فقد تدهورت العلاقات بين إقليم جامو ذو الأغلبية الهندوسية، وإقليم وداي كشمير وغالبية أهاليه من المسلمين، منذ مايو الماضي، جراء قرار وضع مساحة من أراضي كشمير المسلمة، تحت إشراف مجلس يدير شئون رحلات الحج الشعبية السنوية لضريح \"أمارناث\" الهندوسي في قلب هيمالايا كشمير. \r\n \r\n وإحتدمت الأضطرابات التي أثارها هذا القرار بين الجماعتين، إلي حد سحب حزب الشعب الديمقراطي الإقليمي لمساندته لحكومة التحالف الإقليمية، التي يترأسها الوزير الأول غلام نابي آزاد من حزب الكونغرس، مما أدي إلي وضع الولاية تحت سلطة الحكومة المركزية في 7 يوليو الماضي. \r\n \r\n والآن، فقد عجزت الحكومة المركزية، والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، عن الإتفاق حول موعد الإنتخابات الواجب إجرائها لتشكيل برلمان الولاية الجديد. \r\n \r\n فشرح بالراج بوري، الخبير المعروف بشئون كشمير والمقيم بإقليم جامو، ل \"آي بي اس\"، أنه لا يعتقد أنه \"من الحكمة عقد هذه الإنتخابات في وقت تجتاز فيه الولاية وضعا صعبا. أخشي أن تزيد (الإنتخابات) من تفاقم الاؤضاع\". \r\n \r\n ودعي الخبير، وهو من أنصار إستقلالية إقاليم الولاية، إلي التريث حتي تهدأ الأمور وإعطاء الأولوية للحوار بين الإقليمين بغية التوصل إلي تقارب في وجهات النظر. \r\n \r\n ومن جانبها، أعربت ريخا شودهاري، أستاذة العلوم السياسية بجامعة جامو، أن الحكومة المركزية بتخطيطها لإجراء الإنتخابات، تبدي عدم حساسيتها بالأوضاع الخطيرة السائدة في الولاية. وقالت \"أعتقد أن عقد الإنتخابات في الأحوال الراهنة سوف ينطوي علي خطر ضخم. فلم يسبق وأن شاهدنا مثل هذا النوع من العداء بين أقاليم الولاية\". \r\n \r\n وشرحت أن الحكومة المركزية تبدو مقتنعة بأن إجراء الإنتخابات سوف يساعد علي سد الفجوة بين إقليمي جامو وكشمير. \r\n \r\n وتوقعت شودهاري لإقليم كشمير أن \"تزداد شعبية الجماعات الداعية للتحرر (من الهند) والتي نادت بمقاطعة الإنتخابات، من خلال إستقطابها للمشاعر الشعبية المعادية للهند. أما في إقليم جامو، فسوف يربح (الإنتخابات) حزب اليمين \"بهاراتيا جاناتا\"، الذي روج (ضغط) لصالح قرار نقل الأرض المذكورة تحت سلطة مجلس الضريح الهندوسي\". \r\n \r\n هذا وتعتبر ولاية كشمير الهندية مثالا لتنوع اللغات والأعراق والأديان في أقاليم وادي كشمير، جامو، لاداخ، التي تشكل ما يعرف دوليا بإسم \"كشمير تحت الإدارة الهندية\". \r\n \r\n فيقيم نحو 55 في المائة من أهالي الولاية، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، في إقليم كشمير الذي يعتبر مقر السلطة. ويمثل المسلمون 98 في المائة من سكان إقليم كشمير، فيما يمثل الهندوس 60 في المائة في أهالي إقليم جامو. أما إقليم لاداخ فيأوي مجرد 2 في المائة من تعداد الولاية. \r\n \r\n ويذكر أن نحو ثلث مساحة ولاية جامو وكشمير السابقة يقع تحت الإدارة الباكستانية. كذلك أن أهالي إقليم كشمير المسلمين قد بدأوا في 1989، كفاحا مسلحا لصالح التحرر عن الهند، إمتد إلي المناطق المسلمة في إقليم جامو ذو الغالبية الهندوسية. \r\n \r\n ويؤكد المحللون السياسيون أن ظاهرة إنعدام الثقة بين إقليمي جامو وكشمير قد إختمرت منذ زمن بعيد، وأن أهالي الإقليمين وقادتهم قد تنافسوا علي مخصصات التنمية التي ترصدها الحكومة المركزية والمناصب العليا في الإدارة. \r\n \r\n فقال غول محمد واني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كشمير، أن \"حكومة الهند لم تسعي أبدا إلي وضع آلية للجمع (التوحيد) بين أقاليم الولاية وتوفير الشعور بالإنتماء لها، ولم تتبع أبدا سياسة مركزة علي (ولاية) كشمير، بل وحرصت علي وضع حكومات تابعة تخدم مصالحها\". \r\n \r\n وشرح أن \"إقليم جامو يطالب بحصة أكبر من السلطة التي يعتبر أنها تركزت دائما في إقليم كشمير، فيما يطالب أهالي إقليم كشمير بالتحرر الكامل عن الهند\". \r\n \r\n ويذكر أن الإضطرابات التي أثارها قرار نقل السلطة علي مساحة الأرض إلي مجلس الحج الهندوسي، قد أسفرت عن 42 قتيلا علي الأقل، وأشعلت نيران نداءات التحرر عن الهند التي كانت قد خمدت في الخمس سنوات الأخيرة. \r\n \r\n كما تعمق مناخ إنعدام الثقة بين الإقليمين جراء أعلان إقليم كشمير عن قطع علاقاته التجارية مع شركائه في إقليم جامو، كرد فعل علي ما أسموه \"الحصار الإقتصادي\" الذي فرضه أهالي جامو علي إقليمهم أثناء الإضطرابات. فيعتمد إقليم كشمير علي الطريق الذي يعبر جامو، وطوله 300 كيلومترا، سواء في تسلم البضائع الأساسية أو تصدير المنتجات. \r\n \r\n ويقدر الخبراء أن وقف إقليم كشمير للتعامل التجاري مع جامو سوف ينطوي علي خسائر فادحة لكلا الطرفين. فشرح نصار علي، أستاذ الإقتصاد بجامعة كشمير، أن \"إجمالي تجارة كشمير تقدر بنحو 11,3 مليار دولار سنويا، تمثل تبادلاتها التجارية السنوية مع جامو حوالي 6 مليارات دولار منها\". \r\n \r\n والنتيجة أن طالب تجار إقليم كشمير الآن بإعادة فتح الطريق التي تصل ولاية كشمير \"الهندية\"، بكشمير الواقعة تحت الإدارة الباكستانية. وفي 11 أغسطس، نظم تجار كشمير \"الهندية\" وأهاليها، مسيرة رمزية تجاه مظفر آباد، عاصمة كشمير\"الباكستانية\". \r\n \r\n فوقعت إشتباكات مع قوات الشرطة التي أوقفت المسيرة علي مسافة 20 كيلومترا من خط المراقبة، أي الحدود الفعلية بين الجانبين الهندي والباكستاني من كشمير. وأسفرت الإشتباكات عن خمسة قتلي علي الأقل. \r\n \r\n وأخيرا، يذكر أن الطريق الذي يطالب تجار وأهالي كشمير \"الهندية\" بإعادة فتحه، كان همزة الوصل الرئيسية بين كشمير وأسواق راوالبندي في باكستان وغيرها، قبل تتحكم باكستان والهند في أجزاء من كشمير في 1947.(آي بي إس / 2008)