هدف الاتحاد الاوروبي من ذلك كان ممارسة الضغط على حماس لقبول شروط «الرباعية» وهي التخلي عن العنف والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود وقبول جميع الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع اسرائيل. \r\n \r\n في نفس الوقت حاول الاتحاد الاوروبي عدم جعل الشعب الفلسطيني يموت جوعاً حيث اقام ما اطلق عيه اسم «الآلية الدولية المؤقتة» بهدف الابقاء على وجود الخدمات الأساسية ولكن بعيداً عن الحكومة الفلسطينية المنتخبة الآلية الدولية التي انطلقت في اواخر يونيو 2006 عملت على ثلاثة مستويات هي اولاً تقديم الدعم للمستشفيات والعيادات الصحية. ثانياً توفير الحد الادنى من مستلزمات الطاقة والمياه. ثالثا تحويل العلاوات الاجتماعية لاكثر فئات المجتمع الفلسطيني فقراً وللعمال. \r\n \r\n بفضل هذه الآلية تسلم اكثر من 150 الفا من الفلسطينين الدعم المالي، كما استلمت سلطة الرئيس محمود عباس مساعدة فنية وغيرها وساعدت الآلية الدولية في منع حدوث كارثة انسانية في الاراضي الفلسطينية، ولكن علينا ان نعرف ان تلك الكارثة لو وقعت لكان الغرب واسرائيل منا يتحمل وزرها. فالغرب قطع مساعداته المالية واسرائيل توقفت عن تحويل ضريبة القيمة المضافة والعائدات الجمركية للسلطة الفلسطينية ناهيك عن الاجتياحات الاسرائيلية لقطاع غزة ومعظم مناطق الضفة الغربية. \r\n \r\n الوضع الانساني في الأراضي الفلسطينية ازداد سوءا واثبتت الايام ان سياسة الاتحاد الاوروبي كانت سلبية سواء فيما يتعلق ببناء مؤسسات الدولة أو العملية الديمقراطية. المؤسسات الفلسطينية لحق بها الضعف خلال سنوات الانتفاضة ثم ازدادت بعد ذلك ضعفا نتيجة لسياسة الحصار. موظفو السلطة تحولوا إلى مجرد أشخاص متلقين للمساعدات الانسانية والاصلاحات الديمقراطية لم يعد يهتم لها احد ولكن ما عنى الغرب واسرائيل في هذه المرحلة هو تقوية عباس الرئيس على حساب رئيس الوزراء. \r\n \r\n في عام 2000 عملت سياسات الاتحاد الاوروبي على الحد من سلطات الرئيس عرفات من خلال ادخال مكتب رئيس الوزراء وادخال العمل بالشفافية المحلية وفرض سيطرة وزارة المالية على عائدات السلطة وتوحيد الاجهزة الامنية تحت سلطة وزارة الداخلية. \r\n \r\n الآن حماس تسيطر على مكتب رئيس الوزراء وللمرة الثانية ويسعى الاتحاد الاوروبي لتقوية عباس من خلال التعاون المباشر معه وتقديم الدعم المباشر ايضا له ولمكتب الرئيس وهو امر يصعب في الحاق الضرر بالنهج الاصلاحي وبالدستور الفلسطيني. \r\n \r\n اتباع فتح فهموا موقف العرب على انه تشجيع ضمني لهم للعودة للحكم من خلال العمل على دفع حكومة حماس للانهيار المبكر هذا التفسير لم يشجع فتح على تحويل نفسها الى معارضة فعالة وديمقراطية والعمل على اصلاح نفسها داخليا. \r\n \r\n على الجانب الآخر نجد ان سياسة الغرب ساعدت في دفع حماس باتجاه ايران وسوريا هذه المواقف مجتمعة ساهمت في زيادة التصعيد ودفع العنف الفلسطيني الى مستويات جديدة حيث تفجر في النهاية على شكل اشتباكات مسلحة ادت الى مقتل اكثر من 100 شخص.باختصار ادت سياسة العزل الاوروبية الى فشل جهود تعزيز السلام وكان الاجدر بالاوروبيين ان يعملوا على اعادة دفع الفلسطينيين والاسرائيليين نحو طاولة المفاوضات كطريق وحيد وحقيقي من اجل دعم عباس وسياساته وتوجهاته. \r\n \r\n سيكون من الافضل للاوروبيين ان يعملوا وبسرعة على اعادة الدعم للفلسطينيين من اجل بناء مؤسساتهم وتحقيق هذا الامر يعتبر مستحيلا اذا استمر الغرب في المراوغة والخداع عن تعامله مع الحكومة الفلسطينية واذا شكلت حكومة وحدة وطنية بموجب اتفاق مكة فان على الاتحاد الاوروبي ان يتعامل معها وهو امر ضروري وليس من باب الترف السياسي. \r\n \r\n لعقود بعد عام 1967 تبنت الاحزاب السياسية الاسرائيلية مواقف مختلفة وغير متجانسة تجاه المعضلة التي تواجه الدولة اليهودية وهي ما الذي يتوجب فعله تجاه الارض التي تم الاستيلاء عليها