زادت في الفترة الأخيرة حالات التفكك الأسري والتفكك ليس بالضرورة أن يكون عن طريق الطلاق بل هناك العديد من الأسر تعيش في منزل واحد، ولكن على الرغم من ذلك مفككين.
فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيان له أن معدل الطلاق قد وصل إلى 1.9 فى الألف معدل الطلاق عامى 2010، 2011 كما بلغ عدد أشهادات الطلاق 155.3ألف إشهاداً عام 2012 مقابل 151.9 ألف إشهاداً أى عام 2011 زادت بنسبة 2.2 ٪، وذلك في الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة، بالإضافة إلى 2.5 فى الألف معدل الطلاق فى الحضر مقابل 1.4 فى الألف بالريف عام 2011.
كما أثبتت تلك الدراسة أن هناك أنواع من الطلاق يسمى بالطلاق العاطفي، حيث يقوم الزوج بترك زوجته والزواج بأخرى أو بعد إقامة بعض العلاقات المحرمة، وهذا النوع غير مسجل في الوثائق الرسمية للدولة.
فمثلاً :
هناك أسرة مكونة من 6 أفراد، الأب والأم و4 أبناء في مراحل التعليم المختلفة، وبالطبع يعمل الأب والأم من أجل حياة كريمة، وبعد عدة سنوات تزوج الأب من آخرى بحجة أن زوجته غير متفرغة له، فكانت النتيجة أن عاشا منفصلين فى منزل واحد، وأصبح كل فرد "يعمل لمصلحته هو فقط"، وبعد فترة تم الطلاق، والآن الأ غير مسئول عن أى احتياجات لتلك الأسرة.
وعلى الجانب اللآخر، هناك أسرة مكونة من 5 أفراد، بين أب وأم متعلمين و3أبناء، وعلى الرغم من تفاوت الأعمار بين الأبناء إلى أن الوالدين زرعا فيهما التفاهم والرعاية، ولأن الوالدين يسود بينهما التفاهم إنتقل هذا التفاهم بين أفراد الأسرة جميعاً، وبالتالي باتت أسرة ناجحة ... متعلمة ... مهذبة، يشهد لها الجميع بالتربية والأخلاق , والتدين , والإستقامة.
وبالتالي هناك قصتين متناقضتين نستنتج منهما، أن هناك عدة أسباب قوية للتفكك الأسري والتي قد تكمن في الأشخاص أنفسهم وليس فقط في المجتمع أو الظروف الاقتصادية.
وبخصوص ذلك قالت : دينا شحاتة 22 سنة، طالبة بالإمتياز بكلية طب أسنان، عدم التنازل والعند هو أساس تفكك الأسرة خاصة هذا الجيل يرفض التعب "بيحب كل حاجة على الجاهز الذي يبحث عن الكمال والتطلع دائماً إلى الأفضل، هذا بجانب الظروف المادية الصعبة الحالية.
وأضافت مدام عفاف محمد نافع، 62 سنة، كانت تعمل سكرتارية وهى الان على المعاش، الإختيار الخاطئ هو أول الطربق لتفكك الأسرة لأن الزواج مثل "العمارة" التي لابد أن تبنى على أساس سليم لكي تستمر بشكل جميل، والأساس السليم في الزواج هو الإختيار "المظبوط"، وأ، أي خلاف بين الزوجين سيكون الضحية هم الابناء، هذا بجانب تعاون الزوجين في تربية الأبناء التربية الصحيحة، والتي تعد أهمها هو الجانب الديني والاخلاقي أى" عقاب للكذب وترج الصلاة وما إلى ذلك" وبذلك نقدم للمجتمع أسرة صالحة تنهض به إلى الأمام.
وأكد رجل آخر رفض ذكر إسمه، أعتقد أن وجود إمرأة آخرى في حياة الرجل وعدم تقبل المرأة ذلك هي أهم أسباب التفكك، وتلك الخلافات تعود في الأول والآخر لعدم التفاهم بين الزوجين وعدم التكافؤ، بجانب الحالة الإقتصادية والمادية "إّذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك" بالإضافة إلى إصدقاء السوء وتدخل الأهل، هى الكارثة الكبرى لذا لابد من وجود بعض التضحية ونكران الذات.
بينما قال الأستاذ جلال محمد، محامى، 62 سنة، الخلاف السياسي المنتشر الآن بين الناس قد يكون سبباً في ذلك حيث تتسبب تلك الخلافات أحياناً في مشاجرة بين الأخوة أو بين الأب والإبن، مما قد يؤدي إلى المقاطعة لأيام، هذا من ناحية، ومن ناحية آخرى سياسة الإقتصاد المصري الآن تسببت فى تدهوره مما أدى إلى زيادة الفقر داخل الأسر كما أن الشباب الآن في حالة تفكك بسبب المستقبل المجهول فى ظل الأحداث السياسية المتوترة الأخيرة، والتي تسبب في إزدياد البطالة.
