مع كل يوم يمر تؤكد إسرائيل انها غير معنية بالتهدئة وانها غير مستعدة لمنح الفلسطينيين أي شيء مقابل ما تطالبهم به إنها تريد تهدئة مجانية يشطب فيها الفلسطيني المقاومة من قاموسه ويستسلم لشروط إذعان الدولة اليهودية. وفي العاشر من الشهر الحالي اجتمع مجلس الأمن الاسرائيلي المصغر ولوح بالاقدام علي عمل عسكري واسع ضد غزة وفي الوقت نفسه لوح باعطاء فرصة من أجل التهدئة وكأنها تقول بالفم الملآن: كل الخيارات واردة امام حكومة أولمرت التي فرضت التعتيم عن عمد علي التفاصيل وكأن القرار الذي اتخذته هو اللاقرار ولا شك ان التخبط في الموقف الاسرائيلي من شأنه ان يبقي الوضع علي حاله بالاضافة إلي تداعيات الأزمة الداخلية وقرب الاطاحة بأولمرت بعد فضيحة الفساد والرشوة المتهم بها. * أين هي التهدئة..؟ ولا أدري عن أية تهدئة تتحدث اسرائيل وهي التي تجتاج غزة كل يوم وتغتال الكوادر وتقصف المنازل وتشدد من الحصار التجويعي المفروض علي مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة. وتلعب مصر دور الوسيط بين حماس واسرائيل وتتواصل الاتصالات ولكن وحتي الآن ليس هناك من تحديد لرؤية واضحة بالنسبة لأداء اسرائيل، ومن ثم فإن المقاومة الفلسطينية لا تستطيع ان تلتزم بالتهدئة في وقت لم تتوقف فيه اسرائيل عن قصفها لأي موقع تختاره وقتلها المدنيين مع ابقائها علي الحصار مفروضا وعلي المعابر مغلقة. وبالتالي فاللوم هنا يجب ألا يساق إلي حماس والتي تؤمن بأنه يتعين علي الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم، فالمقاومة حق مشروع إزاء ممارسات اسرائيل التي تتحمل تبعة التصعيد في المنطقة. * رياضة كسب الوقت.. الأسوأ قادم ولا يمكن للمرء ان يتوقع انفراجا في المواقف مع ما يحدث حاليا والذي يؤكد حالة الارباك في الموقف الاسرائيلي عدم القدرة علي حسم الموضوع، فهي تضع قدما في الحرب وتحضر نفسها جيدا لاقتحام غزة.. وفي الوقت نفسه تبقي علي التهدئة كمصطلح تنطق به ولا تسعي إلي تطبيقه، فهو أشبه ما يكون بمصطلح هلامي أبعد مايكون عن التنفيذ.. فقط تستغله في التمويه واضاعة الوقت واضافة شروط تعجيزية علي الفلسطينيين إن كل ماتسعي إليه اسرائيل هو كسب المزيد من الوقت ومن ثم ستبقي الأمور ضبابية في المنطقة دون أي حسم. نحو تهدئة مجانية.. اسرائيل علي ارض الواقع ضد التهدئة ومن ثم فإن دائرة صنع القرار فيها تضع شروطا تنسف بها المبادرة المصرية ولذلك رأينا وتزامنا مع طرح موضوع التهدئة تصعيدا اسرائيليا في العمليات العدوانية علي قطاع غزة علي أمل أن يؤدي ذلك إلي ابداء الطرف الفلسطيني تنازلات بحيث يتم الافراج عن جلعاد شاليت ويتم وقف إطلاق الصواريخ علي المدن الاسرائيلية دون أي وقف لعمليات اسرائيل العسكرية ضد الفلسطينين ! وتؤمن اسرائيل بأن هدف الفصائل الفلسطينية الرئيسي من التهدئة هو رفع الحصار عن قطاع غزة والذي من أجله تنازلت الفصائل ع شرطها بأن يشمل اتفاق التهدئة الضفة الغربية وأرجأت بحثه إلي مرحلة لاحقة. * إفراغ طرح التهدئة من محتواه..! أما التصعيد الاسرائيلي اليومي ضد الفلسطينيين فيهدف إلي صرف النظر عن الأزمة الداخلية التي تهدد بالاطاحة برئيس الوزراء أولمرت علي خلفية قضية حصوله علي رشوة من رجل الاعمال الامريكي اليهودي تالانسكي وهناك عامل آخر يحرك اسرائيل تجاه التصعيد، فلقد رأت انه سيكون من الصعب عليها التعامل بسلبية مع المبادرة المصرية ورفضها وعليه فإن عملياتها العسكرية اليومية ضد فلسطينيي غزة هو أمر متعمد من أجل إفراغ طرح التهدئة من محتواه دون ان تضطر إلي رفضه صراحة ولهذا فإن مسار الصدام بين اسرائيل وحماس يظل قائما رغم ان رئيس الأركان "جابي أشكنازي" وقيادات في الجيش الاسرائيلي لا ينصحون بعملية عسكرية واسعة خشية من ان تلحق ضررا اكثر من ان تجلب نفعا بل ان عملية عسكرية واسعة قد تفوت فرصة إطلاق سراح جلعاد شاليت بل وربما تؤدي إلي فقدان الصلة بخاطفيه.