وتأتي الزيارة الحالية التي تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية \"كونداليزا رايس\" إلى المنطقة لتذكر الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بأن الهدف الحقيقي هو إضعاف \"حماس\" واستمرار المفاوضات. ومن بين السبل المطروحة لتحقيق ذلك هو تعزيز صفوف المعتدلين من الفلسطينيين، ولحسن الحظ، يوجد قائد نزيه وذكي يتزعم القوى المعتدلة متمثلاً في سلام فياض، رجل الاقتصاد البعيد عن السياسة، الذي يشغل منصب رئيس حكومة السلطة الفلسطينية. فقد تم تعيينه من قبل الرئيس محمود عباس مكان حكومة \"حماس\" بعد الانقلاب الذي قادته هذه الأخيرة على السلطة في قطاع غزة خلال شهر يونيو الماضي. \r\n \r\n واليوم لدينا فرصة سانحة- التي لن تستمر أكثر من عام واحد إذا لم تُفعل - لنثبت للفلسطينيين بأن تأييد المعتدلين مثل فياض، بدلاً من الوقوف إلى جانب \"حماس\"، سيثمر نتائج جيدة على مستوى الرخاء الاقتصادي والسلام. وليس من الصعب مساعدة فياض، إذ يَفترض ذلك توفير فرص التعليم وتشجيع الشركات على الاستقرار في الضفة الغربية، لا سيما وأنها شهدت استقراراً ملحوظاً وتعاوناً أمنياً متنامياً مع إسرائيل منذ تولي فياض رئاسة الحكومة. والواقع أن جهود تعزيز صفوف المعتدلين جارية على قدم وساق، حيث يعمل \"توني بلير\" باعتباره المبعوث الخاص للمنطقة، على حشد الدول المانحة لمساعدة السلطة الفلسطينية وإنعاش الاقتصاد من خلال إنشاء المناطق الصناعية الحرة في الضفة الغربية، حيث تستطيع الشركات إقامة فروعها بأمان وبعيداً عن العنف. وفي هذا الإطار أيضاً أنشأت وزارة الخارجية الأميركية \"شراكة أميركية- فلسطينية\"، والتي أتزعمها بهدف تنسيق جهود الحكومة والقطاع الخاص لخلق المزيد من فرص العمل، وإقامة مراكز للشباب وتشجيع الاستثمار. \r\n \r\n وفي سياق تلك الجهود تعمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية على بناء مراكز للشباب بالضفة الغربية التي ستديرها وزيرة الشباب في حكومة فياض، \"تهاني أبو دقة\". فخلال الشهر الماضي اصطحبت الوزيرة أعضاء من \"الشراكة الأميركية- الفلسطينية\" إلى أحد تلك المراكز في الخليل لمعاينة المكان والوقوف عند رغبة الشباب، التي عبروا عنها بوضوح في التدريب على التكنولوجيا المتطورة والإنترنت. ولإنجاح العملية قام \"جون كيس\"، المدير في شركة \"أميركا أونلاين\"، وأحد قادة هذه \"الشراكة\" بإقناع الشركات الأميركية والمنظمات غير الربحية بتمويل المراكز ودعمها بشرياً. والأكثر من ذلك أنه خلال الصيف الماضي، قامت مؤسسة \"الاستثمارات الأجنبية\"- وهي وكالة تابعة للحكومة الأميركية- بالتعاون مع \"مؤسسة آسبن\" بإطلاق مبادرة للاستثمار في الشرق الأوسط، تمنح قروضاً تصل قيمتها إلى 500 ألف دولار للشركات في الضفة الغربية. وبتوفيرها للضمانات المناسبة للبنوك (228 مليون دولار) تعمل هذه المبادرة على دعم القطاع الخاص الفلسطيني، الذي يُعول عليه لإيجاد شريحة من الناخبين تدعم السلام والاستقرار، وتؤيد تطبيع العلاقات مع إسرائيل. \r\n \r\n دعم التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية يشجع على الاعتدال عبر إقناع الفلسطينيين أن اتباع عباس وفياض أجدى من مساندة العناصر المتشددة في \"حماس\". \r\n \r\n \r\n \r\n وعندما التقى الرئيس بوش بأعضاء المبادرة الأميركية- الفلسطينية، أشار إلى الرئيس السابق \"بيل كلينتون\" الذي اتصل به، وحثه للوقوف إلى جانب برنامج مصاحب لدعم الشركات في الأراضي الفلسطينية من خلال تأمينها ضد المخاطر وحمايتها من التقلبات السياسية التي قد تعصف بأعمالها. ومن بين الجهود الأخرى الرامية إلى تعزيز الاقتصاد الفلسطيني وخلق فرص للشباب توفير ضمانات للرهن العقاري تسعى إلى تشجيع بناء المنازل، فضلاً عن تدشين شركة إسرائيلية- فلسطينية تستثمر في التكنولوجيا المتطورة. ولاستقطاب المزيد من الاستثمارات، أعلن رئيس الحكومة، سلام فياض، عقد مؤتمر لتطوير الأعمال في بيت لحم خلال الفترة من 21 إلى 23 مايو المقبل. ويهدف فياض من هذا المؤتمر إلى إطلاع الشركات الأميركية والأوروبية والعربية والإسرائيلية على الفرص المتاحة في الأراضي الفلسطينية وإمكانية الاستثمار في الضفة الغربية، أو الدخول في شراكات مع الصناعات الفلسطينية مثل صناعة الأدوية والمحاجر المزدهرة في رام الله والخليل. \r\n \r\n والواقع أن مجرد المشاركة في هذا المؤتمر والقدوم إلى بيت لحم بالقرب من كنيسة المهد سيفتح أعين المستثمرين على العديد من الفرص عدا النظرة السائدة التي تصور الضفة الغربية وكأنها مكان لإلقاء الحجارة. وفي هذا الإطار يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي \"إيهود أولمرت\" ووزير دفاعه \"إيهود باراك\" أن دعم التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية يصب في مصلحة إسرائيل، لأن ذلك يعزز الاستقرار ويشجع على الاعتدال عبر إقناع الفلسطينيين أن اتباع محمود عباس وسلام فياض أجدى وأفضل من مساندة العناصر المتشددة في \"حماس\". لكن على \"أولمرت\" و\"باراك\" بذل جهد أكبر لإنجاح هذه الأهداف من خلال السماح للأفراد والبضائع بالانتقال بحرية، وهو ما يستدعي رفع الحواجز في بعض المناطق التي تشهد تعاوناً أمنياً بين الطرفين. ومن شأن تسهيل التنقل أن يقود إلى المزيد من الاستثمار والفرص الاقتصادية التي بدورها ستدعم قوى الاعتدال، وتعزز حظوظ السلام في الضفة الغربية، ليتضح للفلسطينيين مدى التباين الموجود بين الضفة وغزة. \r\n \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n \r\n