ففي السنة الماضية أو ما شابه, وتحت قيادة كويزومي, أظهرت اليابان بالتأكيد مزيدا من تأكيد الذات في معالجة العلاقات مع جيرانها الشرق آسيويين, لا سيما الصين وكوريا الجنوبية. \r\n ولكن من الواضح أن اليابان ليست مستعدة بعد للوقوف أمام الولاياتالمتحدة بنفس الطريقة. فمازال التحالف مع الولاياتالمتحدة يبقى حجر الزاوية في السياسة الخارجية اليابانية, كما ان حكومة كويزومي غير مستعدة فيما يبدو لفعل أي شئ يعرض ذلك التحالف للخطر. وفي الحقيقة, فإن إرضاء الولاياتالمتحدة يمكن أن يكون واحدا من الأسباب التي جعلت اليابان تظهر تأكيدا أكبر للذات تجاه الصين, على سبيل المثال, بإصدار بيان مشترك مع الولاياتالمتحدة في فبراير الماضي تسمي فيه بوضوح تايوان بالهم الاستراتيجي المشترك لأول مرة. إن الحفاظ على التحالف مع الولاياتالمتحدة من المنطق والحكمة على السواء. فبدون الأسلحة النووية, تصبح قدرة اليابان على الدفاع عن نفسها محدودة. ولذا فهي تحتاج إلى الاعتماد على إما ترتيبات أمنية متعددة الأطراف أو ترتيبات أمنية ثنائية. وعلى ضوء فقدان الثقة العميق الحالي بين الدول في شرق آسيا, ليس ممكنا بعد وجود آلية متعددة الاطراف مثل آلية حلف شمال الأطلنطي (الناتو), مما يترك لليابان فقط خيار تحالف أمني ثنائي مع أميركا. ومع كون هذا التحالف حاسما جدا لأمنها, تحتاج اليابان إلى ضمان أن الأميركيين لا يفقدون الاهتمام وأنهم يستمرون في رؤية الفوائد لأنفسهم. ففي السنوات الأخيرة, كانت الدول في شرق آسيا, حيث حاولت اليابان ضمان وتأمين التحالف مع الولاياتالمتحدة بأداء مطالب أميركا, حريصة على نحو متزايد على المضي قدما بالتكامل والاندماج الإقليمي, كما أن تأسيس ما يسمى ب(السوق الشرق آسيوية المشتركة) قد تم وضعه على جدول الأعمال. ولكن اليابان لا تبدو مؤيدة متحمسة لهذه الخطة. ولتسربع التكامل والندماج الإقليمي, من المقرر عقد أول قمة شرق آسيوية في وقت لاحق من هذا العام في كوالالمبور, ومما يدعو للإحراج فيها أن الولاياتالمتحدة لم تدع إليها. \r\n إن اعتراض الولاياتالمتحدة على مبادرة إقليمية تستبعد تدخلها يبدو أنه قد أثر على اتجاه وموقف اليابان من القمة. وإذا ما نحينا جانبا تركيبة أو توليفة السوق الشرق آسيوية المشتركة, فإن استثمار مزيد من الجهد في دعم الإقليمية الشرق آسيوية يمكن ان يخدم مصالح اليابان, بما في ذلك صيانة وتعزيز التحالف مع أميركا. وفي هذا الصدد, يمكن ربما لليابان أن تأخذ دليلها من بريطانيا, وهي حليف آخر مهم للولايات المتحدة. فعندما سئل توني بلير ذات مرة لماذا كان الاتحاد الاوروبي مهما جدا لبريطانيا ولماذا لايمكن لبريطانيا أن تركز على تطوير علاقتها الخاصة مع الولاياتالمتحدة بدلا من ذلك, أجاب أنه كلما كان تأثير ونفوذ بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أقوى, كلما كانت علاقتها مع أميركا أقوى. إن بريطانيا سيتم إعطاؤها قيمة أكبر, وليس أقل, من جانب الولاياتالمتحدة, إذا ظلت قوة فاعلة ومؤثرة داخل اتحاد أوروبي قوي. وبخلاف إظهار مصلحة واهتمام حار بالسوق الشرق آسيوية المشتركة, قد ترغب اليابان أن تفكر بشكل أكثر فعالية في دعم مثل ذلك التطور. فعندما يكون لديها مزيد من التأثير والنفوذ في شرق آسيا من خلال مشاركتها الفعالة في عملية التكامل والاندماج الإقليمي, يمكن أن تجد نفسها قد أصبحت أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة. ومثل ذلك الاتجاه يمكن أن يخدم مصالح اليابان بطرق أخرى. وتعليقا على علاقاتهم المضطربة مؤخرا أشار دبلوماسي صيني كبير إلى أن حل المشاكل الثنائية من خلال آليات متعددة الأطراف هو تجربة وخبرة تستحق الدراسة من قبل الصين واليابان. وهذه تبدو فكرة جيدة ستبذل كلتا الدولتين ما في وسعها لاستكشافها. \r\n يي لو \r\n زميل أبحاث بمعهد (شاثام هاوس), وهو معهد يعنى بالشئون الدولية قائم في لندن \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون خاص ب(الوطن)