يقول إدوارد باتالوف فى كتابه "فلسفة التمرد : نقد الأيديولوجيا اليسارية الراديكالية": "وفقا لما يقوله ماركيوز، فإن استخدام آليات الديمقراطية يسفر عن تورط قوى المعارضة في "اللعبة" التي يجب على هذه القوى أن تلتزم بقواعدها، مما يُعَجِّل فى النهاية باندماجها فى النظام، و يجردها من القدرة على التجرد من تبني موقف نقدى مدمر لهذا النظام. في نفس الوقت، فإن الحريات الديمقراطية والمؤسسات القائمة على أساس من هذه الحريات، تؤدي إلى نشوء أوها وآمال لا أساس لها بين قوى المعارضة، حول أن التغيرات الكيفية ستتحقق دون إحداث العنف، وهو ما يضعف من معنويات المعارضة، و يسرح صفوفها ويفرقها ويجرددها من القوة والطاقة الثورية. وفى النهاية، فإن الطبقات الحاكمة، حيث أنه ليس لديها ما تفقده من جراء إظهارها لهذا التسامح، تكتسب ميزة أخرى، في أنها تحصل فى مقابل ذلك على تسامح الشعب إزاء الشمولية السائدة. إن الشعب هو الذى يتسامح مع الحكومة، التى تتسامح بدورها مع المعارضة، داخل إطار تحكمه السلطات القائمة، و هذا يعنى أن التسامح المصدق عليه قانونا يكف عن أداء وظيفته كآلة ديمقراطية، ويصبح أداة لتحييد المعارضة كقوة سياسية، كما أن وسائل تطبيق هذا التسامح تتناقض مع أهدافه الأولية، وتجعله شكلا مقنعا من القمع". (انتهى) وعليه فإننا نرى دائما أن فكرة تطبيق الديمقراطية فى ظل نظام تعود على ممارسة القمع أمر غير منطقي ولا يتعدى كونه فكرة مثالية (قل إن شئت طوباوية)، ليس لمجرد أن هذا النظام لا يسعى سوى لمصالحه الشخصية، و لكن كذلك لأنه لا يدرك من الأساس شروط ممارسة الديمقراطية، فيأخذ من الديمقراطية شكلاً خارجياً زائفاً يخدع العامّة، بل ويراوغ به كذلك النخب السياسية التي بدورها قد لا تعرف جيدا أسس العملية الديمقراطية، أو لأنها ألِفَتْ الخنوع والإذعان، لأنها تقتنع في قرارة نفسها بعدم كفاءتها لتحمل مسؤولية إدارة البلاد، وبهذا فهي تعترف من خلال موقفها هذا الانسحابي السلبي بأنها كانت مجرد ديكور لحبك الشكل الديمقراطى الزائف. الأنظمة الشمولية الديكتاتورية تتخذ من الممارسات الديمقراطية (كعمل الاستفتاءات وإقامة الإنتخابات) أداة لتحقيق أغراضها المضمرة، وقناعاً تخفى وراءه الشكل القمعي الكامن وراء هذه الممارسات، فهذه الأنظمة احترفت عملية إدارة الشعوب والتلاعب بها، وتوجيهها لتقوم الشعوب من حيث لا تدرى إلى تنفيذ ما ترومه تلك الأنظمة. السؤال: لماذا صدقنا من البداية .. أنهم ممكن يطلعوا نضاف؟ ويسلموا السلطة بجد؟