وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط يشيد بقمة «شرم الشيخ للسلام»    أمطار في هذه الأماكن وسحب منخفضة.. الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة    تهشم سيارة الفنانة هالة صدقي في حادث تصادم بالشيخ زايد    إسرائيل تتسلم 4 توابيت ل رفات الرهائن المتوفين (فيديو)    صحيفة أجنبية: أوروبا تواجه خطر تهديد بنيتها الأمنية منذ الحرب العالمية لتضارب المصالح    حقيقة إلقاء جماهير الإمارات آيفون على اللاعبين بعد ابتعاد حلم المونديال    نجم الزمالك السابق يكشف عن «أزمة الرشاوي» في قطاع ناشئين الأبيض    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان خطأ    زيادة كبيرة في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب ترتفع 600 للجنيه اليوم الأربعاء بالصاغة    الأخضر يهبط لأدنى مستوى.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 15-10-2025    هتكلفك غالي.. أخطاء شائعة تؤدي إلى تلف غسالة الأطباق    ظهور دم في البول.. متى يكون الأمر بسيطًا ومتى يكون خطرا على حياتك؟    وزير العمل: محاضر السلامة المهنية تصل إلى 100 ألف جنيه    ارتفاع مفاجئ في الضاني وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية    رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم    نتيجة وملخص أهداف مباراة إيطاليا والكيان الصهيوني في تصفيات كأس العالم 2026    أحمد نبيل كوكا يطلب أكثر من 30 مليون جنيه لتجديد عقده مع الأهلي    بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    تباين أداء الأسهم الأمريكية خلال تعاملات اليوم    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    وفاة طالب صعقا بالكهرباء داخل معهد ديني بالمنيا    سوق الفيلم الأوروبي في مهرجان برلين السينمائي يُطلق أكاديمية توزيع «صندوق أدوات الأفلام»    اليوم، إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    رابطة العالم الإسلامي تتطلع لمخرجات قمة شرم الشيخ لتخفيف معاناة غزة    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي    وكيل صحة كفر الشيخ يتفقد وحدة طب الأسرة بقرية المرازقة    إسبانيا تكتسح بلغاريا برباعية في تصفيات المونديال    مصرع شخصين في تصادم سيارتي نقل على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 في المدارس والجامعات وإجازة نصف العام تبدأ هذا اليوم    مندوب فلسطين بالجامعة العربية: قمة شرم الشيخ محطة فارقة وضعت حدا للعدوان    كوت ديفوار تعود إلى كأس العالم بعد غياب 12 عاما    ازدحام مروري سيعرقل مسارك.. حظ برج القوس اليوم 15 أكتوبر    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    لدورها الريادي في نشر المعرفة: مكتبة مصر العامة بقنا تحصد جائزة «مكتبة العام المتنقلة 2025»    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    أكرم القصاص: على الفصائل الفلسطينية إعادة ترتيب أولوياتها وتوحيد الصف    كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار غزة؟ مندوب فلسطين يكشف    مصر ومؤتمر السلام بشرم الشيخ: من الدبلوماسية الهادئة إلى توظيف الزخم سياسيا واقتصاديا وسياحيا.. وجود القاهرة على أى طاولة تفاوض لم يعد خيارا بل ضرورة.. وتصريحات ترامب عن الجريمة فى بلاده اعتراف أن مصر بيئة آمنة    أسعار الموز والتفاح والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    ترامب يكشف تفاصيل محادثته مع حماس بشأن نزع السلاح: سنتدخل بالقوة لو لم يفعلوا    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    باختصار.. أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. تجدد الاشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية.. نتنياهو: لن ندخر أى جهد لإعادة رفات المحتجزين فى غزة.. 90% من شوارع قطاع غزة تضررت جراء الحرب    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    السفير صلاح حليمة: الاحتجاجات في مدغشقر تطورت إلى استيلاء على السلطة بحماية النخبة    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    مدير مكتب تأهيل الخصوص في تزوير كروت ذوي الإعاقة: «طلعتها لناس مكنش ليهم محل إقامة عندي» (نص التحقيقات)    طريقة عمل شيبسي صحي في المنزل.. بدون أضرار    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    جامعة جنوب الوادي تنظم ندوة حول "التنمر الإلكتروني"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمعة دبّل صاحب أول رسالة دكتوراه عن "الدور الحضارى للعميان فى المشرق الإسلامى"

لم يطفئ حماسته كرب السنين.. ولا تداعى الابتلاءات عليه منذ أن كان رضيعاً عمره بضعة أشهر.. بل على العكس كلما ألمت به مصيبة كان يرى فيها نوراً وحكمة لا يدركها من هم حوله ممن يذرفون الدمع على شدة ما أصابه.. حتى أنه بات ينتظر البلاء ويستمتع في أن يخوض معركة سلاحها الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره.. وبالفعل ينجح الدكتور جمعة دبل ويتحدى كل المعوقات ليصبح أول كفيف يحصل علي دكتوراه في الدور الحضاري «للعميان» في الشرق.
