أعرب مقال نشرته صحيفة ذي جارديان البريطانية عن الاستغراب من التحول في الموقف الأمريكي تجاه نظام الأسد في دمشق، مشيرا إلى أن سورية أصبحت العدو اللدود في نظر واشنطن بعد أن كانت حليفتها في ما يسمى بالحرب على الإرهاب. ويقول الكاتب مهدي حسن في مقال نشرته الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين هرولوا واحدا تلو الآخر في الأسابيع الأخيرة لإدانة ما وصفوه بوحشية الأسد، فاتهمه الرئيس باراك أوباما بارتكاب "حمام دم" ودعاه للتنحي، في حين وصفته وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون بالطاغية. ووصف إليوت أبرامز نائب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس السابق جورج بوش، سورية بأنها "العدو الشرير". وهنا يتساءل كاتب المقال عما يمكن أن يقوله ماهر عرار –المواطن الكندي من أصل سوري- الذي سلمته السلطات الأمريكيةلدمشق للاستجواب في الزنازين السورية. ويقول حسن إن عرار اعتقل في مطار نيويورك في 26 سبتمبر 2002، وتم ترحيله بعد 13 يوما من الاستجواب من قبل السلطات الأمريكية إلى موطنه الأصلي -وليس إلى كندا التي يحمل جنسيتها- للاشتباه بتورطه مع تنظيم القاعدة بناء على معلومات استخبارية مغلوطة قدمتها السلطات الكندية. وعلى مدى عشرة أشهر، احتجز عرار في زنزانة صغيرة وتعرض للتعذيب وفقا للجنة تحقيق كندية. والسؤال الذي سيبقى مطروحا -والكلام للكاتب- هو: لماذا لجأت أمريكا إلى تسليم عرار إلى بلد وصفته بأنه "عدو شرير" ويديره "طاغية"؟ ويرى الكاتب -الذي يعمل في القناة التلفزيونية الرابعة في بريطانيا- أن منظمات حقوق الإنسان تعتقد منذ زمن أن الهدف غير المعلن لما يسمى "بتسليم المعتقلين" هو إخضاع المشتبه بضلوعهم في الإرهاب لمختلف صنوف التعذيب والاستجواب في الخارج، لأنها تعد غير قانونية في أمريكا. ويفند الكاتب ما يدعيه المسؤولون الأمريكيون من الجهل بذلك، مشيرا إلى أن لديهم كل الأسباب التي تجعلهم يعتقدون أن سوريا ستسيء معاملة عرار. فقبل ذلك بستة أشهر، أي في مارس 2002، خلص تقرير حقوقي لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن سورية إلى "استمرار خطير لإساءة المعاملة، بما في ذلك التعذيب في المعتقلات". ويؤكد عرار أن جلاديه السوريين تلقوا أسئلة محددة من الحكومة الأميركية، حيث طُرحت عليه في دمشق نفس الأسئلة التي طرحت عليه في نيويورك. ويقول الكاتب إن قضية عرار لم تكن الأولى من نوعها، فوفقا للصحفية جين ماير من مجلة نيويوركر، فإن سورية كانت إحدى "الجهات المشتركة" لتلقي المشتبه بهم. وينقل كذلك ما قاله مدير المخابرات المركزية الأمريكية السابق روبرت باير عام 2004 "إذا كنت تريد استجوابا جديا فأرسل المعتقل إلى الأردن، أما إذا كنت تريد تعذيبه فابعثه إلى سورية". وقضية محمد حيدر زمار -وهو مواطن ألماني من أصل سوري اتهم بتجنيد عناصر للقاعدة- حالة أخرى حيث اعتقل في المغرب في أكتوبر 2001، ونقلته المخابرات الأمريكية إلى سورية حيث وضع في حجز انفرادي بفرع فلسطين سيئ الصيت. ويشير إلى أن مجلة تايم قالت في يوليو 2002 إن "المسؤولين الأميركيين في دمشق نقلوا أسئلة مكتوبة إلى السوريين الذين بدورهم نقلوا لهم الإجابات". وأضافت المجلة أن "المسؤولين في وزارة الخارجية كانوا يفضلون هذه الطريقة، لأن ذلك يساعد الحكومة الأمريكية على أن تنأى بنفسها عن أي تعذيب يقوم به السوريون بحق زمار". ويخلص الكاتب مهدي حسن إلى أن ثمة أدلة قاطعة على أن الولاياتالمتحدة تعاونت عن كثب في الأشهر والسنوات التي تلت أحداث 11 سبتمبر، مع سوريا التي غدت حليفا في الحرب على الإرهاب ووجهة لضحايا "تسليم المعتقلين".