في حرب الايام الستة يقول حزب العمل ان بالإمكان مبادلة الضفة الغربية بالسلام في الوقت الذي يقول حزب الليكود ان الضفة الغربية ارض توراتية اعطاها الله للشعب اليهودي وبالتالي يجب عدم التخلي عنها ابدا. \r\n \r\n هذه المواقف المختلفة لم تمنع كلا الحزبين من تقاسم السلطة في بعض الاحيان.. احد اعضاء حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في عام 1984 وصفها بأنها «حكومة لها رأسا وحشين» ولكن عندما كانت الأطراف تحس ان هناك خطرا قادما يهدد الدولة العبرية كان الجميع ينسون خلافاتهم ويقفون موحدين. \r\n \r\n علينا أن نعرف هذه الحقيقة والعالم الآن يستعد ليقرر خلال أسابيع كيف سيتعامل مع اتفاقية تقاسم السلطة التي وقعت بين حماس وفتح في مكة مؤخرا.تمتلك كل من فتح وحماس وجهات نظر مختلفة تجاه القضايا الجوهرية التي تواجه الفلسطينيين.ففتح تقبل بتقاسم فلسطين التاريخية بحيث تكون هناك دولة يهودية إلى جانب دولة عربية، الرئيس الراحل ياسر عرفات وخليفته في رئاسة السلطة محمود عباس وقعا على اتفاقيات بهذا الشأن مع إسرائيل. حماس من جانبها ترفض الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وتقول ان أراضي فلسطين ككل هي وقف إسلامي لا يمكن لأحد أن يتصرف فيه. \r\n \r\n وبالرغم من الخلافات والمقارعات القائمة بين الطرفين فإنه يبدو أن كلتا الحركتين الفلسطينيتين على استعداد للوقوف معا في وجه الخصم الإسرائيلي. هذا الشيء ليس نتيجة لموقف الرباعية الدولية، المشكلة من أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة من أجل إغراء الفلسطينيين بالتوجه نحو السلام مع إسرائيل، الموقف الجديد تشكل بفضل الجهود السعودية التي رعت تلك الصفقة التي من المفترض ان تمنع انزلاق الفلسطينيين نحو الحرب الأهلية. \r\n \r\n ولكن الاتفاق بطبيعة الحال لا يلبي الشروط الواضحة التي رفعتها الرباعية كثمن من أجل انهاء الحصار المفروض منذ فوز حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، الرباعية تريد من حماس ان تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتحترم الاتفاقات الفلسطينية الموقعة مع اسرائيل. التنازل الوحيد الذي يبدو أن عباس حصل عليه من حماس في مكة هو وعد غامض باحترام القرارات الدولية والاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية. وفيما يتعلق بالشرطين الآخرين فيبدو ان حماس لم تعرهما أي اهتمام في مكة. \r\n \r\n إسرائيل على ما يبدو لم تغير موقفها من الحكومة الفلسطينية حتى بعد اتفاق مكة، ويتساءل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت كيف يمكنه التعامل مع حكومة يسيطر عليها أطراف تنكر حق إسرائيل في الوجود وهي ملتزمة حتى الآن بالكفاح المسلح وأنها تسعى لتدمير إسرائيل. \r\n \r\n التساؤلات التي يثيرها أولمرت جيدة ولكن لدينا تساؤل أفضل وهو ما هو البديل؟ فرفض التحدث للفلسطينيين لن يجعل حماس تترك الحكم وتختفي، فلقد أثبتت حماس خلال العام الماضي قدرتها على الوقوف في وجه الضغوطات التي مارستها حركة فتح والأسرة الدولية، ويظهر اتفاق مكة أنه يوجد لدى عباس رغبة ضئيلة في الوقوف في وجه حماس عسكريا أم انتخابيا. \r\n \r\n في الثمانينيات لم يسمح الإسرائيليون لخلافاتهم حول الأراضي المحتلة بأن تفرق شعبهم، فلماذا يفعلون الآن ذلك تجاه فئات من الشعب الفلسطيني ترفض قبول اسرائيل كدولة؟ هذا الشيء تغير بعد قبول عرفات بالوجود الدائم لدولة إسرائيل.المطلوب الآن جعل حلم الدولة الفلسطينية يبدو حقيقيا بما يكفي ليقنع غالبية الفلسطينيين بالتخلي عن حماس ورؤيتها للصراع. \r\n \r\n الإسرائيليون يقولون انهم حاولوا ذلك في كامب ديفيد في 2000 ولم يحرزوا أي تقدم، حسنا لماذا لا يحاول الإسرائيليون والأميركيون ذلك مرة أخرى؟ لقد حان الوقت لتخفيف العقوبات المفروضة والبدء بإجراء مفاوضات سلام لإقامة دولة فلسطينية تمكن عباس من تسويقها للفلسطينيين. \r\n