سيادة وجوع خير من دولار يتبعه أذى، هذا ما قالته القاهرة لأمريكا بعد الثورة، ودائماً ما تستخدم واشنطن المعونة كورقة ضغط على مصر لتحقيق مصالحها السياسية وكأداة للنفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية علي مصر خلال ال 59 عاماً الماضية. ولأن واشنطن تشترط عندما تقدم آي معونة أن تصب في مصالحها، أصبح ذلك صعباً بعد خلع مبارك وأمرعبثي وغير مُجدي، لأن ميزان السيادة بدأت كفته تعتدل نحو دور حقيقي تلعبه القاهرة دون إملاءات أو توجيه من واشنطن عبر الريموت كنترول. والتلويح بقطع المعونة بعد الأزمة التي نشبت مؤخرًا حول تمويل منظمات المجتمع المدني لم تكن المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بعد الثورة. وفي سخونة الأحداث أطلق الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسان مبادرة تحت عنوان (المعونة المصرية للاستغناء عن المعونة الأمريكية ) وجد أن هناك إستجابة سريعة من الشعب المصري للمشاركة في تلك المبادرة. وقال حسان أنه يثق في الشعب المصري وأنه سيجمع أضعاف ضعاف ما يأتي من تلك المعونة حيث إن كل فئات المجتمع ستشارك في هذه المبادرة. مشيرا إلى أنه سيتم العمل على البدء في المبادرة بالاتفاق مع الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، وإتفقا بالفعل علي إنشاء صندوق العزة والكرامة برأسمال يستهدف من 500 إلي 1000مليار جنيه . والمعونة مبلغ ثابت سنويا تتلقاه مصر من واشنطن في أعقاب توقيع اتفاقية الإعتراف بالكيان الصهيوني عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر تقديم مقابل إذعان وخضوع لمصر في شكل اقتصادي وآخر عسكري بشكل سنوي. وتحول الأمر منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 2.1 مليار دولار، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية، وذلك نظير خدمات وأدوار طُلبت من مصر لصالح المشروع الصهيوأمريكي في إفريقيا والدول العربية، وقامت بها القاهرة على الوجه الأكمل. ولاتمثل المعونات الأمريكية لمصر سوى 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، سواء من الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما من الدول، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري وفق وزارة التعاون الدولي. وبينما غرد نائب المرشد العام للجماعة الدكتور رشاد بيومى داخل السرب، وقال أن تهديدات قطع المعونة لن تخيف مصر الثورة، وذهب أبعد من ذلك واصفاً "الصدقة" الأمريكية ب"القيد النجس"، خرج حزب الجماعة عن الصف مؤكداً الاستغناء عن المعونة سيعطل مسيرة الإستقرار. وحلق حزب الحرية والعدالة المسيطر على برلمان الثورة بعيداً عن آمال المصريين وهدد بأنه إذا قطعت الولاياتالمتحدة المعونة عن مصر، فسوف يقوم البرلمان بتعديل معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين مصر والكيان الصهيونية، لأن المعونة جزء من هذه الاتفاقية.!