‎بعد فقدانه لوالده وهو مازال في المهد صبيا.. ألم به مرض نادر أصابه بالشلل التام عن الحركة، واحتار الأطباء لمدة 5 سنوات، لكن بعزيمته وإصراره استطاع أن يهزم المرض ويقف من جديد على قدميه ويخرج للدنيا.
‎وبالفعل لم يكد الطفل «جمعة» يفرح بقدرته على الجرى واللعب وسط الحقول لبضع سنوات ليدخل فى دوامة أخرى من التعب أكثر ضراوة تنتهى بفقد بصره.
‎وفى الوقت الذى أصاب كل من حوله الصدمة استطاعت والدته رحمة الله عليها أن تجعله يقف مرة أخرى على قدمه وتبث فى نفسه الحماسة والأمل فعملت أجيرة فى الحقول لما يقرب من 60 عاماً لتوفر له نفقات العلاج والعلم دون كلل أو ملل.
وبالرغم من أنه حمل فى جسده من البلاء ما يثقل على غيره من الأصحاء، إلا أنه استطاع أن يبلغ الغاية فى العلم والفكر، بعد أن عوضه الله عنها بطاقة لا تعرف المستحيل.. ليصبح بعد ذلك قدوة للمكفوفين والمبصرين على السواء، وبعد أن كان كل حلمه أن يحصل على دبلوم التجارة وهو مبصر استطاع أن يصل إلى درجة الدكتوراه ويعد أول دراسة تحت عنوان «الدور الحضارى للعميان فى المشرق الإسلامى».
‎عن مشواره فى محراب العلم وقدرته على قهر المرض والتحديات، وإصراره على تحقيق شيء لذوى الاحتياجات الخاصة.. التقت «الوفد» الدكتور جمعة محمود دبل «الحاصل على أول رسالة عن دور العميان فى المشرق الإسلامى» فى قريته «الرجدية» بمحافظة الغربية.
حدثنا عن نشأتك؟
- ولدت في إحدي قرى محافظة الغربية وهي الرجدية مثل أي طفل عادي وتوفي أبي وأنا عمري عام وفجأة أصبت بمرض في قدمي أثر علي الحركة وأصابنى بشبة شلل تام فى الحركة وظل معي هذا المرض لمدة السنوات الخمس الأولي، وفى هذه الآونة تزوجت أختي التى كانت تساعد أمى فى رعايتها لى، خاصة أنها تعمل أجيرة فى الحقول وتحملت أمي المسئولية كاملة وصارت بي هنا وهناك في جميع المستشفيات لمحاولة علاجي والحمد لله تم شفائي بعد خمس سنوات من هذا المرض.
وماذا عن فقدانك البصر؟
- أصبت بمرض جديد في عيني في الرابعة عشرة من عمري أدي إلي فقدان بصري بعد إجراء أكثر من عملية رزقني الله بنعمة فقدان البصر ولكن أضاء لي البصيرة، ومن هذا التوقيت كان لي نقطة تحول في حياتي بعد أن كنت مبصراً عادياً وانتقلت إلي مدارس المكفوفين وبعد أن كان حلمي وأنا مبصر الحصول علي دبلوم تجارة تحول حلمي وأنا كفيف إلي أن أحصل علي درجتي الماجستير والدكتوراه.
