\r\n \r\n يضاف إلى ذلك ان موقف واشنطن المتشدد في البداية تجاه كوريا الشمالية تحول تدريجيا نحو القبول بالحاجة إلى التفاوض مع بيونغ يانغ. \r\n على انه بعد ست سنوات تغيرت الامور، وظل انشغال واشنطن بالشرق الاوسط قويا كما كان فيما يشعر شرق آسيا باستثناء الصين بالحاجة الماسة للالتفات؛ فإذا أضفنا ذلك إلى تهميش اليابان الذاتي فإن المنطقة ستبدو مفتقرة اكثر إلى التوازن الدبلوماسي. \r\n فبينما قام وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون بزيارة ثانية للصين الاسبوع الفائت، لوحظ غياب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عن المنتدى الاقليمي الآسيوي بمانيلا، وهو الملتقى السنوي الذي يجمع وزراء من اتحاد دول شرق آسيا ودول أخرى مهمة آسيوية وغير آسيوية في الشئون الاقليمية. فقد تواجد وزراء خارجية الصين واليابان وروسيا واستراليا وكوريا الجنوبية في الوقت الذي كانت رايس مشغولة بجولة أخرى جديدة في الشرق الاوسط وأرسلت نائبها جون نغروبونتي. \r\n وعلى الرغم من انه ليس ثمة بادرة على ان مباحثات مانيلا ستخرج بنتيجة مهمة فإن رمزية الوجود الأميركي مهمة، لا سيما في وقت تواصل فيه قلق معظم اصدقاء اميركا الآسيويين من انهماك واشنطن بالشرق الاوسط وسياساته. \r\n وأكد غياب رايس حقيقة ان الرئيس جورج بوش سيغيب عن احتفالات الذكرى الاربعين التي ستقام في سنغافورة في سبتمبر. ورغم انه لن يتم ايضا مناقشة امور ذات اهمية في الاحتفالات إلا انه بالنظر إلى ان الولاياتالمتحدة كانت لاعبا اساسيا في تأسيس منتدى الآسيان في ذروة حرب فيتنام كحائط صد اقليمي للدول غير الشيوعية، إلا ان حضور بوش سيكون علامة على تحول اولويات اميركا. \r\n واليوم يتركز انتباه دول الآسيان على التجارة قدر التركيز على التعاون السياسي، غير ان انشغال الولاياتالمتحدة كذلك بالقضايا التجارية مع الصين الذي يصب في اتجاه استبعاد شركائها التجاريين الآخرين في المنطقة يثير القلق اذا علمنا ان معظم هذه الدول لها تاريخ اقدم في الانفتاح على التجارة والاستثمار الأميركي اكثر من الصين. فهذه الدول مجتمعة فيما عدا اليابان لها نفس اهمية الصين، وهي مجتمعة تستبقي دينا للخزانة الأميركية اكثر من الصين أو اليابان. \r\n في الوقت نفسه، من المنتظر ان تخسر هذه الدول كثيرا من أي انهيار كبير للعلاقات التجارية الأميركية الصينية، وقد يشعرون بالامتنان كونهم ليسوا في البيت الأبيض أو في المجموعة المسئولة بالكونغرس عن فوائضهم التجارية أو سياسات العملة، ولكنهم يقلقون من ان الولاياتالمتحدة عندما تفكر في شرق آسيا فإنها تراه قاصرا على الصين اكثر من من كونه نظاما تجاريا عالميا تتكامل فيه كل دول شرق آسيا بشكل وثيق. \r\n أما اليابان وهي القوة الاقتصادية الاكبر في المنطقة بعد الصين فلا تزال مهمشة بسبب سياستها المحلية، وقد حاول رئيس الوزراء شينزو ابي عمل بداية جديدة بإصلاح جسور العلاقات مع بكين ويواصل في الوقت نفسه تقوية الروابط الدفاعية مع الولاياتالمتحدة. على ان الطروحات التي تنادي بحاجة اليابان لن تكون اكثر حضورا في الخارج واكثر احساسا باليابانية في الداخل اثارت مخاوف دولية. ذلك ان اخفاقات ابي الداخلية التي كشفتها الخسائر القياسية للحزب الحاكم في انتخابات الغرفة العليا الاخيرة زادت من توهين نفوذ اليابان واهتمام طوكيو بلعب دور اقليمي اكثر فاعلية. فاليابان لم تلعب أي دور ذي بال في المفاوضات النووية مع كوريا الشمالية، وتبدو طوكيو اكثر رفضا من واشنطن للانخراط مع بيونغ يانغ. \r\n في الوقت الحالي فإن غياب الولاياتالمتحدة حيال اليابان يناسب الصين جيدا ولكن ليس ذلك بالوصفة الصحيحة للاستقرار الاقليمي. وقد يأتي يوم وتنتهي فيه حقبة الهيمنة الأميركية ولكن اميركا حتى الآن لا تزال هي اللاعب الوحيد المهم صاحب النفوذ العسكري والاقتصادي في منطقة هي الاسرع نموا في العالم طوال الاربعين سنة الماضية، ومن المتوقع ان تبقى كذلك لعقد آخر على الأقل. لذلك فإن العلاقات بين الطرفين بحاجة إلى تغذية. \r\n \r\n فيليب بورينغ \r\n من كتاب صفحة الرأي بصحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون \r\n خدمة انترناشيونال هيرالد تريبيون نيويورك تايمز خاص ب(الوطن)