وأضاف هذا من الناحية السياسية أما من الناحية الإجتماعية، فالشباب الآن بصفة عامة غير ناضج فكرياً، وفي حالة من الإنفصام النفسي، فهو غير متفاهم ولايوجد حب بينهما, بالإضافة إلىغلاء المعيشة وتدخل الأهل فىكل تفاصيل الحياة الزوجية
فمثلاً سأروي قصة حدثت لي أنا شخصياً، ذهبت منذ فترة لشراء شقة جديدة، وقد ساعدتني الظروف لإيجاد شقة بالأثاث وعندما دخلت الشقة، وجدت كل ما بداخلها جديد حتى الديكورات والترتيبات، وبسؤال صاحبها عن السبب، قال أنه كان ينوي الزواج وكان كل شئ جاهز ولكن الفتاة رفضت إتمام الزواج فجأة وبدون أبداء أي أسباب، فأستغربت بشدة فكان كل ما حولي يوحي بالجمال والكرم حتى أنه وصل ثمن غرفتين فقط 40 ألف جنيه، وهذا يثبت عدم نضوج الشباب العقلي والفكري بالإضافة إلى العصبية وعدم التريث في إتخاذ القرار.
الأسرة آخر من يحاسب على التفكك:
هذا ما أكده د.محمد سمير عبد الفتاح،أستاذ علم النفس والإجتماع، وعميد كلية الخدمة الإجتماعية جامعة بنها، تعد الدولة هي المسئول الأول عن تلك الظاهرة، هذا بجانب الأسرة ومستواها الثقافى والإجتماعي والإقتصادي أيضاً، بالإضافة إلى جميع المؤسسات العاملة داخل المجتمع المصري،فالأسرة هى آخر من يتم حسابها على التفكك صحيح أن الزوجين عليهما بعض اللوم، وعلى الغم من ذلك هى تحاول قدر إستطاعتها أن تقدم التربية والعلم والثقافة الى أبنائها قدر الإمكان، ولكن الدولة مسئولة ايضاً عن ذلك لانه عندما يتدنى المستوى الإقتصادي للمجتمع المصري بالإضافة إلى أن معظم سكان مصر تحت خط الفقر، وعندما لايوجد مشروعات لإستغلال طاقة الشباب فمن الممكن أن يؤدي هذا إلى التفكك الإسري هذا بجانب الإعلام وإتجاهاته المختلفة، لذا تعتبر الدولة هى المسئول الأول عن تلك الظاهرة الخطيرة.
وأضاف عبد الفتاح، أن المستوى الإجتماعى، ، والإقتصادي بل والسياسي أيضا، يلعب دوراً خطيراً فى تلك المشكلة، لأن الشباب له العديد من المتطلبات سواء كانت فسيولوجية او اجتماعية، وعندما لا تتحقق تلك الاحتياجات والمتطلبات، فمن الطبيعي أن تكون النتيجة الأولية لذلك هي التفكك الأسري، والأكثر من ذلك أنه قد يؤدي إلى العدوان والعنف على المجتمع والاسرة وحتى الاب والام، وأحياناً يؤدي إلى القتل والإرهاب.
وأكد عبد الفتاح أن الحل الأمثل للقضاء على تلك الظاهرة، هو وجود خطة إسترتيجية متكاملة، لإقامة مشروعات ولو صغيرة لتوفير فرص عمل للشباب العاطل، والأهم من ذلك هو رفع المستوى المعيشي للأفراد والسيطرة على السعار المرتفعة مقابل ثبات الدخل، والأهم من ذلك هو دور الاعلام وخاصةً المرئي فعليه تقديم برامج متكاملة لتوجيه الشباب ,تأهيلهم لأعمال جديدة تتناسب مع قدراتهم لأن العمل يتقدم على المستوى التكنولوجى ونحن لا نتقدم على المستوى الثقافي.
فيما أوضحت د.سامية خضر، أستاذ علم الإجتماع جامعة عن شمس، تفككت الأسرة بسبب إنعدام التفاهم والبعد عن الإختيار السليم، بجانب إنعدام الحوار بين العروسين ثم الزوجين، باإضافة إلى تدخل الأهل فى حياة الأبناء وأحياناً إجبارهم على الإنجاب بشكل مستمر مما يؤدي إلى زيادة بؤر الفقر، وبالتالي زيادة معدلات التفكك ثم زيادة عدد أولاد الشوارع الذي وصل الآن إلى أجيال.
