أثارت دعوى محمود غريب عضو مجلس الشعب المنتخب عن حزب النور السلفي، أثناء انعقاد مؤتمر للحزب بإنشاء وزارة لجمع الزكاة وتسميتها "بيت المال" وأنها ستوفر ما يقرب من 10 مليارات جنيه، الجدل بين علماء الأزهر. قال الدكتور محمد المختار المهدي أستاذ الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين جامعة الأزهر الرئيس العام للجمعيات الشرعية، أن إنشاء وزارة للزكاة هو أمر سابق لوقته، وأنه من المفترض الانتظار إلى أن تهدأ البلد ويتم تشكيل مجلس تشريعي ترجع إليه مثل هذه الأمور. وأضاف المهدي أن الجماعة السلفية تحاول تقليد السعودية تقليداً حرفياً، مشيراً إلي أن السعودية ليست بالنموذج الإسلامي الكامل، ولا تعرف الاقتصاد الإسلامي، وأن البلاد تحتاج إلي تطبيق الإسلام بصورة حقيقة وليس بشكل مقلد أو منقول عن أحد. ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه من المقرر دستوراً وعرفاً أن الأزهر هو المؤسسة المعتمدة لكل ما يختص بالأمور الإسلامية، لأن الأزهر الشريف بعلمائه وخبراته وعلومه الأصلية ووسطيته أدرى بفقه المصالح. وطالب كريمة هذه الأحزاب بعدم التدخل في مثل هذه الأمور وأن تتركها للمرجعيات المختصة حتى لا يؤدي ذلك إلي تداخل السلطات، خاصة وأن هذا الحزب ينبثق عن تيار مناهض للأزهر الشريف إلا وهو التيار الوهابي الذي له أجنداته المختلفة عن وسطية الأزهر الشريف. وأشار كريمة إلى أن أداء الزكاة هو في الأصل عمل فردي ما عدا زكاة الأنعام لظروفها، ولكن فيما عدا ذلك فإن الزكاة أمر فردي لأن الأصل في الزكاة أن تأخذ من الأغنياء لإعطائها للفقراء، مشيرا إلى أنه قد نادي إلي إنشاء بيت الزكاة تقوم به هيئة مستقلة بجمع الأموال وصرفها في المصارف الشرعية وذلك بالتعاون بين الأزهر وإحدى البنوك الاجتماعية في كل محافظة. وطالب كريمة الأحزاب السياسية أن تتفرغ لما يخصها من معالجة الاقتصاد والأمور السياسية المنوطة بها، وعليهم أن يرفعوا أيديهم عن هذه الدعوات ويتركوها للمختصين. ورأى أنه يجب عليهم أن يعدوا المشروعات الاقتصادية لمعالجة البطالة وازدهار الاقتصاد بدلاً من انشغالهم بالمايوهات والمصطافين والشرطة الدينية وإكراه الناس على أفعال معينة، فهم من المفترض كما نص عليه قانون الأحزاب أنهم حزب سياسي لا شأن له بالأمور الدينية كما نص عليه الدستور وقانون الأحزاب. ويقول الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إن إنشاء وزارة للزكاة أمر غير مناسب تماماً لعصرنا الحالي، فعصرنا مختلف عن ما كان عليه أيام الرسول الكريم. وأشار بيومى إلي أن الزكاة من حق الفقراء فإذا خصص لها وزارة لا يعلم أحد غير الله لمن ستذهب هذه الأموال، مشيراً إلى أن الزكاة عبادة فردية يقوم بها الإنسان عن طيب خاطر وسعة صدر يدفعها وهو سعيد لمن يرى فيه الحاجة لها، فلابد أن تترك مسئولياتها للإنسان يدفعها في وقتها لمصارفها التي يرها. ويوافقه في الرأي الدكتور محمد شامة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، مؤكداً أن إنشاء وزارة للزكاة يعمل على تبديد الأموال في غير مصارفها الشرعية، لأن من أموال الزكاة سيتم الصرف منها على رواتب العاملين بالوزارة وبالتالي ستضيع في الهباء دون صرفها لمن يستحقون. ويرى شامة أن كان ولابد فيمكن أن يكون لها هيئة مصغرة يرأسها فرد يعتني بهذا الأمر وتكون خاضعة لوزارة التضامن الاجتماعي وتشرف على توزيع الأموال في أبوابها الشرعية. وتساءل الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق عن كيف يكون للزكاة وزارة وهي حق من حقوق الله يجب صرفها في الأوجه الشرعية التي حددها الله في كتابه، لا يجب أن تكون تابعة للدولة وتكون كالضرائب. وطالب أن تكون لها مؤسسة يقوم عليها أمناء يعملون على جمع الزكاة والقيام بتوزيعها على الفقراء وفي فتح مجالات مختلفة من تزويج الشباب وإيجاد فرص عمل وغير ذلك، وألا تكون وزارة تابعة للدولة يجبر عليها الأشخاص كالضرائب.