الابتسامة لا تفارق وجهها، ولا تكف عن الضحك ومداعبة الآخرين، هوايتها منذ الصغر عمل المقالب فى المقربين منها، كل ذلك ساعدها على تحدى نظرات الإشفاق والسخرية منها بسبب "كف" بصرها،لكن الإرادة التى تمتلكها لاتعرف المستحيل..إنها فاتن إبراهيم عفيفى التى واجهت كل الصعوبات بشجاعة حتى حصلت على الماجستير وتقوم حاليا بدراسة الدكتوراه وفى المرتين أختارت موضوعات تتعلق بالمكفوفين لشعورها بكم المشكلات التى يعانون منها. فاتن تسرد فاتن تفاصيل قصتها قائلة: كنت طفلة شقية جدا أحب اللعب والمرح وأعشق عمل المقالب فى أصدقائى، ولا أكف عن الضحك, كنت أعانى من حساسية فى عينى تحدث لى كل عام فى فصل الربيع, ولكن عندما كنت فى الصف الرابع الابتدائى زادت الحساسية وهذه المرة كتب لى الطبيب دواء أدى إلى اصابة الشبكية مما أفقدنى بصرى نهائيا, ورغم ذلك فضلت أسرتى بقائى فى مدرستى ولم تنقلنى إلى مدارس المكفوفين وإدارة المدرسة والمدرسون كانوا متعاونين معى إلى أقصى درجة وحاولوا بكل الطرق مساعدتى فى الدراسة حتى حصلت على الثانوية العامة . وفى تلك الأثناء كنت قد التحقت بجمعية النور والأمل، ولذلك اخترت الالتحاق بكلية الآداب قسم علم الاجتماع حتى أتعلم من خلال دراستى كيف أسهم فى تطوير الجمعيات الأهلية لتقدم خدمة حقيقية, وعندما دخلت الجامعة نظمت وقتى بين الدراسة وأنشطة الجمعية حيث تعلمت طريقة برايل وحصلت على عدة دورات فى التنمية البشرية، وبعد ذلك اخترت مراجعة الخيط وتنعيمه وهى عملية تنعيم الخيط الذى يستخدم فى عمل التريكو عن طريق ملامسته الشمع, وكنت أرغب فى تعلم باقى المراحل التى تعقب هذه المرحلة، ولكن إدارة الجمعية فضلت أن أركز فى مراجعة الخيط فقط، وفى الجامعة تعرفت على كل الأساتذة والطلاب وصارت الأمور كما أردت حتى تخرجت بتقدير جيد جدا. حلم والدى وتضيف فاتن: بعد التخرج كان حلم والدى - رحمه الله - أن استكمل دراستى حتى أحصل على الماجستير والدكتوراه لذلك شجعنى بكل السبل وبالفعل تقدمت للحصول على الماجستير واجتزت الاختبارات واخترت موضوع الرسالة وكان" مدى توافر الحقوق البيئية للكفيفات فى المجتمع المصرى" وحاز هذا الموضوع على أعجاب اللجنة، ولكن بعد ذلك فوجئت بحجب أسمى من كشف المقبولين للحصول على الماجستير, وبعد البحث عن الموضوع عرفت أن رئيس القسم قام باستبعادى بحجة أننى كفيفة ووضع بدلا منى أحد الطلاب العرب الوافدين, ولكنى لم أستسلم، بل دافعت عن حقى فى الحصول على الماجستير وساندنى أساتذة القسم بالكلية حتى وافق العميد على إدارج أسمى مرة أخرى, وهذه لم تكن آخر مشكلة واجهتها، بل عندما تقدمت للحصول على شهادة «التويفل» التى يعد الحصول عليها أحد الشروط لنيل الماجستير، فؤجئت بأنهم يقولون لا مكان للمكفوفين، وتقدمت بشكوى لرئيس الجامعة وقتها الدكتورأحمد زكى بدر ووافق، وحصلت على التويفل كما أعفانى من المصروفات وسمح لى بتسجيل المحاضرات. ولقد ارتكزت رسالة الماجستير على مقارنة الوضع بين مصر وباقى دول العالم من حيث توافر الظروف التى تساعد الكفيف على الدراسة ففى الخارج يتمكن الكفيف من السير بمفرده بواسطة الصوت واللمس أما فى مصر توجد عقبات كثيرة مثل السلالم والسيارات صف ثان وغيرها. ولكن بفضل الله لم يضع مجهودى فلقد حصلت على الماجستير عام 2012 بدرجة أمتياز مع مرتبة الشرف وتوصية بالنشر على نفقة الجامعة وتبادل مع الجامعات العربية والأجنبية كما أوصت اللجنة بتوصيل نتائج الماجستير إلى رئيس الجمهورية ليتنبنى دراستها وتنفيذها ولكن حتى هذه اللحظة لم يحدث ذلك. رحلة الدكتوراه تكمل: بعد حصولى على الماجستير قمت مباشرة بتسجيل الدكتوراه التى أقوم بإعدادها حاليا واخترت موضوع "المشكلات الاجتماعية والفيزيقية للكفيفات ودور الجمعيات الأهلية فى مواجهة تلك المشكلات" حيث لاحظت فى أثناء دراستى أن الطلاب المكفوفين الذين نالوا دراستهم فى مدارس المكفوفين عندما يلتحقون بالجامعة يواجهون مشكلات أكثر من ذويهم الذين درسوا فى مدارس ليست خاصة بالمكفوفين حيث يكون لديهم تخوف من التعامل مع زملائهم المبصرين وكذلك الأساتذة والموظفون كما تواجهم مشكلة عدم توافر كتب بطريقة برايل بعد أن كانت كتب الكتب متوافرة لهم فى المدرسة بطريقة برايل. أيام من العزلة تذكر فاتن: رغم كل الصعوبات التى واجهتها فى حياتى، فإن هناك موقفا كان أصعبهم على الإطلاق وهو تعرضى لسرقة بالإكراه فى أثناء خروجى من جامعة عين شمس بعد الثورة مباشرة مما جعلنى أخاف من النزول إلى الشارع وبقيت فترة لا أغادر المنزل ولكن سخر الله لى – ضابط شرطة - رئيس مباحث قسم الزيتون وقتها، كان يتابع التحقيقات وعندما عرف بامتناعى عن الدراسة أخذ يشجعنى لدرجة أنه عرض على أن يتكفل بمصروفات الدراسة وأخذ يذكر لى أن هناك الآلآف تعرضوا لمثل ما تعرضت له، بل وأكثر حتى تحسنت حالتى النفسية وواصلت حياتى مرة أخرى بشكل طبيعى. وفى نهاية الحوار تقول: أحلامى لا حدود لها، ولكن أهم حلم أن تصل توصيات رسالة الماجستير إلى سيادة رئيس الجمهورية ويتم تطبيقها على أرض الواقع حتى تساعد المكفوفين وتيسر لهم العديد من العقبات التى يواجهونها, كما أحلم بالدراسة فى الخارج وأن يكون للجمعيات الأهلية دور حقيقى. لمشاهدة الفيديو يرجى الدخول على موقع الأهرام صفحة صناع التحدى: http://www.ahram.org.eg أو على اليوتيوب: https://youtu.be/2Zu1jje7Ctc