تراجع الجنيه امام الدولار فى عطاء البنك المركزى الخميس الماضى ليسجل 7.73 جنيه مقابل 7.63 جنيه فى العطاء السابق ، بانخفاض 10 قروش ،يأتى ذلك بعد خمسة اشهر من استقرار سعر صرف الجنيه امام الدولار، حيث انخفض فى فبراير الماضى بنحو 6 %، تدريجيا وعلى مدى عدة عطاءات دولارية للبنك المركزى، قرار المركزى ليس بعيدا عن الازمة اليونانية وتداعياتها الخطيرة فى استمرار تدهور اليورو امام الدولار ، وحرب العملات فى العالم التى اسفرت عن خفض معظم العملات الاخرى امام الدولار الامريكى . انخفاض الجنيه سجل رقما قياسيا جديدا، لكن السؤال: هل تشهد عطاء البنك المركزى اليوم وخلال الايام القادمة مزيدا من خفض الجنيه امام الدولار السياسة النقدية التى ينتهجها البنك المركزى بقيادة هشام رامز،منذ توليه منصبه فى فبراير 2012 ، تستهدف الحفاظ على الاحتياطى الاجنبى وعدم التضحية به ، ليظل فى الحدود الآمنة خاصة مع عدم تعافى مصادر النقد الاجنبى ،مع مرونة فى سعر الصرف من اجل ذلك . سياسة المركزى حققت نجاحا ملحوظا بشهادة المؤسسات الدولية، فقد نجحت فى التنازل وبيع تحويلات المصريين بالخارج داخل الجهاز المصرفى ، بعد ان كان 90 % منها يتم بيعه بالسوق السوداء ،كما وجهت ضربة شديدة للمضاربات والسوق السوداء ،التى بدأت تطل برأسها من جديد من خلال اساليب وتحايل على قرار المركزى بتحديد سقف الايداع الدولارى بالبنوك من خلال عمليات جمع الدولارات من المصريين بالخارج وبيعها فى حساب العملاء فى حساباتهم بالبنوك فى الخارج باسعار تفوق السعر الرسمى بالبنوك وشركات الصرافة ، وكان منطقيا ان يقدم البنك المركزى – الخميس الماضى - على تحريك سعر الدولار مرة اخرى ، من اجل ضمان تدفق تحويلات المصريين بالبنوك ، والقضاء على السوق السوداء والمضاربات ، خاصة مع انخفاض الاحتياطى الاجنبى بنحو 2 مليار دولار الشهرين الماضيين ،ليصل الى 19.5 مليار دولار، بعد ان تجاوز 21 مليار فى ابريل بعد تحويل الودائع الخليجية بقيمة 6 مليارات دولار ، ويتزامن ذلك مع حلول سداد قسط الدين الخارجى لنادى باريس الشهر الحالى بقيمة 700 مليون دولار ، الى جانب رد القسط الاخير من الودائع القطرية فى اكتوبر المقبل ،يصاحب ذلك عدم تعافى السياحة ، وتراجع الصادرات فى الاشهر الخمس الاولى من العام الحالى ، مع التراجع الكبير فى حجم المنح والمساعدات الخارجية المتوقع فى العام المالى الحالى 2016/2015، حيث تقدره الموزانة العامة ب 2.8 مليار دولار فقط ، وفى المقابل فان الانتهاء من مشروع حفر القناة سيخفف الضغط على العملات الصعبة ، حيث ان 75 % من كراكات الحفر الكبرى العالمية موجودة بهذا المشروع ، الى جانب توقع زيادة الايرادات بعد افتتاح القناة فى 6 الشهر المقبل . وعلى صعيد آخر فإن خفض الجنيه سيسهم فى ترشيد الاستيراد خاصة بعد أن سجلت الواردات زيادة كبيرة فى الأشهر الوطنية حيث بلغت فاتورة استيراد السيارات فى 9 أشهر الأولى من العام المالى الماضى 1.6 مليار دولار مقابل 950 مليون دولار طوال العام المالى السابق عليه. سهر الدماطى نائب العضو المنتدب لبنك الامارات – ترى ان خفض قيمة الجنيه ،كان متوقعا فى ظل السياسة الرشيدة التى ينفذها المركزى، ووقرار صائب فى توقيت مناسب ،استمرارا لسياسة المركزى فى القضاء على السوق السوداء والمضاربات على العملة ، وبيع العملات الصعبة داخل البنوك التى هى القنوات الطبيعية ،وتضيف ان المركزى يتخذ قراره وفق توازنات كثيرة حيث تستهدف كبح جماح التضخم وارتفاع الاسعار ، الى جانب الهدف الاستراتيجى وهو الحفاظ على الاحتياطى الاجنبى ،مع استقرار سوق الصرف ، حيث سيسفر قرار المركزى عن خفض الجنيه ، الى تنمية موارد النقد الاجنبى سواء بتشجيع الصادرات ، او تنشيط السياحة ، الى جانب تحويلات المصريين والتنازل عنها داخل البنوك بدلا من تسربها الى السوق السوداء ،والاهم هو تشجيع الاستثمار الاجنبى من خلال توحيد الحفاظ على ما تحقق من توحيد سعر الصرف ، والقضاء على السوق السوداء . وتتوقع الدماطى ان تشهد الفترة المقبلة نموا فى موارد النقد الاجنبى خاصة مع افتتاح قناة السويس الجديدة ، وبدء تنفيذ المشروعات الاستثمارية المنبثقة عن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى . فى رأى الدكتور فخرى الفقى مساعد المدير التنفيذى السابق بصندوق النقد الدولى ، فان قرار المركزى بخفض الجنيه صائب ، لمواجهة الالتزامات فى سداد اقساط الدين الخارجى ورد الودائع المستحقة التى تصل الى 2.5مليار دولار منها 1.5 مليار اقساط الشهر الحالى وفى اول يناير لنادى باريس ، ومليار دولار رد آخر الودائع القطرية ، الى جانب مستحقات شركات البترول الاجنبية بمصر . وينوه الى ان مصر لم تتأخر عن سداد اى التزامات خارجية فى موعدها ، وخفض العملة المصرية امام الدولار ، سبقه خفض فى معظم العملات امام العملة الخضراء ، كما ان الجنيه فقد نحو 26% من قيمته امام الدولار منذ 25 يناير وحتى الآن رغم الصعوبات الكبيرة التى واجههتا البلاد ، والتى ادت الى التباطؤ الاقتصادى ، وتراجع ايرادات السياحة وشبه توقف تدفق الاستثمار الاجنبى . ويرى الفقى ان التدابير التى اتخذها البنك المركزى فى استقرار سوق الصرف والقضاء على المضاربات ،ماهى الا تدابير مؤقتة خاصة مع افتتاح القناة الجديدة ووجود البرلمان ، الذى من شانها ان يسهم فى تشجيع تدفق الاستثمارات الاجنبية وانتعاش السياحة ،وبالتالى زيادة موارد النقد الاجنبى .