تشهد عشرات المدن حول العالم احتجاجات واسعة للمنددة بالنظام المالي العالمي الجديد وبالسياسات الاقتصادية التي تكرس الاستغلال والجشع ضد ملايين البشر ونشرت الفقر والبطالة في العالم، واتسع نطاقها لتستوعب آلاف المشاركين، وشهد بعضها اشتباكات مع قوات الأمن واعتقالات في صفوف النشطاء. كانت البداية من العاصمة الأمريكية خيث خرج الآلاف إلى الشوارع والساحات والأحياء المالية في مدن واشنطن وتورونتو ودنفر وأورلاندو وميلووكي رالي ونورث كارولاينا، في مظاهرات احتجاجية وصفتها صحيفة واشنطن بوست بأنها هي العظمى منذ أن بدأت شرارتها قبل شهور. وأعلنت الشرطة في شيكاغو أن 175 متظاهرا من الغاضبين اعتقلوا صباح الأحد أثناء إخلاء حديقة كانوا يتجمعون فيها، بعد 90 دقيقة من إطلاق السلطات تحذيرا بأن المجموعة تخترق قانون البلديات، كما وقف بعض المتظاهرين رافضين المثول لأوامر الشرطة بضرورة مغادرة الحديقة فاعتقلوا على الفور. وكان قرابة 2000 شخص نصبوا الخيام في حديقة جراند بارك وسط شيكاغو، ما دفع الشرطة إلى تحذيرهم من مغبة خطوتهم تلك واستعمال القوة لإخراجهم منها، كما أعلنت شرطة نيويورك أن 92 شخصا اعتقلوا كما أصيب ثلاثة عناصر من الشرطة بجروح طفيفة في تايمز سكوير. وفي ولاية أريزونا قال صحفيون ومتظاهرون إن نحو 40 شخصا اعتقلوا في حديقة فونيكس بسبب بقائهم هناك بعد الوقت المحدد قانونا. وفي ميامي، وهي المدينة التي نادرا ما تستضيف مظاهرات حاشدة، شارك ما لا يقل عن ألف شخص وسطها بمن فيهم شباب ومتقاعدون نددوا بجشع الشركات والبنوك والحروب. وفي مكسيكو سيتي في المكسيك، تجمع بضع مئات احتجاجا على "استغلال" النخب الثرية. وفي مدينة تيخوانا الحدودية، تجمع حوالي مائة متظاهر بمن فيهم طلاب جامعات احتجاجا على عدم وجود فرص عمل للخريجين. وفي كندا، تظاهر مئات في قلب منطقة تورونتو المالية، وأعلن بعض المتظاهرين الاعتصام لأجل غير مسمى في سانت جيمس بارك، كما جرت احتجاجات في مدن أخرى في جميع أنحاء كندا. مظاهرات أوروبا كانت البرتغال مسرحًا لأكبر الاحتجاجات في القارة، حيث شارك أكثر من عشرين ألف شخص في مسيرة بالعاصمة لشبونة، وعدد آخر مماثل في أوبورتو ثانية كبرى المدن بالبلاد، بعد يومين من إعلان الحكومة عن حزمة جديدة من الإجراءات التقشفية. واخترق المئات سياجًا فرضته الشرطة حول البرلمان في لشبونة واحتلوا درجه الرخامي، وردد المتظاهرون "هذه الديون ليست ديوننا"، وطالبوا بخروج صندوق النقد الدولي من البلاد. وفي العاصمة البريطانية، اعتصم اليوم 250 متظاهرا على الأقل خارج كاتدرائية سانت بول في قلب لندن، وتعهدوا بالبقاء إلى أجل غير مسمى لإظهار غضبهم على المصرفيين والسياسيين، بينما كانت أغلب الاحتجاجات صغيرة نسبيا، وبالكاد عطلت حركة المرور. وشهدت العاصمة الإيطالية روما احتجاج عشرات الآلاف وامتد لعدة كيلومترات في قلب مركز المدينة، واشتبك مئات المتظاهرين الملثمين مع الشرطة في واحد من أسوأ أعمال عنف تشهدها العاصمة الإيطالية منذ سنوات، وأشعلوا النيران في سيارات وهشموا واجهات متاجر وبنوك وحطموا إشارات المرور. وأعلن مصدر إيطالي رسمي أن أعمال العنف التي شهدتها شوارع روما أدت إلى وقوع 135 جريحا بينهم 105 من عناصر الشرطة كما تسببت بأضرار في الممتلكات العامة قدرت بنحو مليون يورو، وشدد عمدة روما جياني أليمانو على ضرورة التحرك بالحزم المناسب في وجه المحتجين. واشترك نحو 4000 يوناني يرفعون لافتات عليها شعارات مثل "اليونان ليست للبيع"، في مظاهرة مناهضة لإجراءات التقشف بميدان سينتاغما في