الكثير من وكالات الاغاثة خاصة تلك التابعة للامم المتحدة تحذر من مغبة استمرار العنف واستمرار النقص الحاد في الخدمات الصحية الاساسية واثر ذلك السلبي على حياة المدنيين الفلسطينيين خاصة الاطفال منهم، ان دفع سكان غزة نحو اليأس ليس سوى وصفة لتوليد المزيد من الكراهية والتطرف ومعاداة السلطة الفلسطينية برئاسة ابومازن، الفقراءفي غزة يخوضون معركة يومية من اجل توفير دخل يؤمن لهم الحد الادنى من الغذاء، فحوالي 70% من سكان غزة يفتقرون للغذاء، وقد اضطر هذا الوضع برنامج الغذاء العالمي الى زيادة اعداد السكان الذين يتسلمون المساعدة الشهرية من 160 الف شخص الى 200 الف شخص حيث اضيفت اعداد كبيرة من المزارعين وصيادي الاسماك لقوائم متلقي الاعانات، هناك مساحات واسعة من الاراضي الزراعية لحق بها الخراب والدمار بسبب الاجتياحات الاسرائيلية للقطاع وتعمد اسرائيل تخريب الارض والمحاصيل وقد اثرت سياسة الاغلاق الاسرائيلية على الخدمات الصحية لسكان القطاع مما تسبب في عدم توافر الادوية الاساسية، وذكرت منظمة الصحة العالمية ان استهداف البنية التحتية الضعيفة اصلا لقطاع غزة كمحطة الكهرباء اليتيمة هناك ادى الى نقص توافر التيار الكهربائي وبالتالي عدم توافر التيار اللازم لتشغيل المستشفيات وتشغيل محطات ضخ المياه من الآبار مما اثر سلبا على صحة السكان، وهناك 840 الف طفل يعيشون في قطاع غزة يعانون من الاثار المباشرة لعمليات القصف والهجمات الجوية التي تشنها اسرائيل، في اجواء مثل هذه هناك تخوف حقيقي من امكانية انتشار الامراض المعدية التي تصيب الاطفال على وجه الخصوص، وتشير الاحصاءات الى ان حوالي 150 الف طفل في غزة يعانون من آلام نفسية شديدة نتيجة للعنف الدائر، وهناك حوالي 50% من الاطفال يمرون بتجارب شخصية مريرة في احداث لها علاقة بالعنف او شهدوا العنف بأنفسهم وهو يصيب اهلهم او اقاربهم او جيرانهم. وقد رفع بعض الاطباء المنتسبين لجماعات حقوق الانسان في اسرائيل دعوى الى المحكمة العليا يطالبونها باصدار قرار يمنع الطيران الحربي الاسرائيلي من القيام بعمليات اختراق لحاجز الصوت مما يسبب آلاما نفسية حادة للاطفال مما يعد خرقا فاضحا لمواثيق جنيف التي وقعت عليها اسرائيل. \r\n \r\n كذلك ادى العنف والاغلاقات الى منع وصول المدنيين الى الخدمات الصحية اللازمة للمحافظة على الحياة خاصة النساء مثل الجراحة وحالات الولادة. هل من الممكن الخروج من هذه الدائرة الجهنمية من العنف والموت؟ اعتقد ان الجواب على ذلك هو نعم. يجب ان تلحق الدول المانحة وعودها الاقتصادية باجراءات سياسية بحيث يتم السماح لسكان غزة بالمزيد من حرية الحركة والوصول الاسرع والاسهل للخدمات الصحية، وهذا يعني ايضا السماح للفلسطينيين باستئناف بيعهم لمنتجاتهم التجارية. قبل سبعة اشهر اوقفت الكثير من الدول المانحة فجأة المساعدات التي كانت تقدمها لوزارة الصحة الفلسطينية كرد فعل انتقامي على فوز حماس بالانتخابات التشريعية، ونتيجة لذلك اصبحت وزارة الصحة غير قادرة على توفير الرعاية الصحية الاساسية. ان النزاع الفلسطيني الاسرائيلي يتم تغذيته بالكراهية والاعمال العدائية التدميرية واكثر الاطراف معاناة في هذه الحالة هم المدنيون خاصة الاطفال منهم، علينا ان نستبدل