‎ إذن من هنا بدأ مشوارك فى عالم الظلام؟
‎- تبسم قائلاً: أتحفظ على وصفك عالم الظلام فأنا بالعكس اكتشفت أن فقدانى البصر أدخلنى عالم النور ورأيت ببصيرتى وقلبى وحواسى ما أنعم الله على بهم ما لا يراه أى مبصر، فرغم أننى لم أتمتع باللعب والجرى فى الشارع مثل أصدقائى، طبيعياً بعد الخامسة من عمرى أجرى وألعب فى الشوارع والحقول، إلا أن الطاقة الربانية والروحية التى زرعت بداخلى كانت كفيلة لتحقيق المعجزات وشعرت حينها بأننى دخلت عالم من النور وأمنت بحكمة الله وقضائه وها أنذا العمر يمر أمامى وفى كل عام أحقق إنجازاً لم أكن أحلم بتحقيقه وأنا مبصر فكل حلمى حين كنت مبصراً أن أحصل على دبلوم التجارة مثل أخى وأعمل فى الحقل لكن الأمر تبدل وأعلم أن الأيام تحمل لى الخير بفضل الله.
وهل فقدت الأمل فى أى لحظة؟
‎- إطلاقاً.. صحيح أنا حزنت لرجوعى فى الدراسة 3 سنوات وعدم قدرتى على تعلم كتابة – برايل - بسهولة، لكن بعد فترة قصيرة ازداد الطموح والإصرار والعزيمة والإرادة والتحدي بعد الإيمان بالله، والإيمان بالقدر والابتلاء الذي أعطاني الله إياه خطوة تلك الأخرى حتي انتهيت من المرحلة الابتدائية بتفوق بطنطا ثم الإعدادية ثم الثانوية بمدرسة النور بزيزينيا للمكفوفين بالإسكندرية ثم المرحلة الجامعية بكلية آداب قسم التاريخ بجامعه الإسكندرية.
لقبت بالكفيف الثائر إبان دراستك الثانوية فما السبب فى ذلك؟
- فى فترة الثانوية العامة كنت أقيم «داخلى» فى معهد النور بزيزينيا، وكانوا يستعبدوننا ويعاملوننا كخدم عندهم وكوسيلة للاستجداء والشحاتة علينا، وكنا نضرب ضرباً مبرحاً فى حالة عدم إطاعة الأوامر، وأعتقد أن مسرحية وجهة نظر للفنان محمد صبحى جسدت جزءاً قليلاً من معاناة المكفوفين فى بعض المعاهد، حينها كنت أول كفيف يرفض مبدأ الضرب والتهديد ودعوت أصدقائى جميعاً للعصيان ودخلنا فى إضراب فى الوقت الذى لم نكن نسمع فيه عن أى مظاهرات وفى عز جبروت النظام السابق، وحقق الإضراب المرجو منه وتم تغيير الإدارة الفاسدة، لكنى دفعت الثمن غالياً فتم نقلى من المعهد إلى معهد آخر خوفاً من اعتراضى على أى قرارات، ورسبت فى هذا العام بقرار من مدير المعهد تأديباً لى.
هل ترى أن وضع الكفيف الآن أفضل.. أم أيام الرسول والصحابة؟
- بالطبع أيام الرسول والصحابة أفضل بكثير فى كل الأمور والأحوال.. فكانوا يجلسون فى مجالس الخلفاء والوزراء، وكان لهم كلمة مسموعة ويتخذوهم كفقهاء وحكماء بل ومربين لأولاد الخلفاء أنفسهم مثل الخليفة عمرو بن عبدالعزيز، وكان هناك تقدير كبير للمكفوفين من قبل الخلفاء للمكفوفين لدرجة أنهم كانوا يخصصون خادماً أو اثنين لكل كفيف، ومرافقاً أيضاً وكانت الدولة الإسلامية تكرمهم وتوفر لهم كافة متطلباتهم، أما الآن فمن المستحيل أن تجدى كفيفاً يتولى أى منصب مهم فى الدولة رغم وجود الكثيرين من أصحاب شهادات الدكتوراه ولديهم خبرة حبيسة العقول والصدور.
