\r\n لقد كان ثمة عنصر مغالاة مزعج في رد فعل اليابان الأخير تجاه التجارب الصاروخية ، ولم يكن مريحا أن كان الدافع وراءه شئون سياسية داخلية حيث أن الوزير المتشدد شينزو ابي يسعى لتعزيز مركزه في الترشح لخلافة جونيشيرو كويزومي رئيسا للوزراء في انتخابات سبتمبر. ويبدو الأمر أكثر أهمية إذا ما علمنا أن هناك الكثير من القضايا الأخرى التي تثير شكوكا متبادلة في شمال شرق آسيا. \r\n وإذ تبدو إشارة ابي فور قيام كوريا الشمالية بتجاربها النووية لحق اليابان في ضربة استباقية للدفاع عن نفسها ضد هجوم مخطط ، لها مبرراتها من الناحية النظرية ، إلا أن التوقيت كان هدفه إعلامي بالدرجة الأولى ، وكان سببا في استفزاز الصين. ولا يخفى أن اليابان عانت طويلا ، في صمت عادة ، من هجوم صيني مستمر ، وكوري بدرجة أقل ، في كتب التاريخ ، وكذلك من خطايا الماضي التي تخاطب بوضوح جماهيرها في الداخل ، كما أن اليابان تحل في المرتبة الثانية مباشرة للولايات المتحدة في قائمة أعداء كوريا الشمالية. بيد أن امتناع اليابان المسالمة المثير للإعجاب أن الاستجابة للاستفزاز قد خرج عن مساره ، لا بل تمثل في زيارات غير مفهومة وغير دبلوماسية من كويزومي إلى مقابر ياساكوني التي تضم رفات قتلى الحرب. \r\n ولربما يدفع البعض بأنه لو احتاجت اليابان لعدو يكون في مرمى إحباطاتها القومية ، فمن الأفضل التركيز على كوريا الشمالية بدلا من بلد أكثر أهمية. وثمة أساس قوي في رفض كوريا الشمالية التعويض عن خطف مواطنين يابانيين ، لكن ترتيب المصالح اليوم في شمال شرق آسيا يجعل استهداف طوكيو الأحادي لبيونغ يانغ ، مهما كان مستحقا للتعاطف ، ليس له من نتيجة سوى الإضرار بعلاقاتها مع الجيران الثلاثة: الصين وكوريا الجنوبية وروسيا. وعلى أولئك الذين يريدون الاستقرار في شمال شرق آسيا أن يقبلوا النتيجة الطبيعية بأن النظام الكوري الشمالي في أحسن الأحوال سوف يتغير تدريجيا ، وبطريقة لا تتصادم مع مصالح سواء بكين أو سيئول. \r\n إن انزعاج الصين من فشلها في ردع كوريا الشمالية عن إجراء التجارب الصاروخية ومن رفض الشماليين السريع لقرار مجلس الأمن لا يعني أنها ستتخلى عن بيونغ يانغ ، ذلك أن كوريا الشمالية ، بالنسبة لموسكو وبكين ، مجرد عقبة صغيرة أكثر منها خطرا ، وهي بطاقة مفيدة حين التعامل مع الولاياتالمتحدة ، وأي شيء يزيد الشكوك الصينية اليابانية يمكن فقط أن يساعد المتشددين في بيونغ يانغ الذي يريدون أن يروا حربا باردة تشتعل بين القوتين الإقليميتين. \r\n في تلك الأثناء ، تعمل الخلافات حول كيفية التعامل مع بيونغ يانغ على تشجيع القوميين في كوريا الجنوبية لإثارة مسألة جزر تاكيشيما وتوكدو المتنازع عليها. \r\n وليس من المؤكد أيضا أن يكون التشدد الياباني مفيدا للإدارة الأميركية. فالصين ترتاب في أن موقف اليابان سيحظى جزئيا برضا واشنطن ويكون أيضا عذرا يبيح لها بناء قدرتها العسكرية. \r\n بيد أن الولاياتالمتحدة تبدو أمام خيارين في كيفية التعامل مع بيونغ يانغ ؛ فالمسألة النووية بالنسبة لها أكثر أهمية من الصواريخ ، وكوريا الشمالية لديها بالفعل عدد من الصواريخ التي يمكن أن تضرب اليابان ، كما لديها آلاف القطع من القذائف والصواريخ التي يمكن أن تضرب كوريا الجنوبية ، وكلا البلدين يعتمدان على المظلة الأميركية وكذا أسلحتهما التقليدية لردع الهجوم الذي يمكن أن يكون انتحاريا فقط ، وكيم جونغ ايل ليس من هذا النوع. \r\n اليابان لديها أسباب مشروعة لبناء دفاعاتها في ضوء الترسانة الصاروخية والبحرية الصينية. وبالمثل ، ثمة سبب وجيه للتعاون مع الولاياتالمتحدة في مجال الدرع الصاروخي ، إلا أن طوكيو تحسن صنعا بأن تكون صريحة حول تلك المسائل بدل أن تتخذ صواريخ كوريا الشمالية ذريعة. اليابان تستحق صوتا مسموعا في الشئون الدولية ، وبضمنها مقعد بمجلس الأمن ، لكن ليست تلك هي الطريقة المناسبة لتناول المسألة. \r\n \r\n فيليب بورينغ \r\n كاتب متخصص في الشئون الآسيوية يقيم في هونغ كونغ \r\n خدمة كيه ار تي - خاص ب(الوطن)