وسط توقعات بإنهاء أزمة العملة هذا الأسبوع، مع قيام البنك المركزي باستخدام ثلاث أدوات، زيادة العائد على الجنيه المصري، وزيادة الموارد الدولارية عن طريق جذب الأجانب لها، وضخ عطاء استثنائي جديد يقدره مصدر مصرفي بنحو 1.5 مليار دولار. ويتوقع أن يرفع البنك المركزي الاحتياطي الأجنبي إلى 25 مليار دولار قبل يونيو المقبل من خلال آلية حماية المستثمر الأجنبي من مخاطر تقلبات العملة لمدة عام. وتتحمل الدولة تكلفة عالية لضبط سوق الصرف، وإنهاء أزمة العملة بشكل مؤقت لحين تحسن موارد الدولة الرئيسية، وكما يقول المصدر، لكن هذا هو الحل الأمثل لإنهاء أزمة نقص العملة الأجنبية، التي تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر. شهد الأسبوع الماضي تغيرات جذرية في السياسة النقدية، فتم خفض قيمة الجنيه بقيمة 112 قرشاً، ورفع معدلات الفائدة بالبنك المركزي 1.5%، وفي اليوم الأخير من الأسبوع الماضي ثبت البنك المركزي المصري سعر الدولار في عطائه الدوري رقم 485، وقام ببيع 38.3 مليون دولار من إجمالي 40 مليون دولار قام بعرضها بسعر 8.78 جنيه، وذلك بعد خفض الدولار يوم الأربعاء بنحو 7 قروش في عطاء استثنائي باع نحو 1.514 مليار دولار بسعر 8.78 جنيه لتغطية مديونيات العملاء بالعملات الأجنبية. خفض العائد قامت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي في اجتماعها الخميس برفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 150 نقطة أساس ليصل إلي 10.75% و11.75% علي التوالي، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 150 نقطة أساس ليصل إلي 11.25% وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 150 نقطة أساس أيضاً ليصل إلي 11.25% قرر البنك المركزي المصري بتاريخ 14 مارس 2016 انتهاج سياسة سعر صرف أكثر مرونة تعكس آليات العرض والطلب للتغلب علي التشوهات في سوق الصرف الأجنبي التي أثرت علي تداول النقد الأجنبي في الجهاز المصرفي، وخفض قيمة الجنيه بنحو 112 قرشاً ليصل إلي 8.85 جنيه للدولار. وتشير أحدث أرقام البنك المركزي إلي أن صافي الاحتياطي الأجنبي تراجع بنحو 1% خلال عام ونصف العام، ليصل إلي 16.5 مليار دولار في ديسمبر 2015 مقارنة بنحو 16.7 مليار دولار في يونية 2014، يأتي ذلك علي الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها الاقتصاد خلال هذه الفترة، متراجعة بقيمة 242 مليون دولار، وبالنظر إلي تفاصيل الاحتياطي، ونجد أن العملات الأجنبية تراجعت بما يقترب من 3 مليارات دولار بنسبة 18% لتصل إلي 13 مليار دولار مقارنة بما يقرب من 16 مليار دولار، والذهب تراجع أيضاً بنحو 17% ليصل إلي 2.2 مليار دولار بدلاً عن 2.6 مليار دولار. تحقيق الاستقرار طالب عبدالحميد أبوموسي محافظ بنك فيصل الإسلامي، بضرورة تغطية الاحتياجات الصغيرة للأفراد من العملات الأجنبية سواء للعمرة أو الحج أو العلاج أو التعليم أو غير ذلك، بما يؤدي إلي الشعور بالثقة والاستقرار في سوق الصرف، كما طالب الإعلام بمختلف ألوانه وأشكاله، بتوعية الناس بعيداً عن الشائعات التي تستهدف إرباك سوق الصرف، كما طالب الحكومة والأجهزة الرقابية بالرقابة الصارمة علي الأسعار، خاصة أن الزيادة في الأسعار الحالية غير مبررة والمستورد قام بحساب تكلفة السلعة بناء علي السوق السوداء. وقال «أبوموسي»: إن طارق عامر محافظ البنك المركزي يتحمل علي عاتقه القرارات التي اتخذها وهي مخاطرة كبيرة، ولكنه تحملها بهدف دعم استقرار سوق النقد، وتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي، موضحاً أن خطوات البنك المركزي جيدة وتستهدف استقرار سوق الصرف خلال الفترة القادمة. وعن الغلاء المصاحب لهذه القرارات قال محافظ بنك فيصل الإسلامي: إن ارتفاع الأسعار غير مبرر، وهو لا يخرج عن كونه طمعاً واستغلالاً للأزمة التي تشهدها مصر، مؤكداً أن الأسعار يجب ألا ترتفع لأن المستورد قام بحساب تكلفة السلعة علي أساس سعر الدولار في السوق السوداء، كما أنه حمل السلع مصاريف أخري مثل أرضيات انتظار لخروج بضاعته من الجمارك، وغيرها من المصروفات، ولكن اليوم البنك المركزي وفر له الدولار، ولم تعد هناك مصروفات أخري فلماذا ترتفع