‎ كيف تقول ذلك رغم توافر الوسائل التكنولوجية ومئات المؤسسات التى تعمل على خدمتهم؟
- الكفيف لا يحتاج وسائل تكنولوجية ولا مؤسسة تشحت عليه وتتاجر بقضيته.. فالله قبل أن يحكم عليه بفقدان بصره يزرع بداخلة طاقة وقوة ربانية لا تتوافر لدى عامة الناس، وكل ما يحتاجه الكفيف هو الإيمان بوجوده ودوره فى المجتمع وعدم معاملته كعاجز يجلس بجوار الجامع يتلقى التبرعات، ولنا مثال فى طه حسين عميد الأدب العربى الذى وصل لوزير المعارف وحقق إنجازات رائعة، أما الآن فما نراه مجرد احتفاليات أكثر منها إنجازات حقيقية تضيف للمكفوفين وتلبى احتياجاتهم على أرض الواقع.
‎ حصلت على الماجستير فى موضوع.. ابن عساكر مؤرخاً بتقدير فاطلعنا على نبذة عنها؟
- دراسة الماجستير اهتمت ببحث المنهج التاريخي للمؤرخ الدمشقي ابن عساكر المتوفي سنة 571 ه، وحصلت علي درجة الماجستير بتقدير ممتاز في هذا الموضوع، وابن عساكر هو أشهر المؤرخين فى سوريا وبلاد الشام وصاحب أكبر موسوعة فى التاريخ الإسلامى وهى تاريخ (مدينة دمشق).
لماذا اخترت موضوع «الدور الحضاري للعميان في المشرق الإسلامي» كموضوع للدراسة؟
- معاناتى كانت السبب وراء اختيار موضوع الرسالة، فبعد سنة ونصف السنة عمل على موضوع رسالة دكتوراه لى قبل هذه الرسالة، سافرت خلالها للقاهرة عشرات المرات واشتريت المراجع وإجراءات كثيرة اكتشفت أن موضوع رسالتى موجود بنفس العنوان، فصدمت حينها وحزنت على المجهود الذى بذلته، وضاع هباء، إلى أن من على الله وهدانى إلى البحث عن دور العميان الحضارى، وعجبتنى الفكرة كثيرة، وشعرت بأنها ستضيف إلى المكتبة الإسلامية والعالم الإسلامى وستثبت للجميع أن الكفيف ليس عالة على المجتمع ولا ينتظر شفقة ولا إحسان من أحد وإنما شارك فى وضع التراث العلمى فى مختلف العلوم من الفترة (1 ه إلى 656 ه ومن 622م إلى 1258م) وكشف الدراسة عن الدور الذى لعبه العميان فى تلك الفترة فى النواحى الاجتماعية والاقتصادية والعلوم النقلية.
من قدوتك من الرسالة؟
- عبدالله بن مكتوم وهو أشهر شخصية لكفيف فى الإسلام كان مؤذن رسول الله هو وبلال فكان بلال يؤذن للصلاة مرة وهو يقيم لها والعكس.. وقال رسول الله «إن بلالاً ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم»، وهو الصحابي الذي أُطلق عليه لقب الصحبة مع أنه لم ير النبي لأنه كان أعمي، وكان رسول الله يستخلفه في غزواته فيصلي بالناس ويرعى شئونهم وقد استخلفه ثلاث عشرة مرة، وكان من أول من هاجروا إلى المدينة بعد مصعب بن عمير، فراراً بدينهم بعد أن اشتد أذى قريش على المسلمين، فكان هو ومصعب أول من قدم إلى المدينة من المهاجرين، وكان بن مكتوم يتمنى الجهاد غير أن فقدانه للبصر كان يمنعه من ذلك ثم تحقق له ما يطلبه في معركة القادسية التى حدثت على أرض الفرس، وكان عبدالله حامل لواء المسلمين فيها وسقط فيمن سقط من الشهداء على أرض المعركة.
وما أهم نتائج دراستك؟
- الدراسة أكدت لى أن الكفيف ساهم بشكل كبير فى الحضارة الإسلامية القديمة، وبالبحث وجدت منهم أبرع الناس خصوصاً فى علوم القرآن والحديث والفقه، ووجدت منهم الكثير من النابغين فى مجال علوم الأدب والسفر وعلم النجوم، فضلاً عن مشاركتهم فى قرارات الحرب وشئون الدولة، بل وجدت تصميماً منهم على القتال والجهاد، فالكثير منهم نبغ في بعض العلوم ولم يقلوا عن الأصحاء بل تفوقوا عليهم في بعض المجالات فهناك من نبغ في مجال الدعوة الإسلامية ونشر العلم ك «عبدالله بن مكتوم»، الذي استخلفه الرسول ليحل محله في غزواته.. وأيضاً هناك عبدالله بن الحسين المعروف ب «أبوالبقاء العكبري» برع في علوم النحو والحساب، وغيرهم من العلماء العميان الذين نبغوا في العلوم الطبيعية كالفلك والفلسفة والحساب وعلم النحو والطب، وغيرها من العلوم.
