د.مازن النجار \n\n توصلت دراسة طبية جديدة لباحثين بجامعة أيموري ومعاهد الصحة القومية (الأميركية)، إلى استراتيجية استهداف واعدة للفرز التشخيصي الجماعي يمكنها أن تجعل تشخيص ومعالجة مرض شاغاس أكثر جدوى في الأوضاع شحيحة الموارد.\nيسبب مرض شاغاس طفيلي وحيد الخلية يدعى \"ترايبانوسوما كروزي\" (T. cruzi)، وتنقل عدواه حشرة ترياتومين، التي تتفشى في منازل المجتمعات المحلية الفقيرة. تقدر عدد إصابات عدوى المرض بنحو 11 مليون إصابة في أميركا اللاتينية، وتقتل سنوياً عدداً من الضحايا يفوق ضحايا أي مرض طفيلي آخر في الأميركتين.\nتقليدياً، تركز برامج المراقبة والسيطرة على مرض شاغاس، وغيره من الأمراض الطفيلية كالبلهارسيا، على تعطيل انتقال الطفيلي الذي يسبب المرض، وذلك باعتراض دورة حياة الطفيلي خاصة في طور العدوى، ومن خلال تدابير مكافحة النواقل (مثل عمليات الرش بمبيدات الحشرات)، بدلاً من التركيز على اكتشاف الحالات العدوى النشطة والعلاج المحدد للمصابين. \nتفويت فرصة العلاج\nوفي حين قلصت إجراءات السيطرة على العدوى من نطاق الانتشار الجغرافي لنواقل الطفيليات المسببة للمرض، بدون الانتباه في الوقت المناسب لأهمية تشخيص المصابين فعلاً بالعدوى، فقد أدى ذلك لتفويت فرصة العلاج الفعال، كإعطاء العقاقير المضادة للطفيليات.\nبيد أن أحد الأسباب البارزة لتدني مستويات العلاج هو أن الخدمات الصحية وبرامج السيطرة على الوباء فى أميركا اللاتينية وغيرها تفتقر للموارد الكافية لفحوصات الدم الجماعية الشاملة والعلاج تحت الإشراف في المناطق الأكثر تضرراً.\nاقترحت هذه الدراسة استراتيجية بديلة لمكافحة الطفيلي والتعرف على الإصابات، لها إمكانات واعدة من حيث الفعالية والجدوى الاقتصادية، وبالتالي ستكون أكثر قدرة وتأثيراً في الأقاليم شحيحة الموارد ومصابة بالوباء.\nأجرى الباحثون مسحاً سيرولوجياً (بالاختبارات المصلية) للأطفال والمراهقين، أعمارهم بين سنتين و18 عاماً، في الجماعة الحضرية المحيطة بأريكيبا في البيرو، حيث تشهد حالياً حملة لمكافحة الحشرات الناقلة لطفيلي المرض.\nربط النتائج بالمعطيات\nوجد الباحثون أن 5.3 بالمائة من الأطفال والمراهقين مصابون فعلاً بنفس الوقت الذي تتلقى فيه أسرهم المبيدات الحشرية الضرورية. كما تبين أن أسر المصابين بالعدوى تعيش في أحياء أو قرى متجمعة حولها بعضها البعض بدرجة كبيرة. ثم ربط الباحثون نتائجهم بالبيانات التي جمعت خلال حملة مكافحة الحشرات الناقلة، ذات الصلة بالحشرات والأماكن والتعداد السكاني.\nفوجدوا أن استخدام هذه البيانات المتصلة ببؤر انتشار الحشرات الناقلة لاستهداف أو تركيز الفحوصات التشخيصية (على تجمعات سكانية بعينها) سيغطي أو يشير إلى حوالي 83 بالمائة من المصابين بالعدوى، بينما يتم فحص نسبة 22 بالمائة من المرشحين للفحص التشخيصي، وهي 22 بالمائة فقط نظراً لطريقة تركز أسر الأطفال والمراهقين المصابين حول بعضهم البعض في بؤر معينة.\nخلص الباحثون إلى أن البيانات التي جمعت بسهولة خلال الحملات الجارية لرش المبيدات الحشرية في أريكيبا بالبيرو يمكن استخدامها للتعرف على الأطفال المعرضين لأكبر مخاطر العدوى بطفيلي \"ترايبانوسوما كروزي\".\nأهمية هذه الدراسة بالنسبة للبلاد العربية، والعالم الثالث عموماً، هي في النموذج البحثي الموجه لمكافحة انتشار الأوبئة الطفيلية كالبلهارسيا وغيرها، في بلاد تفتقر للموارد الكافية لمكافحتها، وتحتاج بالتأكيد لتحسين كفاءة أساليب الوقاية والتشخيص والعلاج.\nتمثل هذه الأوبئة الطفيلية عبئاً كبيراً ينوء به نظام الرعاية الصحية والاقتصاد الوطني للبلاد التي تنتشر فيها، خاصة أنها تصيب نسبة غير هينة من قوة العمل في شرخ الصبا والشباب، بل وتؤدي إلى انتشار أمراض أخرى كالالتهاب الكبدي الوبائي (سي).