العاصمة أثينا مسرح الاشتباكات العنيفة بين الشرطة والشبان في يونيو الماضي. وفي فرنسا احتشد نحو ألف محتج أمام مبنى المجلس البلدي في باريس، تزامنًا مع اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين بعد تجمعهم في ضاحية بيليفل التي يقطنها أبناء الطبقة العاملة. وفي العاصمة الإسبانية مدريد نظم نحو ألفي شخص مسيرة إلى ميدان بويرتا ديل سول، رفعوا فيها لافتات تقول "كفى مسكنات.. القتل الرحيم للبنوك". وفي ألمانيا، تجمع 6000 شخص في برلين وهامبورغ ولايبزيغ وخارج البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت على وقع صيحات "لن نبيع مستقبلنا للبنك المركزي الأوروبي". واحتشد متظاهرون سلميون في بارادبلاتز الميدان الرئيس في المركز المالي بمدينة زيوريخ السويسرية، فيما سجل احتجاج صغير في دبلن بإيرلندا. أما هولندا فقد نصبت الخيام في أمستردام حيث قام نشطاء بتشييد نحو 50 خيمة في ساحة البورصة، وتجمع فيها أكثر من 300 شخص في الساحة قبل ظهر الأحد. احتجاجات آسيا وفي آسيا خرج المئات في العاصمة اليابانية طوكيو بمشاركة محتجين مناهضين للطاقة النووية، واحتشد أكثر من مائة شخص في بورصة تايبيه ورددوا قائلين "نحن 99% من تايوان"، وقالوا إن النمو الاقتصادي عاد بالنفع فقط على الشركات بينما بالكاد تغطي مرتبات المنتمين للطبقة الوسطى التكاليف الأساسية. وفي هونج كونج التي تقع بها مقرات بنوك آسيا الاستثمارية ومنها جولدمان ساكس، احتشد أكثر من مائة شخص في ميدان البورصة بالحي المركزي، وانضم طلاب جامعيون للمتقاعدين ورفعوا لافتات تصف البنوك بالسرطان. وفي العاصمة الفلبينية مانيلا نظم بضع عشرات مسيرة إلى السفارة الأميركية، رافعين لافتات تقول "تسقط الإمبريالية الأميركية" و"الفلبين ليست للبيع" بينما شهدت سنغافورة وماليزيا تجمعات صغيرة تحسبًا لقمع الشرطة. وسار حوالي 250 كوريا جنوبيا في شوارع سول احتجاجا على ما وصفوه بجشع الشركات واتساع الهوة بين المداخيل، وذكرت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) أنه -رغم الأمطار- احتشد الناشطون قبالة مقر لجنة الخدمات المالية، وهي أكبر جهاز للتنظيم المالي في البلاد. أفريقيا وأستراليا ونيوزيلندا وشهدت جنوب أفريقيا مظاهرات مماثلة في مدن رئيسة منها جوهانسبرغ ودوربان وكيب تاون، وركزت المظاهرات في جوهانسبرغ على أحوال البورصة، وحمل عشرات المتظاهرين لافتات بعثت برسائل سياسية منها "فلتنصتوا للشعب" و"فليتقاسم الشعب الثروات". وفي سيدني نظم نحو ألفي شخص، بينهم ممثلون عن السكان الأصليين واشتراكيون وممثلون عن النقابات العمالية، احتجاجا خارج البنك المركزي الأسترالي. وفي أوكلاند كبرى مدن نيوزيلندا، شارك نحو 3000 شخص في احتجاج حيث رددوا هتافات وقرعوا الطبول. وتجاوب الآلاف حول العالم مع دعوة "الغاضبين" للتظاهر في اليوم الأول للتعبئة الاحتجاجية على تدهور الأوضاع الاقتصادية وهيمنة رأس المال. وتحت شعار "يا شعوب العالم انهضوا" و"انزل إلى الشارع"، و"اصنع عالما جديدا"، دعا "الغاضبون" إلى التظاهر في 951 مدينة في 82 دولة حسب موقع "15 أكتوبر"، وذلك احتجاجا على الوضع الاقتصادي الهش الناشئ عن الأزمة الاقتصادية العالمية وسلطة رؤوس الأموال. ويشار إلى أن الدعوة إلى الاعتصام في وول ستريت بدأت في 17 سبتمبر الماضي، بعد انتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أشهر مستلهمة من اعتصامات ميدان التحرير بالقاهرة، وبنفس الطريقة خيم مئات المحتجين في مدريد رافضين أسلوب الحكومة في معالجة الأزمة الاقتصادية.