‎ وهل كان مشوار الرسالة سهلاً؟
‎- كان فى غاية الصعوبة فأنا حصلت على الرسالة بعد 6 سنوات، وموضوع الرسالة هو الأول من نوعه، والمعلومات نادرة ولا توجد كتب أو مراجع تتحدث عن دور العميان اللهم إلا بين السطور، لكنى لم أستسلم واطلعت على مئات المراجع فى دار الكتب ومعهد المخطوطات ومعرض القاهرة الدولى وسور الأزبكية ولم أترك مكتبة إلا وبحثت فيها للخروج بالرسالة بهذا الشكل، وساعدنى فى الرسالة عدد من أساتذة جامعة طنطا الكبار منهم الدكتور أحمد عبدالسلام ناصف، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية الآداب الذى تحمل معى أعباء الإشراف والتوجيه، وضع الخطة المناسبة لفكرة الرسالة.
‎ كل عمل ناجح وراءه أناس.. فلمن تدين بالفضل؟
‎- صحيح.. فمن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.. وأنا أنعم الله على بأناس وقفوا بجوارى ولم يتخلوا عنى ولو للحظة واحدة، بدأت بوالدتى التى ظلت تعمل أجيرة فى الأراضى لمدة 55 عاماً من أجل ان توفر نفقات علاجى ودراستى ولم تبخل على يوماً ومروراً بأخى الفاضل محمود الذى كان لى بمثابة أب وصديق، بعد أن فقدت اصدقائى لعدم قدرتى على مجاراتهم فى حياتهم، فتحمل معى الكثير من المعاناة وكان دائماً يشجعنى، وقام بمجهود خرافى معى فى الدراسة فى قراءة الكتب والمراجع والأبحاث، حتى أنه يحفظ رسالتى عن ظهر قلب، وانتهاء بزوجتى التى تحملت ولا تزال تتحمل انشغالى عنها فى البحث والدراسة ولم تشعرنى يوماً بالتقصير وتهتم بأبنائى جهاد وأحمد على أكمل وجه.
وهل تمارس حياتك الأسرية بشكل طبيعى؟
‎- أنا أعرف منزلى شبر شبر وأتعامل مع أجهزة الحاسب الآلى وأستطيع البحث بنفسى على الكتب التى أريدها، دون مساعدة من أحد حتى أن زوجتى وأبنائى كثيرا ما يسألون عن أماكن بعض الأشياء وأساعدهم فى الوصول إليها.
‎ وماذا عن دكتور جمعة الأب؟
‎- أحب أبنائى بشكل خيالى.. وهم جهاد 10 سنوات وأحمد 7 سنوات، وكل ما أفعله من أجلهم ومن أجل أن يفتخروا بى، وهم بالفعل فخورون بى ولا ينحرجون من أننى كفيف أمام زملائهم، وأرى الفخر فى عين أبنائى عندما يحدثهم أحد عن إنجازاتى، وأتمنى أن يحققوا مكانة كبيرة فى حياتهم، وهم والحمد لله متفوقون وابنتى جهاد أوشكت على ختم القرآن وهى فى الصف الخامس الابتدائى الأزهرى وتحفظ مئات الأحاديث وتقرأ كثيراً من الكتب التى أقتنيها، وكذلك أخوها أحمد يحفظ قدراً كبيراً من القرآن.
‎ هل تخشى على ابنك من مصير فقدان البصر لأنه مرض وراثى كما قال الأطباء؟
- على العكس.. فأنا أثق فى قضاء الله وقدره وحكمته.. صحيح أنا ووالدى فقدنا البصر بنفس المرض، لكن الطب تقدم وتطور كثيراً، ووالدته دائماً ما تتردد على عيادات الرمد وتتابع حالته منعاً لحدوث نفس المرض.
