يُخبرنا دجّالو "علوم الإدارة" ومشعوذي "التنمية البشريّة" و"الدعاة الجُدد؛ أن "النجاح" المادّي، بتحقُق الأهداف التاريخيّة؛ هو كُل شيء. وأن نجاحك دليل رضا "الإله" عنك!! ومن ثمّ كان تعلُّّق المضللين بنتائج أعمالهم أمرٌ طبيعيّ، باعتبار النتيجة فردوس أرضي! إن الحافز عند هؤلاء هو النتيجة المرجوّة، فإذا بذلوا قصارى ما يستطيعون، وباءت تلك الجهود بالفشل، فإنهم يأزمون لأن النتيجة لم تكن على ما يشتهون. و قد "يستسلم" بعضهم ل"القدر"؛ مُعتبراً ذلك من الإيمان! الإسلام على العكس من ذلك يحضّ على العمل؛ ولا يعبأ بالنتيجة؛ بل يجعلها خارج حساباتك. فالعمل فقط هو مناط التكليف، والنتيجة معلقة بالمشيئة الإلهية الطليقة. إنه حتى لا يُعلق ثوابك/عقابك كُليًّا بعملك؛ بل يُعلقهما أصلاً بلطف الباري. إن مقدار الجهد المبذول هو مناط التكليف، أن تنشغل بإثراء نفسك بتوجيهها كُليًّا في جلّ حركاتها إلى الله؛ أما النتيجة و"النجاح" فلا ضامن لها لتعلقها بالمشيئة، وإن كنا نأخذ بالأسباب التي قد تؤدي للنتائج بإذن الله وقد لا تؤدي؛ ليظل التحقق غير حتمي، وهو جوهر الكبد الإنساني في الحياة الدنيا. إن المفهوم المزوّر ل"النجاح" يجعل الإنسان عبداً لذاته وهواه باسم "النجاح" و"خدمة الإنسانيّة"! إن الإسلام يخبرنا أن "نجاحك" الدنيوي لا قيمة له في ميزان الحق، ومن ثم في ميزانك؛ لأن "النجاح" نتيجة معلّقة بامر خارج عن إرادتك. أما العمل، فهو كل ميزانك وجهدك.. بل ووجودك. فأجرك معلق بالعمل ومدى اجتهادك فيه، ونيتك في أدائه، وإخلاصك في أدائه. إن الحافز في الإسلام مناقض لحوافز "الإدارة" و"التنمية البشرية" ابتداءا؛ فإذا كان الحافز في الأخيرة هو "النجاح" الدنيوي والصعود الاجتماعي، فإن الحافز في الإسلام هو مراقبة الله: أن تعبد الله كأنك تراه. قد ترغب ب"النجاح" المادّي لأن الإنسان خُلق ضعيفا. وقد تتمنّاه وتعمل لأجله أحياناً كثيرة لأن الإنسان ينسى ويغفل. لكن يجب أن تتذكّر دائماً أن هذا ليس هو الأصل؛ بل هو الانحراف الاستثنائي الذي قد يغفره الله لك بإذنه. إن الحافز في الإسلام هو الإيمان القلبي المنشئ لعمل تتوجه به إلى الله مُسلماً، لا أن تسعى "لتطوّيع" الإله لرغباتك وأهدافك. إن هذه الشعوذة تُناقض الإسلام وتنقضه ابتداءا.