\r\n وبعيداً عن الاحتفالات البروتوكولية والملصقات التي تظهر الفيلة وهي تنظر بإعجاب إلى الطرق السيارة، تثير القمة الكثير من الأسئلة الأخلاقية المرتبطة بالدور الذي تلعبه الصين في العالم. ففي سعيهم المحموم لتلبية الاحتياجات المتصاعدة من النفط والمواد الأولية لمسايرة نمو بلادهم الاقتصادي المتصاعد لا يعير المسؤولون الصينيون اهتماماً كبيراً لطبيعة الأنظمة التي يصادقونها، وما إذا كان زعماء تلك الدول يدوسون حقوق الإنسان، مثلما هو الأمر عليه في السودان وزيمبابوي. \r\n \r\n غير أن الطريقة التي تعزز بها الصين علاقتها مع الدول الإفريقية وعدم تركيزها على مدى احترامها لحقوق الإنسان تعيق جهود الدول الغربية الرامية إلى القضاء على الفساد وتحسين أساليب الإدارة الشفافة من خلال توظيف المساعدات والتجارة للضغط عليها. فبالنسبة للمسؤولين الصينيين يجب التفريق بين الأعمال والسياسة، معتبرين أنه ليس من شأنهم تلقين الآخرين كيف يديرون بلدانهم. \"زاي جون\"، نائب وزير الخارجية الصيني يقول: \"نحن لسنا من الذين يعتقدون أنه علينا التدخل في شؤون البلدان الأخرى. فنحن لا نريد أن نفرض قيمنا على الآخرين، كما لا نريد الآخرين أن يفرضوا قيمهم علينا\". هذا المبدأ كما تشير \"هي وينبين\"، رئيسة شعبة الدراسات الإفريقية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، استندت عليه الصين في علاقاتها الخارجية طيلة الخمسين سنة الأخيرة، مؤكدة أنه \"لعب دوراً إيجابياً في تكريس النفوذ الصيني في العالم، وهو أمر تقدره الدول النامية التي تتحفظ على من يتدخل في شؤونها ويفرض عليها الحلول الجاهزة\". \r\n \r\n وتشهد العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول الأفريقية نمواً مطرداً، حيث تضاعف حجم التجارة بين الطرفين إلى أكثر من عشر مرات خلال العقد الأخير ليصل إلى حوالى 40 مليار دولار في السنة الجارية، ما جعل بكين ثالث أكبر شريك تجاري للقارة الإفريقية بعد الولاياتالمتحدة وفرنسا. وتقدر الاستثمارات الصينية في الدول الإفريقية بحوالى 6.4 مليار دولار، لاسيما في مجال بناء المنشآت النفطية، لكن أيضاً في مجال إقامة مشاريع السكك الحديدية في كل من أنجولا ونيجيريا، وبناء الملاعب الرياضية في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، فضلاً عن إنشاء أكبر سد في إثيوبيا. ولم يمر العام الجاري دون قيام الرئيس الصيني والوزير الأول مصحوباً بوزير الخارجية بزيارة إلى أحد البلدان الأفريقية، مما يؤشر على عمق العلاقات وقوتها. \r\n \r\n وإلى الجانب الرغبة في توطيد علاقات التعاون مع الدول الإفريقية تبرز الشهية المفتوحة للاقتصاد الصيني لاستهلاك المزيد من المواد الأولية والنفط القادمين من القارة السمراء. وفي هذا الإطار تعد أنجولا والسودان أكبر شركاء الصين التجاريين في القارة الأفريقية، بعدما وصلت مبيعاتهما النفطية للصين إلى 25% من إجمالي واردات الصين العالمية من تلك المادة الحيوية. وحسب الخبراء من المتوقع أن يرتفع ذلك الرقم خلال الخمس سنوات المقبلة إلى 33%. ولتأمين موطئ قدم في أنجولا وتعزيز موقعها، قدمت الصين قرضاً إلى الحكومة قُدر بملياري دولار. وهو القرض الذي جاء في الوقت المناسب بالنسبة لأنجولا التي احتلت المرتبة 151 من بين 158 دولة من حيث انتشار الفساد في تقرير منظمة \"ترنسبارانسي الدولية\" الصادر في 2005. وبسبب القرض الصيني، استطاعت أنجولا تفادي شرط \"الحوكمة الرشيدة\"، الذي يفرضه صندوق النقد الدولي على تقديم المساعدات المالية. \r\n \r\n وبالمثل أدت الاستثمارات الصينية الكبيرة في المجال النفطي بالسودان إلى تعزيز موقف الخرطوم في أزمة دارفور ومعارضتها الجهود الأممية الرامية إلى نشر قوات دولية في الإقليم المنكوب، حيث قتل أكثر من 200 ألف شخص منذ 2003. وفي هذا السياق يقول \"بيتر تاكيرامبودي\"، مدير القسم الأفريقي في منظمة \"هيومان رايتس ووتش\": \"تتلقى الصين حصتها من النفط، فيما السودان يجني الأموال، ولا أحد يبدو مهتماً بمسألة حقوق الإنسان، أو بما يجري في دارفور\". لكن الصين تؤكد من جانبها أنها وظفت نفوذها في السودان للضغط على النظام في الخرطوم وإقناعه بالموافقة على نشر قوات أممية في الإقليم. وضمن هذا الإطار، صرح \"زاي جون\"، نائب وزير الخارجية الصيني قائلاً: \"إننا نستخدم قنواتنا الخاصة للتقريب بين وجهات النظر المختلفة للوصول إلى اتفاق يقبل به جميع الأطراف\". ويشير الخبراء الصينيون إلى أن الشركات الصينية التي لم تدخل حلبة الاستثمار الدولي إلا مؤخراً كانت مُجبرة على البحث عن فرص في مناطق لم تصلها بعد الشركات الغربية. وفي بعض الأحيان كانت تحفزها عوامل سياسية. ومع ذلك تبدي المؤسسات الدولية المانحة قلقاً بالغاً من المقاربة الصينية في الاستثمار التي تنال من جهودها في تحسين أساليب الحوكمة في الدولة الأفريقية. فقد أبدى رئيس البنك الدولي \"بول وولفوفيتز\" تذمره الأسبوع الماضي من القادة الصينيين الذين لا يحترمون المعايير البيئية المتفق عليها، فضلاً عن تشجيعهم الأنظمة الشمولية في القارة الأفريقية. \r\n \r\n بيتر فورد \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في بكين \r\n \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n