وأضافت خضر، أنه على الرغم من أن المجتمع الآن في تقدم مستمر لكن في المقابل يتراجع بشكل مستمر، وإهتمام المجتمع بالأسرة متقطع وغير مستمر يزد من حالات التفكك، لذلك أدعوا أصحاب الخبرات والتجارب لإعلان تجاربهم وعرضها على الشباب للإستفادة منها.
كما أشارت خضر، على ضرورة زيادة الوعي لدى الشباب والبنات، ليتعلموا أن الزواج ليس بلعبة بل مسئولية وتربية ومشاركة، وليس مجرد حياة "هلهلية" أو"بالبركة"، فقد لوحظ أن الثقافة تتراجع بشكل كبير، والنتيجة هي زيادة معدلات الطلاق وزيادة عدد أطفال الشوارع الذي وصل إلى ثلاثة مليون طفل.
وأوضحت خضر، على أن الحل يكمن في إقامة مشروع ينقذ الأسرة من الضياع، والأهم منذلك هي رغبة الأسرة نفسها في النجاح والإستمرار، وتعظيم المشاركة والحوار بين أفراد الأسرة، بالإضافة إلى التخطيط السليم عن طريق وضع مهام واضحة وقواعد بين الزوجين، لايمكن أبداً مهما حدث الخروج عليها، هذا هو التخطيط السليم فالعالم أجمع سائر على التخطيط .
لابد من إقامة حملة قوية تسمى حملة "الحفاظ" على الأسرة:
من جانبه قال د.محمد أبو ليلة، رئيس قسم الدراسات الإسلامية، التفكك الأسري أصبح ظاهرة في بلادنا العربية والإسلامية، هذا بعد أن كنا نفتخر بحفاظنا على قيم الأسرة، لكن فى الفترة الأخيرة زادت معدلات تفكك الاسرة المصرية بل والعربية أيضاً، وذلك نظراً لعوامل عديدة بل أصبح كل فرد من أفراد الأسرة كأنه جار لايعلم شيئاً عن الآخر،بالإضافة إلى أن سيطرة الآباء على الأبناء ، تكاد تكون معدومة.
ولفت أبو ليلة، إلى أن التفكك الأسري أتخذ أشكال عدة، أن الأسرة لم تعد تجتمع على مائدة واحدة كما كان يحدث في السابق حتى في المناسبات كالأعياد وغيرها، فكل فرد يرى نفسه وهمومه ومشاغله فقط،وبالتالي تكون النتيجة هي ضياع الشباب، والبلطجة والإدمان، بل من الممكن أن تصل إلى الجريمة، وهذا هى النتيجة الطبيعية للعلاقة السيئة بين الآباء والابناء الذين هم في إنفصال تام عنهم وأصبح مجرد ممول للأسرة فقط ،يالإضافة إلى إنعدام الأمل لديهم في الوصول إلى أهدافهم وفقدانهم للإنتماء للأسرهم وبالتالي فقدان الإنتماء إلى الوطن .
وشدد أبوليلة، على أنه لابد البحث عن حلول قوية عن طريق الجوامع والكنائس والجامعات، وذلك من الحضانة إلى الدراسات العليا في الجامعة، هذا بجانب إقامة حملة قوية بإسم حملة"الحفاظ على الأسرة"، وذلك قبل أن تتهتك الأسرة بالكامل ويصبح لدينا مجتمع مثل مجتمع العصابات أو الإرهاب ، وأيضاً مجتمع أولاد الشوارع، والتحول الى الإدمان وتجارة المخدرات والسلاح، لأن الأسرة هي الملاذ الأخير والقلعة التي إذا ضربت ضرب المجتمع جميعه، فكل شئ يبدأ من الأسرة وينتهي إلى الأسرة.
وعلى الجانب الآخر أكد أبو ليلة أنه في الغرب الآن أصبح المرشحون يقدموا برامج لإعادة بناء الأسرة الغربية من جديد، ولكن يمكننا القول أننا إلى حد ما إستطعنا أن نحافظ على الأسرة مقارنة بالغرب،
وفي النهاية ندعوا الجميع الى عودة الدفء والحب بين أفراد الاسرة جميعاً، وذلك عن طريق الصراحة والمشاركة في الحيث فهذا هو أفضل علاج للتفكك، وإعادة التفاهم بين أفراد الأسرة، فالإنسان منا لايقدر على العيش مفرداً دون أسرته، فالأسرة هي عماد المجتمع ونحن نحتاج إلى دعامة قوية انهضة المجتمع الإسلامي والمصري.