وعلى كل، تحظر المادة رقم 61 من الدستور الروسي تسليم أي مواطن روسي إلى دولة أجنبية، وكانت الحكومة الروسية قد ذكرت منذ عدة أشهر أنها لن تسلم لوغوفوي أو أي شخص آخر متهم في هذه القضية إلى الحكومة البريطانية. ولكن الإجراءات البريطانية التي اتخذت حتى تاريخه لا تتناسب مع جدية هذه القضية. \r\n وكانت الحكومة البريطانية قد رفضت، بأسباب مقنعة، مقترحاً روسياً يقضي بتقديم أدلتها على تورط لوغوفوي في اغتيال ليتفينينكو إلى القضاة الروس. وبدلاً من ذلك، أعلن ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني مؤخراً عن طرد 4 دبلوماسيين روس وفرض قيود على استخراج تأشيرات دخول الأراضي البريطانية للمسئولين الروس. وقد ردت روسيا يوم الخميس الماضي بطرد 4 دبلوماسيين بريطانيين والإعلان عن أنها سوف توقف إصدار تأشيرات الدخول إلى المسئولين البريطانيين والامتناع عن طلب الحصول على تأشيرات دخول الأراضي البريطانية للدبلوماسيين الروس. \r\n وفي تطور غريب يمكن أن يوضح لماذا عاد البريطانيون إلى خطط الحرب الباردة في الترحيلات الدبلوماسية، أكدت قوات الشرطة البريطانية يوم الخميس الماضي اعتقال رجل روسي في لندن خلال شهر يونيو الماضي بتهمة التآمر لاغتيال بوريس بيريزوفسكي، أحد أنصار الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين، والذي حصل على حق اللجوء السياسي إلى بريطانيا ولكنه مطلوب للمحاكمة في موسكو بتهم تتعلق بالخداع والاحتيال. وكان بيريزوفسكي قد قدم الدعم المادي لمعارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن بينهم ليتفينينكو. وبعد استجوابه لمدة يومين، أفرج عن الرجل في قسم الهجرة وتم ترحيله. وتشير الإجراءات البريطانية إلى استياء المسئولين البريطانيين من القيادة الروسية. وتمثل حالات طرد الدبلوماسيين وتعليق إصدار تأشيرات الدخول ردة فعل فاترة لاغتيال مواطن بريطاني، ولا تلقي أي ضوء على الجريمة نفسها. ويجب أن تنشر الحكومة البريطانية القرائن التي تدعم اتهامها لأندريه لوغوفوي باغتيال ليتفينينكو. وعلى نفس الدرجة من الأهمية، يجب أن تنشر الحكومة البريطانية كل الدلائل الموجودة بحوزتها فيما يتعلق بعملية إجازة وتنظيم حادثة اغتيال ليتفينينكو. \r\n وحتى قبل اتهام لوغوفوي، ذكرت التقارير الإخبارية أنه كانت هناك أدلة واضحة تدل على تورطه وتورط أشخاص آخرين في الجريمة. وقد تم تسميم ليتفينينكو يوم 1 نوفمبر الماضي بغاز البلوتونيوم 210 السام. واكتشف المحققون الذين تعقبوا مكان وجود ليتفينينكو في ذلك اليوم وجود آثار لمادة البلوتونيوم المشعة في إحدى حانات فنادق لندن حيث التقى ليتفينينكو مع لوغوفوي وشريكه التجاري ديمتري كوفتون، إلى جانب وجود كوب وإناء شاي ملوث بهذه المادة المشعة. \r\n وقد تم اكتشاف آثار مشعة أيضاً في أحد الفنادق الأخرى بمدينة لندن التي أقام فيها لوغوفوي وكوفتون أثناء زيارتهم للعاصمة البريطانية لندن قبل أسبوعين من الحادث، إلى جانب اكتشاف آثار مشعة في مطعم تناول فيه لوغوفوي طعام الغداء مع ليتفينينكو خلال تلك الزيارة، وفندق ثالث أقام فيه لوغوفوي والتقى داخله مع ليتفينينكو خلال زيارة