وليس من مصلحة تركيا إعادة علاقاتها مع إسرائيل فحسب؛ ولكن أردوجان يجب أن يظهر للولايات المتحدة وأوروبا أنه شريك يمكن الاعتماد عليه عبر التعامل مع القضايا الأخرى المثيرة للقلق مثل تطبيع العلاقات التركية مع أرمينيا وقبرص. \r\n وقد التقيت مؤخراً بممثلين عن المؤتمر الحزبي التركي في الكونجرس الأميركي. وكان هؤلاء الأشخاص يشعرون بالدهشة إزاء وصف أردوجان للسياسة الإسرائيلية في قطاع غزة بأنها \"جريمة ضد الإنسانية\". وكانوا يشعرون بمزيد من الذهول إزاء استقبال الأبطال والترحيب الكبير الذي لاقاه لدى عودته من منتدى دافوس إلى إسطنبول؛ عندما تقاطر الآلاف من أنصار حزبه إلى المطار وهم يلوحون بالعلم الأخضر لحركة حماس. \r\n ولم يخطط أردوجان لمواجهته مع بيريز في دافوس؛ ولكنه سعى بسرعة إلى تحقيق مكاسب سياسية منها. ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها يوم 29 مارس القادم، ساهم دعم أردوجان لحركة حماس في زيادة شعبية حزبه في نتائج استطلاعات الرأي. وحقق قبول أوراق الاعتماد الديمقراطية لحركة حماس أثراً جيداً على \"الناخبين في الشارع التركي\"؛ وساهمت تصرفات أردوجان الأخيرة في جعله شريكاً مقرباً لكل من دمشق وطهران. \r\n وقد أضرت تصريحات أردوجان المؤيدة لحركة حماس إلى حد كبير بالعلاقات التركية مع الولاياتالمتحدة، ولم يكن يمكن أن تأتي مثل هذه التصريحات في وقت أسوأ من ذلك. وسوف يتم تقديم قانون الإبادة الجماعية للأرمن قريباً في الكونجرس الأميركي. ومع دعم القادة البرلمانيين من كل الاتجاهات للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، من المحتمل أن يتم تمرير مشروع القانون هذا خلال العام الحالي. وكان أنصار تركياً في الكونجرس برفقة الجماعات اليهودية التي تؤيد تقارب أنقرة مع إسرائيل قد عملوا بنشاط كبير من أجل الدفاع عن مقاومة القرارات السابقة المتعلقة بقضية الإبادة الجماعية للأرمن. ولكن بعد الملاسنة التي وقعت في منتدى دافوس، لم يعد هذه الأشخاص يبالون بالدفاع عن تركيا في هذه القضية. \r\n وإذا تم تبني قرار بخصوص هذه المسألة، سوف يحتج المسؤولون الأميركيون بقوة. ويمكن أن تمضي أنقرة لأبعد من ذلك وأن تمنع وصول الطائرات الأميركية إلى قاعدة إنجرليك الجوية في جنوب غرب تركيا. وتستخدم الطائرات الأميركية المقاتلة هذه القاعدة منذ حرب الخليج الأولى. وتمتلك قاعدة إنجرليك الجوية أهمية إستراتيجية للجيش الأميركي في الوقت الحالي لأنها تستخدم في نقل الإمدادات الضرورية للقوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان إلى جانب إستخدامها في عمليات إعادة إنتشار القوات الأميركية في العراق. وسوف يتسبب قرار إغلاق قاعدة إنجرليك الجوية التركية أمام الجيش الأميركي في حدوث أزمة كبيرة للعلاقات التركية الأميركية، ولا يريد أي شخص أن يحدث ذلك. وتدرك إدارة أوباما بشدة الأهمية الإستراتيجية لتركيا. وتعرف أن تركيا هي عضو وحليف هام في حلف الناتو وشريك في الحرب على الجماعات المسلحة المتطرفة. وتنتشر القوات التركية إلى جانب القوات الأميركية وقوات حلف الناتو في أفغانستان. وتلعب تركياً أيضاً دوراً وسيطاً في منطقة آسيا الوسطى إلى جانب متاخمتها لإمدادات الطاقة من بحر قزوين إلى الأسواق الغربية. \r\n ولكن على الرغم من أن تركيا هي دولة حليفة لا يمكن الإستغناء عنها، فإن مسئولية تجنب توقف المسار الدبلوماسي تقع على كاهل أردوجان؛ الذي يمكن أن يتجنب حدوث الأزمات من خلال تطبيعه للعلاقات الدبلوماسية مع أرمينيا وفتح الحدود بين تركيا وأرمينيا. \r\n وليس هناك رابط بين تطبيع العلاقات مع أرمينيا وقرار الإعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن. ولن تمر إشارة تركيا التصالحية دون أن يتم ملاحظتها في واشنطن، ونفس الحال ينطبق على الجهود التي يمكن أن تبذلها لتحسين علاقاتها المتوترة بشكل متزايد مع الإتحاد الأوروبي. وإذا أراد أردوجان أن يتجنب المكاشفة مع بروكسيل، يجب أن يبذل أيضاً المزيد من الجهود من أجل حل الوضع القائم في قبرص. وكانت تركيا قد غزت قبرص في عام 1974، وبقيت هذه الجزيرة مقسمة إلى اليوم. وسوف يقيم الإتحاد الأوروبي إمكانية إنضمام تركيا لعضويته في نهاية العام الحالي. وعلى الرغم من إستبعاد تعليق بروكسيل بشكل رسمي للمفاوضات مع تركيا، فإنها لن تقرر توسيع هذه المفاوضات في ظل غياب التقدم في المحادثات التي تجري بواسطة منظمة الأممالمتحدة لإعادة توحيد الجزيرة المقسمة. وسوف يساهم فتح الموانيء التركية أمام السفن القبرصية في زيادة الضغط على القبارصة اليونانيين للتفاوض بجدية أكبر. وسوف تبعد هذه الخطوة أنقرة عن المشاكل فيما يتعلق بتوجيه اللوم إذا تعثرت محادثات إعادة توحيد شطري جزيرة قبرص. \r\n وإذا أراد أردوجان إستعادة سمعته كرجل دولة وشريك يمكن أن يعتمد عليه الغرب، يجب أن تعيد تركيا تقوية علاقاتها مع إسرائيل وأن تطبع العلاقات مع أرمينيا وترحب بالسفن القادمة من قبرص. وقد أخطأ أردوجان بعدما تحول إلى شخص مدافع ونصير لحركة حماس؛ لأن مستقبل تركيا يكمن مع الغرب. \r\n \r\n ديفيد فيلبس \r\n أستاذ زائر في جامعة كولومبيا ومدير مبادرة تركيا في المجلس الأطلسي بالولاياتالمتحدة. \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون، خاص ب (الوطن) \r\n