\r\n وقد دخل وقف اطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يونيو الماضي. وافق كلا الطرفين على البدء بثلاثة أيام من التهدئة، فماذا ما استمر وقف اطلاق النار متماسكا فإن اسرائيل ستبدأ بتخفيف الحصار الاقتصادي الذي فرضته على قطاع غزة قبل عام مضى عندما تمكنت حماس من هزيمة غريمتها منظمة فتح. المرحلة القادمة ستكون تجديد المحادثات حول تبادل الأسرى بحيث يتم استبدال الجندي الاسرائيلي شاليت ب «140» سجينا فلسطينيا. وأتم شاليت فترة العامين وهو معتقل لدى حماس في غزة. \r\n \r\n كلا الطرفين سيستفيد من هذه الاستراحة، فقد أقدم المقاتلون الفلسطينيون في السابق على اطلاق صواريخهم على الاهداف الاسرائيلية القريبة من القطاع. هذه الصواريخ محلية الصنع وغير دقيقة ولكنها أصبحت لاحقا اكثر خطورة وفتكا وأبعد مدى. ويقال ان بعضها تم تهريبه من مصر. \r\n \r\n هذه الصواريخ قتلت حوالي عشرة اسرائيليين خلال السنوات الثماني الماضية ولكنها أدخلت الرعب في قلوب عشرات الآلاف منهم. ردت اسرائيل على ذلك ولكن بصورة أكثر دموية وأكثر عنفا. ففي هذا العام الذي لم ينته بعد قتلت اسرائيل حتى الآن 370 فلسطينيا جميعهم من المسلحين بل منهم حوالي 70 طفلا. \r\n \r\n كذلك زادت اسرائيل من ضغوطها الاقتصادية حيث تم فرض هذه العقوبات بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006 مما أضعف الاقتصاد الفلسطيني. وكانت اسرائيل تسمح خلال تلك الفترة بإدخال الحد الأدنى من السلع والوقود والأدوية. ولا يزال معظم سكان غزة يلومون اسرائيل على الحصار في الوقت الذي ازدادت فيه شعبية حماس. وغني عن القول ان الضغوطات العسكرية والاقتصادية لعبت دورا في قرار حماس بالدعوة الى التهدئة. \r\n \r\n على أية حال فإن وقف اطلاق النار يعتبر هشا لأن كلا من اسرائيل وحماس لديها الكثير من الشكوك حول منافعه. \r\n \r\n الدفعة الكبيرة جاءت من مصر التي لعبت دور الوسيط خاصة خلال فترة القتال الضاري الذي شهده القطاع في اوائل هذا العام. ومنذ قيام حماس بتدمير جزء من الجدار الجنوبي من الحدود مع مصر بدأت الحكومة المصرية تشعر بالقلق من أن زيادة الضغوط الاسرائيلية على غزة ستضع كامل مشاكل القطاع في الحضن المصري. \r\n \r\n العديد من الأشياء يمكن ان تضع نهاية لموقف اطلاق النار. فأي فصيل فلسطيني يمكنه خرق وقف اطلاق النار وبالتالي التسبب في انهياره بالكامل. من هذه الجماعات فتح التي لا تزال تشعر بالمرارة بعد الهزيمة التي منيت بها على يد حماس قبل عام مضى. \r\n \r\n وفي الوقت الذي ترفض فيه اسرائيل وحماس اجراء اتصالات مباشرة فإن القناة الوحيدة المتوافرة لحل أي إشكال مفاجئ هي مصر وهذا يعني ان الاتصالات ستتم ببطء. \r\n \r\n الأكثر من ذلك ان استمرار وقف اطلاق النار يتطلب تحقيق المزيد من التقدم وهو شيء قد لا يتحقق نظرا لكثرة الهواجس التي تتحكم برؤية كلا الطرفين، فحماس تريد من اسرائيل رفع الحصار الاقتصادي وتوسيع وقف اطلاق النار ليشمل الضفة الغربية وأما اسرائيل فإن هدفها الاكبر هو إضعاف حماس لصالح فتح فهي تجري محادثات مع قائد فتح ورئيس السلطة محمود عباس الذي تسيطر حركة فتح التي يتزعمها على الضفة الغربية. أي راحة تحصل عليها حماس ستعني تلقائيا تقويض فرص نجاح هذه المفاوضات. فتح نفسها أثارت الكثير من الضجة حول المصالحة مع حماس قبل عدة أيام، ولكن لم يتم تسجيل أي تقدم على أساس ان فتح تنتظر بدورها إلحاق الضعف بحماس حتى تحصل على أفضل الشروط لصالحها. \r\n \r\n إسرائيل تريد من حماس تقليل عمليات تهريب الأسلحة عبر الانفاق التي تحفر تحت الحدود مع مصر وحماس لن تستجيب على الأغلب لمثل هذا الطلب على اعتبار انها بحاجة للسلاح لصد أي اجتياحات اسرائيلية. \r\n \r\n باختصار فإن وقف اطلاق النار سيستمر طالما ان أي طرف لن يساعد الطرف الآخر على تحقيق مكاسب أكثر منه. \r\n \r\n ماذا لو حدث وانهار وقف اطلاق النار هذا؟ اسرائيل تستعد منذ وقت طويل لتوجيه ضربة قاصمة لحماس وبدأها هي مسألة وقت بالدرجة الاولى. \r\n \r\n ويقول المسؤولون الأمنيون ان ما يقال عن وجود خلافات حول وقف اطلاق النار في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية هو شيء «تكتيكي». \r\n \r\n إسرائيل قد تدخل في عملية انتخابية، خاصة اذا ما تمت الاطاحة برئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت على خلفية فضائح مالية ارتكبها. والقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق قد تكون له نتائج سلبية على القادة السياسيين. \r\n \r\n فأي هجوم اسرائيلي على قوات حماس التي تقدر بنحو 15 ألفا الى 20 ألف مقاتل لن يكون نزهة مما يعني خسارة حياة الكثير من الجنود. كذلك فإن أي هجوم اسرائيلي سيؤدي دون شك لمقتل الكثير من المدنيين الفلسطينيين مما سيجلب على اسرائيل الكثير من الاستنكارات الدولية، وسيتسبب ذلك أيضا في انهيار العملية السلمية مع عباس. \r\n \r\n هناك صراع دائر الآن بين أولمرت وباراك ولكن الرابح الأكبر من هذا الصراع هو بنيامين نتانياهو زعيم الليكود الذي تظهر نتائج استطلاعات الرأي تفوقه على منافسيه فإذا ما حصل قتال شديد سيصوت الاسرائيليون لباراك قائد الأركان السابق. واذا ما استمر وقف اطلاق النار فإن المستفيد سيكون دون شك هو بنيامين نتانياهو.