منفصلة قبل أسبوع من اللقاء الذي تم في شهر نوفمبر، واكتشاف مواد مشعة في طيارتين تابعتين للخطوط الجوية البريطانية استقلهما لوغوفوي خلال تنقلاته بين لندنوموسكو عدة مرات في شهر أكتوبر الماضي، وذلك فضلاً عن اكتشاف آثار مشعة في مواقع أخرى بما في ذلك مدينة هامبورغ الألمانية حيث توقف كوفتون لعدة أيام قبل سفره إلى لندن لحضور الاجتماع الذي جرى في الأول من شهر نوفمبر الماضي. \r\n وهناك عدة أسباب للشك في تورط جهاز الأمن الفيدرالي الروسي في هذه الحادثة؛ لأن ليتفينينكو الذي كان ضابطاً سابقاً في جهاز الاستخبارات الروسية وجهاز الأمن الروسي والذي حصل على حق اللجوء السياسي إلى بريطانيا في عام 2000 كان ناقداً قوياً لكل من بوتين وجهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وكان ليتفينينكو قد أعلن أن بوتين كان مسئولاً عن اغتيال الصحفية الروسية الشهيرة أنا بوليتكوفسكايا في شهر أكتوبر الماضي والتي عارضت الرئيس الروسي في حربه على الشيشان. \r\n وكان البرلمان الروسي قد مرر تشريعاً في شهر يوليو من العام الماضي يقضي بتوسيع تعريف \"الأنشطة المتطرفة\" المحظورة لكي تشمل التشهير العلني بالرئيس والمسئولين الحكوميين الآخرين. وقد أوكلت مسئولية محاربة التطرف السياسي لإحدى مديريات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي. وفوض التشريع أجهزة الأمن الفيدرالية أيضاً بمكافحة الأنشطة المتطرفة خارج الحدود الروسية. \r\n وبالطبع، وقعت حادثة تسميم ليتفينينكو الشهيرة باستخدام نظير مشع نادر لا يمكن أن يتم إنتاجه إلا في مفاعل نووي. ويأتي ما يزيد على 95% من الإنتاج العالمي للبلوتونيوم من المفاعل النووي الروسي الذي يقع خارج مدينة ساروف. ويستحيل أن يحصل أي فرد على هذا القدر من البلوتونيوم الذي استخدم في تسميم ليتفينينكو دون قطع القنوات الرسمية. \r\n وعلى الرغم من الشك في تورط أجهزة الأمن الفيدرالية الروسية في حادثة اغتيال ليتفينينكو، لم يتم تقديم أي دليل واضح على هذا الأمر حتى وقتنا هذا. وقد تشير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية للتعبير عن استيائها من رفض موسكو تسليم لوغوفوي إليها أن الحكومة البريطانية ربما تمتلك دليلا على تورط الحكومة الروسية في حادثة اغتيال ليتفينينكو بشكل مباشر أو غير مباشر. \r\n وليس ثمة شك في أنه من غير المناسب لحكومة رئيس الوزراء البريطاني الجديد غوردون براون نشر هذا الدليل في الوقت الحالي. فقد ورثت هذه الحكومة مفاوضات ضعيفة مع روسيا فيما يتعلق بقضايا تنقيب الشركات البريطانية عن الغاز والنفط في روسيا، برنامج إيران النووي، كوسوفو والعديد من القضايا الأخرى. وهناك قدر كبير من أنشطة التبادل التجاري، الاستثمار والأنشطة المالية الأخرى بين الدولتين. وربما لهذا السبب لجأت بريطانيا إلى مثل هذه الإشارات الرمزية. ومع ذلك، إذا كان هناك أي دليل يوضح تورط لوغوفوي والحكومة الروسية في حادثة اغتيال ليتفينينكو، فقد حان الوقت لإعلانه وتوضيحه للجميع. \r\n \r\n ديفيد كاميرون \r\n أستاذ العلوم السياسية بجامعة ييل الأميركية. \r\n خدمة واشنطن بوست خاص ب(الوطن). \r\n