موسكو ولندن ... إلى أين ؟ د.هاني شادي تحول مقتل عميل المخابرات الروسية السابق الكسندر ليتفينينكو في لندن في نوفمبر الماضي من قضية جنائية إلى قضية سياسية بقرار بريطانيا طرد أربعة من الدبلوماسيين الروس بسبب رفض موسكو تسليم المواطن الروسي أندريه لوغوفوي الذي تتهمه السلطات البريطانية بتنفيذ هذه الجريمة. روسيا أبلغت بريطانيا برفض تسليم لوغوفوي رسميا في مايو الماضي استنادا إلى المادة 61 من الدستور الروسي التي تمنع تسليم المواطنين الروس لدول أخرى. غير أن لندن لم تعبأ بنصوص الدستور الروسي وواصلت الإصرار على تسليم المشتبه فيه لمحاكمته في بريطانيا ، بل إن وزير الخارجية البريطاني الجديد طالب بتعديل الدستور الروسي . وفي أول رد فعل رسمي ، وصف الناطق الرسمي للخارجية الروسية ميخائيل كامينين الإجراءات البريطانية بالاستفزازية وغير الأخلاقية. وقد فسر كامينين ما قصده " بغير الأخلاقية " ، مشيرا إلى أن بريطانيا رفضت على مدار السنوات الأخيرة تسليم المنشق الشيشاني أحمد زاكاييف ، والملياردير الروسي بوريس بيريزوفسكي إلى العدالة الروسية . الخارجية الروسية حذرت بريطانيا بشدة من عواقب وخيمة للغاية على العلاقات بين البلدين إن قامت لندن بطرد الدبلوماسيين الروس. ويرى غالبية المراقبين في روسيا أن موسكو سترد بالمثل على بريطانيا وتطرد عدد من الدبلوماسيين البريطانيين العاملين في روسيا . وفي هذا السياق ذكر مصدر دبلوماسي روسي بأن المخابرات الروسية اكتشفت في يناير 2006 شبكة تجسس مكونة من بعض الدبلوماسيين البريطانيين العاملين بالسفارة البريطانية في موسكو ولم تتخذ في حقهم حتى اللحظة أي إجراءات محددة. ودعا قسطنطين كوساتشوف رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي السلطة التنفيذية في روسيا إلى عدم الفزع أو الارتباك من الإجراءات البريطانية ، مؤكدا على ضرورة الرد بالمثل . ويرى المحلل السياسي الروسي فياتشسلاف ماتوزوف أن طرد بريطانيا للدبلوماسيين الروس لن يرغم موسكو على تغيير موقفها من تسليم لوغوفوي لأن الدستور الروسي لا يسمح بذلك. ويقول ماتوزوف إنه من غير المعقول أن تغير روسيا دستورها من أجل بريطانيا. أما سيرغي ماركوف مدير مركز السياسة في روسيا ، فيعتقد أن السبب الرئيسي وراء كل الخلافات الحالية مع روسيا سواء في ما يتعلق بمعاهدة الأسلحة التقليدية في أوروبا أو الدرع الصاروخي الأميركي أو تسليم لوغوفوي يكمن في أن روسيا تخلصت من فوضى التسعينيات وبدأت تستيقظ وتحتل مكانتها الطبيعية على الساحة الدولية ، الأمر الذي لا ُيرضى واشنطن و لندن على حد قوله. وكانت روسيا اقترحت على بريطانيا محاكمة لوغوفوي في موسكو في حال قدمت لندن أدلة قاطعة على تورطه في قتل ليتفينينكو. ويؤكد الإدعاء العام الروسي أنه لم يتسلم مثل هذه الأدلة من لندن حتى اللحظة. الكسندر ليتفينينكو الذي قتل في لندن في الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي باستخدام مادة البلونيوم 210 المشعة ، كان قد فر إلى بريطانيا في عام 2000 وحصل على اللجوء السياسي هناك وانضم إلى المعارضين الروس للكرملين في العاصمة البريطانية. ويقال إن لتفينينكو اتهم وهو على فراش الموت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالوقوف وراء مقتله . أما أندريه لوغوفوي وهو ضابط مخابرات روسي سابق أيضا فقد التقى ليتفينينكو في لندن قبل مقتل الأخير بأيام قليلة ومن هنا تحوم الشبهات حوله وخاصة أن السلطات البريطانية تؤكد العثور على أثار للبلونيوم 210 على متن الطائرة التي استخدمها لوغوفوي وهو في طريقه إلى لندن وأثناء عودته بعد ذلك إلى موسكو. لا أحد يمكنه أن يتكهن اليوم بكيفية حل هذه القضية المشتعلة بين موسكوولندن ، غير أن الواضح تماما أن العلاقات بين روسيا وبريطانيا تتجه نحو التصعيد والتأزم. عن صحيفة الوطن العمانية 18 / 7 / 2007