كانت مهمته البحث عن الحقيقة داخل صاحبة الجلالة مهمته الأولى.. عُرف بانتقاداته اللاذعة للأنظمة والحكام، فكتب عن ملكين و7 رؤساء عاصرهم، شَهَرَ أمامهم سيفه "بالورقة والقلم"، فتحول من مجرد صحفي إلى محلل سياسي، تُفرد له الصحف ووسائل الإعلام الدولية المساحات للحديث والانتقاد، إنه الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل. سبعة عشر عامًا، أفناها هيكل، في بلاط صاحبة الجلالة، ك"صحفيًا"، يبحث عن الحقيقة والأخبار، ويعد التحقيقات الجريئة، ويكتب المقالات الناقدة التي قادته في يومًا إلى رئاسة تحرير جريدة الأهرام لأكثر من 17 عامًا. اليوم، تتحدث الصحف ووسائل الإعلام كعادتها عن "هيكل"، ولكن هذه المرة لم تُفرد مساحتها لمقالاته وانتقادته، ولكن أفردتها للكتابة عن حياته وسيرته الذاتية ومعاركه الصحفية الجريئة، كونة قامة كبيرة وعلم لازال مرفرفًا في الصحافة، بعدما أصيب بوعكة صحية أرقدته طريحًا في فراش المرض. وهذا المرض الذي أنهك أستاذ الصحافة العربية منذ ما يقرب من أسبوع كامل، بدأ بإصابته بمرض الإنفلونزا والإلتهاب الرئوي، دخل إلى إثرهما أحد المستشفيات الخاصة للعلاج، وبسبب منحه دواءً خطأً، أصيب بفشل كلوي؛ وأصيب أيضًا باستسقاء في الصدر بسبب تخزين مياه على الرئة. ظل "هيكل" يتحدث عن الموت بأنه طور جديد للحياة يختفي فيه الجسد وتظل الروح بأعمالها حاضرة، وكان آخر حديث له في هذا الشأن خلال حفل تأبين الكاتب الراحل "محمد سيد أحمد هيكل" في عام2010، حيث شارك فيه وألقى كلمة له تحدث فيها عن الموت. فقال الكاتب الكبير: "المفكر لا ينتهي حين يموت، وإنما يظل حضوره ظاهرًا طالما أن له فكرًا يؤثر وذكرًا يرد مع حضور فكره، فالمحاربين القدامى لا يموتون وإنما هم مسافرون في الغروب". وأضاف: "الموت في رأيي طور من الحياه، فهذه الحياه بدأت قبلنا وهي مستمرة بعدنا من أزل إلي أبد، وقد نصاب بالشجن والحنين حين يغيب عنا عزيزعلينا متحسبين أنها النهاية، لكن ذلك إسراف في التشاؤم لأن الغياب مختلف عن النهاية". وتابع: "أن الموت حدث طبيعي من داخل السياق وليس من خارجه، فالموت جزء من الحياة بل هو تجديدًا لها عبر تدفق إنساني شاءت له عناية الخالق الأعظم أن يتواصل بمثل تواصل الزمن، ذلك أنه بمقدار ما لكل فرد من الناس يوم ميلاد ويوم رحيل". وإيمانًا من بوابة "الوفد" بالدور المُشرف الذي قدمه -ولازال- الكاتب الكبير "حسين هيكل"، والحياة الزاخرة بالانجازات والمعارك، أفردت مساحتها في هذا الملف لتعريف القارىء بما لا يعرفه عن حياة "هيكل"، القامة والقيمة الصحفية الكبيرة.