\r\n \r\n وفي الخارج, انشد الشباب المشاركون في موكب الجنازة, بعضهم يرفع علم حماس الاخضر, وآخرون علم فتح الاصفر, مارّين بالجثمان امام منزل اسرته الابيض ذي الطابقين, في الطريق الى المقبرة المجاورة, صادحين: \"يا ام الشهيد, لا تعولي! فجميع الشباب الحاضرين ابناؤك\". ووسط هذه القرية الواقعة على التلال الغربية من مدينة رام الله, كتب شعار حديث على الجدار, يقول \"ان استشهاد احمد موسى سيضاعف نضالنا ضد الاحتلال\". \r\n \r\n أما في احدى غرف الطابق الثاني, المكتظة بالنادبات الدامعات, وحيث كانت مريم موسى الحامل مستكينة في جلستها, ومحملقة في صورة ابنها الثالث, وعلى جانبيها عمتاه, لا يلمس الكثير من التحدي السياسي. فتساءلت احدى العمتين, التي لم تعط اسمها الا بلقب \"ام مالا\", وزوغت عن الاجابة على اسئلة حول ابن اخيها, لاعب كرة القدم البارع, والتلميذ اللامع في اللغة العربية, حسب ما وصفه معلموه في المدرسة\", وبماذا سيساعدنا كل هذا الكلام؟ فأحمد لن يعود الينا ابدا\". \r\n \r\n ومع ذلك, فان ما يثير الدهشة مشاركة, ليس فقط سياسيون يساريون مستقلون, مثل مصطفى البرغوثي, بل ايضا رفيق الحسيني, الساعد الايمن للرئيس الفلسطيني محمود عباس, في مراسيم العزاء. والسبب في ذلك ان قرية نعلين اصبحت بؤرة المظاهرات غير المسلحة, والعصيان المدني في الضفة الغربية ضد جدار الفصل العنصري الذي يقول المزارعون في نعلين انه التهم ما يزيد على 800 هيكتار من حقول الزيتون التي يعتمدون عليها في حياتهم. \r\n \r\n لقد قُتل احمد موسى مساء الثلاثاء الماضي \"29 تموز\" برصاصة حية, اطلقها سائق سيارة جيب عسكرية, مرت بمجموعة من الشباب والاطفال, بمن فيهم الصبي الصريع, كما أكد ذلك تحقيق اولي لحرس الحدود. وكان افراد تلك المجموعة قد تجولوا, بعيد تلك المظاهرة, بين لفات الاسلاك الشائكة التي تستعمل في بناء الجدار, بغية ابعادهم عن البنى الاساسية للجدار ذاته. \r\n \r\n وعندما فتح الجيش الاسرائيلي تحقيقا في الحادث المريع, اعلن رفيق الحسيني بان \"الطفل عندنا يساوي الطفل في اسرائيل. وانني لآمل ان يدرك الاسرائيليون بانهم لن يصلوا الى اية نتيجة بقتلهم للاطفال\". واذ أيد تكتيك اهالي قرية نعلين, اضاف يقول: \"هذه المقاومة ليست مسلحة, بل سلمية, وستنتصر\". \r\n \r\n في وقت لاحق, قال اطباء فلسطينيون ان شابا فلسطينيا في الحادية والعشرين من عمره, اصيب بجروح بالغة في الرأس من رصاص مطاطي اطلقته قوات الاحتلال على المتظاهرين الذين احتشدوا للمشاركة في الجنازة, وقذفوها بالحجارة. وكان هذا الفلسطيني بين تسعة شبان مصابين. وقبل ذلك استخدمت القوات الاسرائيلية قنابل مدوخة, واخرى مسيلة للدموع لمنع جموع المعزين من الاقتراب منها. \r\n \r\n وقال محمد كنعان, عضو اللجنة المنظمة لاعمال الاحتجاج, ان قتل الطفل ابن العاشرة كان عملية \"انتقام\" من قرية نعلين, لان فتاة نعلينية في السابعة عشرة من عمرها, وشقيقة زوجته, صورت شريطا بالفيديو قبل ثلاثة اسابيع, وعرضه التلفزيون الاسرائيلي, لجندي اسرائيلي يطلق النار على اشرف ابو رحمة, المكبل بالاصفاد ومغمى العينين, من مكان قريب عند قدميه, وقد اوقف على ذمة التحقيق لعشرة ايام, آمر الكتيبة الاسرائيلية في نعلين, الكولونيل عمري بروبيرغ, الذي اتهمه الجندي بأنه اوعز اليه بتنفيذ اطلاق النار على اشرف ابو رحمة, وكان والد محمد كنعان قد اعتقلته قوات الاحتلال الاسرائيلية في اليوم التالي لبث الشريط, ولا يزال موقوفا. \r\n \r\n ويعترف كنعان بانه تم القاء الحجارة خلال المظاهرة الاحتجاجية, لكنه مضى يقول: \"اننا ندعوا الناس الى اللجوء الى الاساليب غير العنيفة, لكن الاسرائيليين يستفزونهم, وهم ليسوا تحت سيطرتنا. وتلك مشكلة\", وقال ايضا \"ان الناس منقسمون كذلك حول هذه المسألة. فبعضهم يقول بانه اذا استعمل الاسرائيليون العنف, فعلينا ان نرد عليهم. ويقول آخرون انه لا ينبغي علينا الردّ. واعتقد ان علينا اللجوء الى الاساليب والوسائل القانونية\". كما بيّن محمد كنعان \"اننا نعتمد على هذه الارض في حياتنا. وجميعها ارض لنا. ولو كان هذا الجدار مقاما على حدود عام 1967 بين اسرائيل والمناطق الفلسطينية, لما قمنا بهذه الاحتجاجات\". \r\n \r\n وقال سعيد عميرة, ابن السادسة عشرة من عمره, وكان بين مجموعة الفتيان القريبة من الجدار, انه عندما شاهد الصبيان الجيب العسكري, الذي كان \"مختبئا, يتجه نحوهم, تراجعوا عبر الاسيجة, واسرعوا الى مكان آمن\", غير ان الفتيان الاصغر سنا لم يكونوا قادرين على اللحاق بنا, فنظرت الى الوراء ورأيت سائق الجيب يترجل منه, ويطلق ثلاث رصاصات, كما رأيت الصبي منطرحا ارضا, فذهب شخص اليه لحمله, ولما هزه ليرى ان كان لا يزال حيا, سقط جزء من جمجمته على الارض\". \r\n \r\n وقال شاهد عيان, هو محمد حمدان, احد عمال المخابز, ان جثة الصبي كانت قرب شجرة زيتون, وفي حين صرح بأنه تم القاء الحجارة قبل وقوع الحادث, قال شاب آخر, كان من بين المجموعة التي لاذت بالفرار, وهو حمد عطاالله, انه لم يكن هناك مجال لقذف الحجارة خلال وقوع حادثة القتل \"كنا نحاول مغادرة المكان وحسب\", مضيفا \"لنا الحق بان نكون على ارضنا, وليس لهم الحق في اطلاق النار عليه في ارضنا\" الى ذلك, اضاف سعيد عميرة, اما لماذا لم يطلقوا عيارات مطاطية؟ ولماذا اطلقوا عيارات حية؟ فتلك هي المشكلة\".0 \r\n