اعتادت صفحات الحوادث يوميًا على الترحال بين حوارى وشوارع المحروسة للبحث عن كشف غموض مختلف أنواع الجرائم، واتضح أن جرائم القتل هى الأكثر والأصعب تعقيدًا فى كشف غموضها إلى أن تتفكك جميع الخيوط المتشابكة ويسدل الستار فتتساقط التفاصيل. فى السابق كانت النسبة الأكبر لجرائم القتل محصورة بين فئات البلطجية والمجرمين وكان وقوعها بهدف السرقة وتجارة المخدرات. لكنها انتقلت لتشمل البيوت المصرية وداخل الأسرة، لنجد بين الحين والآخر قضية تطرق باب المحاكم بمتهم قتل أحد أفراد أسرته. خبراء علم النفس والاجتماع، رأوا أن وقوع الجريمة داخل الأسرة وراءه الظروف التى يمر بها المجتمع، مؤكدين أن الانفلات الأخلاقى والأمنى في السنوات الأخيرة لباعوا أدورا بارزة فى ارتفاع معدل الجريمة، وطرح خبير أمنى حل للمشكلة القائمة بتشكيل لجنة تعمل على توعية وتثقيف المواطنين. ورأت الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن ارتفاع معدلات الجريمة مرتبطة بعدة أسباب أبرزها الانفلات الأخلاقى والأمنى والإدمان والظروف الاقتصادية. وأشارت، إلى أن انتشار الجريمة له نتائج سلبية جاءت ما بين تهديد الأمن النفسى للمواطن وفرض حالة من الخوف طوال الوقت على الأطفال، فضلا عن تفشى حالة من الاضطراب بين الأفراد وصولًا لظهور فكرة التفنن لتنفيذ الجريمة بطريقة أكثر شراسة وبشاعة. وأكدت أستاذ علم النفس، أن توفير فرص عمل للشباب ومكافحة الإدمان والتنشئة الصحيحة ستعمل على خفض معدلات الجريمة. وقالت الدكتورة شادية قناوى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الجريمة فى أى مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، مشيرة إلى أن المجتمع المصرى يمر بمرحلة دقيقة من تاريخه. وأضافت، أن الضغوط الاقتصادية تلعب دورًا اساسيًا فى معدلات الجريمة، مؤكدة أن هناك حالة من الفهم الخاطئ لمفهوم الديمقراطية ترجمت بالفوضى وحرية إبداء الرأى. ولفتت، إلى أن أخطر ما ساهم فى هدمه استخدام الديمقراطية بشكل خاطئ اشتعال حرب الخلافات داخل الأسرة بسبب سيطرة أفكار مغلوطة على عقول البعض، محذرة من استمرار حدة الخلافات حتى تعود السكينة والاستقرار لأفراد المجتمع. وأشارت أستاذ علم الاجتماع، إلى أن فوضى العلاقات الاجتماعية داخل الاسرة انتقلت أثارها فى تعاملات الفرد خارج نطاق الأسرة، مضيفة أن كل ذلك خلق حالة من التوترات انعكست فى صورة تهديد استقرار المجتمع. وتابعت، أن المجتمع وصل لمراحل سلبية خطيرة انحصرت ما بين قمة الانحدار فى كل شئ وسلوك طريق الأنانية. وأوضحت، أن الأجيال السابقة توفرت لديها حالة من الاستقرار بعيدًا عن الصرعات السياسية والاقتصادية دفعت رب الأسرة لتربية أولاده تربية جيدة، مضيفة أن الأجيال الحالية شكلتها وسائل الإعلام المختلفة خاصة الوسائل الترفيهية وهو ماينذر بكوارث. واختتمت، الوضع الحالى فى مصر هو نموذج محاكاة لما هو أسوء بالنسبة للخارج وجاء نتيجة البعد عن القيم والعادات الشرقية، مؤكدة على دور وزارة التربية والتعليم فى إعادة بناء ما تم إهداره. وقال اللواء محمد نور الين مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن الانفلات الاخلاقى الذى يشهده المجتمع فى الوقت الحالى وراء ارتفاع معدل الجريمة، مضيفًا أن الكثير من الأعمال الفنية لها دور بارز فى الدعوة لاستخدام العنف من خلال عرضها مشاهد عديدة للبلطجة وقلة الأدب. وأكد نور الدين، أن الحل لوضع حد للانفلات الأخلاقى يتمثل فى تشكيل لجنة تشمل وزارة التعليم والتعليم والعالى والثقافة والأزهر والكنيسة والإعلام، مشيرًا إلى أن تكاتف الجهات المعنية سيثمر نتائج إيجابية.