غضب ثم حزن ويأس وبعدها مصالحة مع النفس..هذا هو ملخص رحلة الدكتور أحمد فاروق أمين مع كف البصر عندما أصيب بإنفصال شبكي في العين عام1987 الأمر الذي أصبح معه عين لاتري تماما وآخري ظلت تضعف تدريجيا ليجد نفسه أصبح كفيفا في سن الرابعة عشرة ليكون رد فعله الأول هو الغضب والسخط علي ماحدث له في هذه السن, ولكن شاء الله أن تنطبق القاعدة الإلهية الكريمة وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم علي الدكتور أحمد حيث تحولت النقمة التي رأي فيها نهاية حياته إلي نعمة ربانية أتت له بالخير كله..لتبدأ رحلته داخل عالمه الجديد في إحدي مدارس المكفوفين ومن بعدها كلية الآداب قسم لغة إنجليزية جامعة عين شمس ثم التمهيدي حيث سجل الماجستير في علم اللغة وأثناء ذلك جاءت له فرصة الحصول علي منحة في أمريكا ليحصل علي درجة الماجستير في مجال التكنولوجيا المساعدة والتربية الخاصة من جامعة بيتسبيرج الأمريكية عن طريق مؤسسة فورد. ومنذ عودته قرر الدكتور أحمد تسخير وقته وجهده ودراسته لذوي الإعاقة خاصة الإعاقة البصرية خاصة وأن موضوع الماجستير يدور حول مسألة التعامل مع ا المكفوفين مستغلا في ذلك مركز الإبصار الإلكتروني بالجامعة لتأهيل المكفوفين للاعتماد علي أنفسهم في كل شيء بدءا من حل الاختبارات دون مرافق باستخدام أجهزة الكمبيوتر بالإضافة إلي مجالات تدريبية آخري كتطوير الأداء في التوجه والحركة ليستطيع الكفيف التحرك بحرية واستقلال واستخدام حواسه الآخري في تأمين المكان من حوله حتي يتحرك بداخله ويتمكن من استكشاف الأماكن الغريبة عنه وترتيب حركاته وحسابها بشكل دقيق. وتحدث الدكتور أحمد عن دور التكنولوجيا وأهميتها كوسيلة مساعدة لذوي الإعاقة مشيرا إلي حرصه علي المساهمة في تعليم غيره من المكفوفين استخدام الكمبيوتر, كما شارك في مجال التعامل مع الأطفال المكفوفين منذ الصغر لأن حاسة البصر هي أول وسيلة تعليمية تساعد الاطفال علي اكتشاف العالم المحيط بهم فماذا عن الطفل الكفيف؟!.. هذا الامر الذي دعا الدكتور أحمد الي المشاركة في هذا التدريب لقياس نمو الأطفال ذوي الإعاقة خاصة الإعاقة البصرية وإعداد برامج خاصة لهم ولأسرهم لعلاج هذا التأخر في النمو الإدراكي والوظيفي, بالإضافة إلي التركيز علي مجال جديد في الإعاقة وهو العلاج والإرشاد النفسي لذوي الإعاقة.. وقد سجل الدكتوراة في مجال تأثير التكنولوجيا المساعدة علي رفع تقدير الذات لذوي الاحتياجات البصرية, بالإضافة إلي دراسته تشريح العين في أمريكا للوقوف علي حالته وماحدث له حيث اكتشف أن شبكية العين لم تكن بالنضج الكافي الذي يمكنها من العمل المستمر, كما تعلم اللغتين الألمانية واليابانية بالإضافة إلي الإنجليزية التي تعلمها أثناء دراسته بكلية الآداب إلي جانب علوم الكمبيوتر والتسويق وهو الآن مستشار بجامعتي القاهرة وعين شمس. اختتم حديثه معي وهو يؤكد أنه بدأ حياته مع الإعاقة وفي ذهنه قاعدة ثابتة قالها له والده بعد محاولات كثيرة في ايجاد فرصة عمل بعد التخرج حيث كانوا يقبلون به لما لديه من مؤهلات بالإضافة إلي اللغات التي يتقنها إلا أنهم كانوا يرفضونه فور اكتشاف إعاقته, لذا جاءت نصيحة والده بأن يتقن شيئا متميزا يجعل من حوله يركضون وراءه.. 40عاما هي عدد سنوات عمره الآن التي قضي أكثر من نصفها يتعلم ويعلم غيره ممن فقدوا الأمل لأنه يري أن رسالته في الحياة مستمرة مع كل كفيف فقد الأمل ويحتاج ليد العون والمساعدة للوصول لبداية الطريق لينهي حديثه قائلا: يمكن أنا لو كنت بشوف مكنتش وصلت للي أنا فيه. رابط دائم :