لديك مكتبة كبيرة.. فصف لنا علاقتك بالكتب وكيف جمعت كل هذه الكتب النادرة؟
- أنا عاشق للكتب.. وأنتظر كل عام معرض الكتب بفارغ الصبر لأقتنى الكتب، فالكتاب بالنسبة لى كالهواء الذى نحتاجه ليعطينا الطاقة لنعيش، وأكثر شىء تنفق فيه المال وتكون فائدته عشرة أضعاف ثمنه، ولولا صعوبة توفير من يقرأ لى لكنت قرأت عشرة أضعاف ما قرأت.
وماذا عن دكتور جمعة مدرس الدراسات الاجتماعية فى أحد المعاهد الدينية؟
- يحزننى كثيرا أن أظل كما أنا مجرد مدرس دراسات اجتماعية للمرحلة الإعدادية بعد جهد مضنى فى رسالة دكتوراه لأكثر من 6 سنوات، ولكنى دائماً أعمل بمبدأ حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب، واستطعت تحقيق إنجاز فى مهنتى ودراسة المنهج للطلاب بشكل سلس جعل الأوائل على المحافظة يخرجون من فصلى كل عام، وحصلت على تكريم مرتين الأول: من إدارة المدرس، والثانى الذى أعتز به هو تكريم من طلابى الذين يدينون لى بالعرفان والجميل على تفوقهم.
وما طموحاتك بعد أن حصلت على الدكتوراه؟
- لدى الكثير والكثير من الآمال والأهداف الذى أسعى لإنجازها على أرض الواقع، لكن استمرارى كمجرد مدرس لمادة الدراسات الاجتماعية فى مدرسة دون أى تقدير من جانب المحافظة أو المسئولين عن شئون الإعاقة أمر يحزننى كثيراً، وأشعر بأن كل تعبى سيظل حبيس الأدراج ولن يتمكن أحد من الاستفادة منه كما أن لب رسالتى هو التأكيد على أن الكفيف لديه طاقة ربانية ومواهب وإمكانيات فى انتظار فقط من يزيل الغبار عنها لكن من يسمع شكواى.
معنى ذلك أنك لم تحظ بأى تكريم من أى جهة فى الدولة؟
- إطلاقاً.. ولم يتصل على مسئول أو موظف من المجلس القومى للإعاقة أو غيرها من المؤسسات التى تتشدق بالدفاع عن حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة، وأستعجب أن أغلب تلك المؤسسات يعمل بها أشخاص طبيعيون ونسبة ذوى الإعاقة بها لم تصل حتى نسبة ال 5% الذى حددها الدستور، وأعتقد لو موضوع الرسالة كان عن موضوع من موضوعات الإثارة التى يتهافت عليها الإعلام لكان الحال غير الحال، فأنا كل يوم لا أنام قبل أن ألقى نظرة على دراستى وأدعو نفسى للتحلى بالصبر.
وما أمنياتك على المستوى الخاص؟
- أتمني من الله عز وجل أن أعين في إحدي الجامعات المصرية أو العربية أو الدولية، فأنا مازلت مدرس دراسات اجتماعية بمدرسة السيدة عائشة الاعدادية بنات بطنطا، وأتمني بعد حصولي علي درجة الدكتوراه أن يتم اختياري فى أى جهة استشارية للتربية الخاصة بالمديرية أو الوزارة، وأتمنى هذه الأمنية علي كل من حصل علي درجة الماجستير والدكتوراه من متحدي الإعاقة في جميع المصالح الحكومية.
وأمنياتك بالنسبة لذوى الاحتياجات الخاصة؟
- أتمنى رفع نسبة ال 5% وتفعيلها في كل مؤسسات الدولة، حصر شامل ودقيق لجميع متحدي الإعاقة بأنواعها في مصر، ولى أمنية من السيد وزير المالية السماح لإعطاء مكفوفي البصر عربة مثلهم مثل باقي المعاقين في مصر ورفع الجمارك عنهم، كما أتمنى إعادة تجربة طه حسين مرة أخري كعميد للأدب العربي ووزير للمعارف، فما هو المانع أن يكون هناك وزير من بين المعاقين في الحكومة المصرية وهذا حقهم في الدستور بموجب قانون ال 5%، وأطالب الدولة بالاهتمام بشريحة «المكفوفين» وغيرهم من متحدي الإعاقة في كافة نواحي الحياة، وإعطائهم الفرصة كاملة لإثبات ذاتهم في كافة المجالات، لكي يعيد التاريخ نفسه من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.