ولا يرغب هؤلاء الطلاب في الحصول على المحاصيل التي تنمو باستخدام الأسمدة الكيميائية أو المبيدات الحشرية، ولكنهم يرغبون في الحصول على محاصيل تنمو باستخدام تقنية الزراعة الحيوية. إنهم يرغبون في الحصول على الأغذية \"البطيئة\" والمحاصيل التي طورت عبر الهندسة الوراثية بدلاً من الأغذية السريعة. \r\n ولكي نتعرف على هذا النظام المثالي، يجب أن نقوم برحلة إلى قارة إفريقيا حيث يعيش هناك المزارعون البسطاء الذين يسكنون المناطق الريفية الفقيرة في القارة السمراء. ويعتمد ثلثا الأفارقة على الزراعة وتربية الحيوانات كمصدر للغذاء والدخل. وينفذ هؤلاء الأفراد كل عملياتهم على نطاق ضيق. \r\n ويتم إنجاز 80% من العمل في هذه المزارع بواسطة النساء والأطفال لأنهم يحصلون على دخل بسيط مقارنة بالرجال. وليس هناك أي آلات تعمل بالطاقة الكهربائية (فقط هناك جراران زراعيان لكل ألف عامل) ويتم ري 4% فقط من المحاصيل. وما زالت أكثر من ثلثي الأراضي الزراعية في قارة إفريقيا تزرع بالمحاصيل التقليدية. \r\n ولا توجد في معظم البلدان الإفريقية أي شركات زراعية، ولا توجد أيضاً تطبيقات استخدام الأسمدة والمخصبات الكمياوية. ولا يقدر المزارعون في تلك الدول على تحمل تكلفة المبيدات الحشرية والعشبية؛ لذا تعاني المحاصيل من بعض الإصابات بفعل الحشرات، وتتم عملية إزالة الأعشاب الضارة بواسطة الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدارس. ولا يزرع أي شخص محاصيل معالجة هندسياً لأن حكومات الدول الإفريقية لم تجيز استخدام هذه المحاصيل، على غرار الدول الأوروبية. \r\n وهكذا، يمكن القول بأن معظم المزارع الموجودة في الدول الإفريقية هي مزارع عضوية بالفعل. إنها فقيرة وغير منتجة ولكنها عضوية. وأنظمة الغذاء القروية التقليدية في قارة إفريقيا بطيئة تماماً. ومن أجل تقديم وجبة القمح لأسرتها، تحتاج نسمة، وهي امرأة إفريقية، إلى قضاء موسم في زراعة محصول القمح، إزالة الأعشاب الضارة منه، حصاده وتخزينه. وبعد ذلك يتعين عليها أن تفصله، تغربله، تحمله إلى المطحنة أو تطحنه يدويا، تجففه ثم تطبخه في النهاية بعد جمع كمية كافية من الحطب. \r\n ويصل حجم إنتاج محاصيل الحبوب في قارة إفريقيا إلى ثلث إنتاج الدول الآسيوية النامية، و عشر انتاج الولاياتالمتحدة. ويبلغ متوسط الدخل من هذا النوع من الزراعة واحد دولار فقط يومياً، وهذا يفسر أن 80% تقريباً من جملة الأشخاص المصنفين ضمن قائمة الفقراء في قارة إفريقيا هم من المزارعين، وأن ثلث هؤلاء المزارعين يعانون من سوء تغذية حاد. \r\n وفي ظل غياب تطبيق العلوم الزراعية الحديثة، انخفض انتاج الغذاء في قارة إفريقيا بشكل مخيف مقارنة بالزيادة السكانية. وقد انخفض إجمالي الإنتاج الزراعي في الوقت الحالي بنسبة 19% عن النسبة التي كانت مسجلة في عام 1970. وبات الأفارقة يعتمدون على المساعدات الغذائية بشكل متزايد. \r\n وقد تم إغفال حاجة إفريقيا الماسة للتنمية والتطوير الزراعي بقسوة مفرطة. وتم وقف المساعدات الخارجية للزراعة في الدول الفقيرة بشكل حاد خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وفي نهاية عقد الثمانينيات، كانت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لا تزال تقدم 25% من مساعداتها التنموية الدولية إلى الدول الإفريقية من أجل تحديث الزراعة. وقد وصلت هذه المساعدات في الوقت الحالي إلى 1% فقط. وفي يوم من الأيام، ذهبت حوالي 30% من قروض البنك الدولي إلى تطوير وتحديث الزراعة في الدول الأفريقية، ولكن هذه النسبة انخفضت في الوقت الحالي حتى وصلت إلى 8% فقط. \r\n وفي نفس الوقت، تعمل بعض الوكالات المانحة وغير الحكومية في قارة أوروبا على منع واحباط عملية التنمية الزراعية في قارة إفريقيا. وعلى الرغم من تدهور وضعية التربة الإفريقية وافتقارها للمواد النيترونية بشكل متزايد، ترغب الوكالات الأوروبية المانحة في تعزيز تقنيات الزراعية العضوية المكلفة كبديل لاستخدام الأسمدة والمخصبات الكيميائية. وهذا لا يوضح أسباب تحسن وضعية المزارعين الأوروبيين مقارنة بنظرائهم الإفريقيين. وتزرع مساحة 4% فقط من الأراضي الزراعية داخل قارة أوروبا في الوقت الحالي باستخدام تقنيات الزراعة العضوية، ولكن المنظمات الأهلية الأوروبية مثل منظمة \"السلام الأخضر\" الصديقة للبيئة دأبت على إخبار المزارعين الأفارقة الفقراء بضرورة إتباع هذه الطريقة. \r\n وتروج المنظمات الحكومية والأهلية الأوروبية أيضاً لأنظمة تشريعية تمنع استخدام المحاصيل المعالجة وراثيا، وتشمل المحاصيل القادرة على مقاومة الحشرات دون الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية. وقد اكتشفت الأكاديميات العلمية في قارة أوروبا انه ليس هناك خطر جديد على صحة الإنسان او البيئة من استخدام أي محاصيل معالجة وراثياً تتداول في السوق حتى وقتنا هذا، ولكن لأن القارة الأوروبية العجوز لا تقدر على الاستغناء عن هذه التكنولوجيا، فإنها تحتم على الدول الإفريقية إتباع نفس النهج. \r\n وبهذه الطريقة، يمكن القول بأن الدول الغنية تفرض الطرق والتقنيات المكلفة على الشعوب الفقيرة. وتخبر الدول الغنية، المزارعين الأفارقة بأنهم يجب أن يبقوا فقراء فحسب. \r\n \r\n روبرت بارلبيرج \r\n أستاذ العلوم السياسية بكلية ويلسيلي في ولاية ماساشوستس. \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون خاص ب (الوطن) \r\n