بداية من أنهم يرفعون شعار وراية الاسلام، فكل تصرف متخاذل منهم يلتصق آليا في أذهان الأغلبية بالإسلام، والإسلام من هذا التخاذل براء. كما أنهم للأسف الشديد، يحاولون تأصيل التخاذل الذي يفعلون بأدلة وأسانيد من السيرة النبوية المشرفة، وهذا في رأيي قمة العبث. وعلى الرغم من خطورة تلك الأفعال إلا أن الفعل الأخطر على الإطلاق في رأيي المتواضع أنه طبقا لنظرية الانتخاب الطبيعي فالكيانات التي يمكنها التعايش مع الظروف القاسية هي التي تكون أقوى و مرشحة للبقاء أكثر وأطول، لذلك فإن المحن التي تعرض لها الإخوان طيلة الحقب الماضية تكسب التنظيم مناعة وحيوية بحيث أنه لا يموت بموت صاحبه. كل تلك المقومات كان من المفترض أن تجعل الاخوان الفصيل الجاهز ليرث النظام السابق، خاصة أنه جمع ما بين الشعبية و التدين و صلابة العود الناجمة عن التعرض للمحن السابقة. ونجحوا في دخول البرلمان بأغلبية واضحة. أي أنهم يمتلكون من المقومات ما لا يملكه أحد غيرهم، سواء شئنا أم أبينا واتفقنا معهم أم لم نتفق. من ناحية أخرى، يمثل نجاح الفلول بقيادة المجلس العسكري في تطويع الفصيل الوحيد القوي والمنظم والقادر على الحشد الشعبي والثوري والسياسي معا طعنة للثورة وثوارها وجماهيرها وبرنامجها، لا يدركها إلا أولو الألباب. ما يحدث من مهازل ومناقشات محبطة على توافه الأمور والمسائل ومن أفعال مخزية تحت قبة البرلمان هو التجسيد المادي لمعنى "الخيانة": خيانة لكل شئ وليس للثورة فحسب. خيانة لمبادئ الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله) وخيانة لاسم الاسلام الذي هو براء من تخاذلهم ومن بعض أفعالهم، وخيانة للشباب الطاهر الذي يساند القيادات بكل قوته وهو يحسب أنه يساند دينه، وخيانة لكل شخص خرج من منزله يوم الانتخابات وأدلى بصوته لمرشح لا يعرفه أو لقائمة لا يعرف حتى نصف أعضائها، فقط لأنه وثق في اسم الإخوان ودعوة الإخوان. ولن أقول خيانة للثورة وشهدائها وأهلهم الثاكلين، والذين لو لا تضحياتهم واستشهادهم لما حلم جل الإسلاميين بالخروج من السجون، ورفع الإصر والأغلال والحظر عنهم، بل ولما حلموا بإقامة حزب سياسي يتمتع بالشرعية السياسية والدستورية، ويحوز أكبر كتلة في الأصوات ومقاعد العضوية النيابية...! حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل أعلم علم اليقين أن الثورة ستنتصر وتحقق أهدافها وتقيم برنامجها إن شاء الله، ولو بعد حين. لكن بهذه الطريقة العبثية أو العدمية سوف تقدم الأمة شهداء أعز وأكرم وتدفع أثمانا باهظة هي أغلى بكثير مما ينبغي لها. وقد يتأخر الانتصار الحاسم وقد ندفع أعمارنا أو بالأحرى ما تبقى منها ولا نرى النتائج بأنفسنا، رغم أنه في يدهم من الإمكانات والفرص ما يحول دون أن يكون الأمر كذلك!