم اللامركزي الذي تطبقه الحكومة حاليا في كل الولايات السودانية، والذي يتيح للولايات الاستقلال بمواردها. وقال نائب الرئيس السوداني حسبو عبدالرحمن، إن العودة لتطبيق نظام الأقاليم بدلا عن الولايات مستحيلة، معتبراً أن ذلك قد يقود دارفور إلى المطالبة بالحكم الذاتي، الذي يقود إلى الانفصال. يذكر ان جنوب السودان انفصل بعد توقيع اتفاقية السلام في 2005 أعقبه استفتاء قاد لانفصاله عن السودان في يوليو 2011، ويعيش الآلاف من سكان الإقليم بين اللجوء في دول الجوار، خاصة تشاد أو في معسكرات النزوح، التي تحولت إلى مدن بسبب بقاء النازحين فيها لأكثر من 10 سنوات.