الأسعار؟.. مشيراً إلي أن هذا يحتاج إلي توعية إعلامية، ورقابة من الحكومة صارمة علي الأسعار، ومنع الاستغلال والطمع. وعن آلية حماية الأجانب من المخاطر، قال «أبوموسي»: إن قرارات البنك المركزي تستهدف تحقيق الاستقرار في سوق الصرف، وإعطاء رسائل ثقة للمستثمر الأجنبي، موضحاً أن الخفض الأخير في قيمة الجنيه سيعمل علي جذب المستثمرين للسوق المصري، ويؤكد أن هناك مرونة في سوق الصرف، كما أن البنك المركزي هو الذي يتحمل فشل أو نجاح هذه القرارات لهذا من المؤكد أنها مدروسة جيداً، وتستهدف الصالح العام للاقتصاد. وحث محافظ بنك فيصل الإسلامي، الحكومة ووزارة السياحة علي التحرك لجذب السياحة والاستفادة من الخفض في قيمة العملة، ومن القدرات الهائلة لمصر لجذب السياحة، مشيراً إلي أن حوادث الإرهاب تحدث في كل دول العالم ومنها تركيا التي تعاني من مشاكل أمنية أكبر من مصر، ولكنها تجذب نحو 36 مليون سائح سنوياً، ما يتطلب تحركاً وتسويقاً جيداً للسياحة في مصر، موضحاً أن البنوك تساند هذا القطاع بقوة سواء أصحاب المشروعات أو العمال في هذا القطاع ويجب أن يكون هناك حراك سريع من أجل عودة السياحة بما يحسن موارد مصر الدولارية. وأوضح «أبوموسي» أن مصر في حاجة إلي تطبيق القانون لتحقيق الانضباط في كل شىء خاصة المرور الذي يعد من العوامل الطاردة للاستثمار، وتكلفته علي المستثمر عندما يمر في شوارع القاهرة، مطالباً كل واحد في مصر بالقيام بدوره بما يسهم في نهضة مصر واقتصادها. وقال محافظ بنك فيصل الاسلامي: إن الجهاز المصرفي تحمل مسئوليته إلي اقصي درجة لدفع عجلة النمو والاقتصاد، ومطلوب من جميع أجهزة الدولة تحمل المسئولية من أجل جذب الاستثمارات، والقضاء علي البيروقرطية وتحقيق الانضباط في الشارع المصري، وحل أزمة المرور، والقضاء علي الزحام في الشوارع. قرارات صائبة أكد أشرف الغمراوي نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك البركة مصر، ضرورة تحرك الحكومة من أجل ضبط الأسواق، وزيادة الموارد الدولارية، وتحسين الإنتاج من أجل زيادة الصادرات، وجذب السياحة والاستثمار الأجنبي. وقال: إن قرارات البنك المركزي تستهدف زيادة الموارد الدولارية وعلاج الأزمة التي تشهدها مصر، مؤكداً أن القرارات صائبة وجيدة وتحقيق الاستقرار في السوق وزيادة الاستثمار والصادرات والسياحة، مطالباً بتعاون الجميع من أجل ضبط سوق الصرف وتحقيق النمو الاقتصادي لمصر. الغلاء على أهلك استنكر محمد عباس فايد نائب رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لبنك عودة، بيع الدولار في السوق الموازي، مؤكداً أن هذا يعمل علي زيادة الغلاء علي أهل من يقوم ببيع الدولار في السوق السوداء والمضاربة عليه، مطالباً بضرورة توعية الناس بآثار ما يحدث في سوق الصرف وضرورة استقرار الوضع، وعدم ارتفاع الأسعار، مشيراً إلي أن المكاسب التي يحققها بعض الأفراد من السوق السوداء تعود عليه وعلي أسرته وأقاربه وجيرانه بارتفاع مضاعف في الأسعار بما يعني أنه يحقق خسائر لنفسه ولمن حوله. ولفت إلي عدم وجود أي مبرر للارتفاع الذي تشهده الأسعار خلال الأيام الماضية غير الطمع، ومحاولة استغلال الوضع الحالي، مطالباً الحكومة بالتحرك لضبط الأسعار، والتحرك لتنشيط السياحة والصادرات لدعم موارد مصر الدولارية. مرونة الصرف أكد مصدر بالبنك المركزي، أن البنك يتعامل بمرونة مع سوق الصرف، وإخضاعه لآليات العرض والطلب بما يعني أنه لا يوجد ما يمنع خلال الفترة القادمة من تراجع قيمة الدولار أمام الجنيه طالما أن الآلية تخص لعرض والطلب وتعالج التشوهات التي تحدث في أسعار الصرف، موضحاً أن قرار حماية المستثمرين من مخاطر العملة يستهدف توفير النقد الأجنبي لخطط التنمية التي تقوم بها الدولة وتزيد من السيولة بالعملات الأجنبية، وهو ما يؤدي إلي توفير السلع في السوق المحلي لتأمين كافة احتياجات المواطنين. وأوضح أن قرارات المركزي تعمل علي جذب الاستثمار الأجنبي بعد الاطمئنان إلى إنهاء القيود ووجود خروج آمن لتلك الاستثمارات واستعادة الاقتصاد المصري لقدراته التنافسية ما سينعكس بالإيجاب على مستويات التنمية الاقتصادية التي ستتحقق في السنوات القادمة ما يعود بالفائدة على المجتمع ككل.