استطاعت القارة الأفريقية أن تحقق معدلاً للنمو بلغ 5% خلال عام 2011، وبذلك تكون ثاني قارات العالم بعد آسيا من حيث معدلات النمو، وتسهم أفريقيا حاليا بنحو 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويتوقع أن تصل النسبة إلى 5.1% في 2034. وفيما يخص التحولات الاقتصادية الداخلية للقارة فقد كانت معدلات النمو مختلفة بين الدول، حيث بلغ معدل نمو في أفريقيا جنوب الصحراء 4.7%، في حين حققت منطقة شمال أفريقيا 3% بفعل الظروف السياسية التي مرت بها العديد من دول المنطقة. كما أن نسبة التجارة البينية في أفريقيا وصلت إلى 12% العام الماضي، بعد أن كانت من قبل لا تتجاوز 5%، ويتوقع أن تبلغ هذه التجارة 30% في العام 2034 وفق ما صرح آدم الحريكة رئيس وحدة الاقتصاد الكلي باللجنة الاقتصادية لأفريقيا أثناء عرضه للتقرير الاقتصادي لأفريقيا للعام 2012 بالقاهرة في الندوة التي عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية أمس الأربعاء لمناقشة نتائج التقرير. وأضاف الحريكة أن وضع أفريقيا اقتصادياً تغير على الصعيد العالمي، فبعد أن كان ينظر إليها على أنها قارة ميؤوس منها، أصبحت تعد من أقطاب النمو للاقتصاد العالمي خلال القرن الجاري، مضيفا أن للقارة موارد اقتصادية تؤهلها للدور المشار إليه، حيث تحتوي على 4% من احتياطي النفط العالمي، ولديها 40% من الإنتاج العالمي من الذهب، و90% من إنتاج البلاتين، وتضم بين أطرافها 52% من الأراضي الصالحة للزراعة. وأشار المتحدث نفسه إلى أن نجاح أفريقيا في تحقيق معدلات عالية من النمو لا يكفي وحده لكي تكون القارة قطباً اقتصادياً في العالم، ولكن لا بد أن تتلافى الأخطاء التي حدثت خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها عدم المساواة في توزيع عائد النمو، حيث لا تزال أفريقيا من أعلى معدلات البطالة والفقر في العالم. ويحتاج الأمر أيضا تفعيل الحوكمة على صعيد الإدارة الحكومية والشركات، ومواجهة الفساد، ولا بد من أن تسعى دول القارة لتحقيق الاستفادة من الشركاء العالميين سواء في أميركا والغرب عموما أو الدول الصاعدة مثل الهند والصين والبرازيل وتركيا وكوريا الجنوبية. ونبه الحريكة إلى ضرورة إعادة النظر إلى الموارد البشرية واعتبارها ثروة وليست نقمة، ولكن ذلك يحتاج إلى برامج للتعليم ومحو الأمية ونقل للتكنولوجيا، حتى تستطيع أفريقيا أن تنوع من صادراتها ولا تقتصر فقط على صادرات الموارد الطبيعية أو السلع الصناعية التقليدية. ومن الجوانب الأخرى المطلوب إعادة النظر في دور الدولة، بحيث لا تتم العودة إلى الاقتصاد الموجه ولكن يكون للدولة دور مشابه لما تقوم به الدولة في الاقتصادات الغربية من وضع السياسات ودعم القطاعات الإنتاجية. وشكا الحريكة من نقص الاستثمارات في أفريقيا، والتي يأمل أن تشكل 34% من مجموع الاستثمارات لكي يتحقق معدل نمو لا يقل عن 7%، ودعا إلى ضرورة الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية لسد الفجوة في الاستثمارات المحلية. النظرة التفاؤلية التي حملها التقرير الاقتصادي لأفريقيا لعام 2012 تقابلها مجموعة من التحديات ذكرتها أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة أمنية حلمي، وأبرزها شباب القارة سيمثل 31% من شباب العالم، وهذا الأمر يتطلب العمل من الآن لاستيعاب هذه الفئة من حيث توفير الوظائف وإتاحة دخل مناسب، وتعليم يواجه متطلبات العصر. وذكرت أمنية أن معدل النمو المتزايد بأفريقيا يرجع فقط لزيادته في عشر دول من بين 56 دولة، وهو ما يعني عدم المساواة بين دول القارة، كما أن متوسط الدخل الحقيقي للفرد في أفريقيا في عام 2011 أقل مما كان عليه في عام 1970. وفي الوقت الذي يمثل فيه سكان شمال أفريقيا 59% من قوة العمل، فإنهم يحققون 30% من الناتج المحلي للقارة، وهو ما يعني انخفاض الإنتاجية في هذه الدول. وأوضحت الأستاذة الجامعية أن النمو لم ينعكس على الحياة الاجتماعية للأفارقة، فلا يزال الاقتصاد غير الرسمي يشكل نسبة تتراوح بين 60% و70% من الناتج المحلي، وهو ما يعني غياب الحماية الاجتماعية، وسيادة الأجور غير العادلة، كما يوجد بأفريقيا 320 ألف طفل يعانون من سوء التغذية. ومن ناحية أخرى أشار أستاذ الاقتصاد بالجامعة البريطانية بالقاهرة علي سليمان إلى أن التقرير لم يتطرق إلى تحدي مرض الإيدز الذي يقضي على نسبة كبيرة من الشباب وكذلك لم تتم الإشارة إلى نقص إنتاج الطاقة رغم أن أفريقيا تتوفر على مصادر عديدة للطاقة المتجددة.