لغة الكراهية بلغة التعاون من اجل ان تسود روح التسامح. وفي اوج الحملة العسكرية الاسرائيلية على لبنان تجاهلت وسائل الاعلام الاسرائيلية حدثا هز السياسات الفلسطينية، ففي جلسة للمجلس التشريعي الفلسطيني دعا رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية جميع الفصائل الفلسطينية لتقييم مدى ضرورة استمرار السلطة الفلسطينية. جاءت تصريحات هنية بعد عدة ايام على قيام اسرائيل باعتقال المتحدث باسم المجلس التشريعي عبدالعزيز الدويك، ويبدو ان تصريحات هنية جاءت من اجل لفت نظر الاسرة الدولية للاوضاع البائسة التي تعيشها السلطة الفلسطينية. \r\n \r\n الدعوة لحل السلطة الفلسطينية ليست بالشيء الجديد فهي تيار بدأ يكسب المزيد من الزخم، فبعد العملية الاسرائيلية في اريحا لاعتقال سعدات والمتهمين الآخرين بقتل الوزير الاسرائيلي رحبعام زئيفي طالب عدد من نشطاء ومثقفي فتح الرئيس عباس بحل السلطة الفلسطينية، وفهم هذا الطلب في سياق الصراع القائم بين فتح وحماس على قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية بعد النصر الانتخابي الكاسح الذي حققته حماس على حساب فتح في يناير الماضي. في الوقت الذي لا تزال تسيطر فتح على منظمة التحرير الفلسطينية فان حل السلطة الفلسطينية سيمكن فتح من الاستحواذ على السلطة من جديد، لا القانون الاساسي ولا الاتفاقيات القائمة بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية توفر اي آلية لحل السلطة الفلسطينية، ويبدو ان الطريقة الوحيدة لحل السلطة تتمثل في تقديم عباس لاستقالته وقيام المجلس التشريعي الفلسطيني بحل نفسه. ولكن ونظرا لسيطرة حماس على المجلس التشريعي والحكومة فانه ليس بوسع فتح حل السلطة دون تعاون حماس، في نفس الوقت تبدو حماس لا مصلحة لها في حل الحكومة التي تسيطر عليها حاليا وهي مترددة في نفس الوقت في تقوية منظمة التحرير التي لا يوجد لها فيها اي موطئ قدم، منذ تشكيل حماس للحكومة الفلسطينية اشترطت اسرائيل من اجل وقف مقاطعتها السياسية والاقتصادية للسلطة قبول حماس بثلاثة شروط هي: الاعتراف باسرائيل وتأكيد التزامها بالاتفاقيات الموقعة والتوقف عن ممارسة الارهاب. المقاطعة الاسرائيلية والدولية لحماس ادت الى اعاقة النشاط الاقتصادي الفلسطيني بصورة كبيرة للغاية، واعتقال اسرائيل لوزراء حكومة حماس والاعضاء المنتسبين اليها في المجلس التشريعي وغزوها لقطاع غزة بعد خطف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت قوى من انطلاق الدعوات لحل السلطة الفلسطينية من قبل حماس وفتح، وقد وصلت هذه المطالبات مداها عندما صرح عباس بعد لقائه كوندوليزا رايس انه يتعرض لضغوط للاستقالة وحل السلطة الفلسطينية. من المشكوك فيه ان تقبل حماس بالشروط الاسرائيلية التي تحاول اسرائيل فرضها عليها ويبدو انه من الصعب تحقيق تلك الشروط للاسباب التالية: اولا ان هذه الشروط الثلاثة تتعارض مع مبرر وجود حماس، ومن المستحيل دستوريا ابعاد حماس عن الحكم بسبب تمتعها بالغالبية في المجلس التشريعي الفلسطيني، فهذه الغالبية تعني ان اي حكومة تشكل يجب ان تحظى بموافقة حماس. هذه الطلبات الاسرائيلية الثلاثة ادت الى الحاق الشلل بالسلطة الفلسطينية وهو شيء سيؤدي اما الى انهيار السلطة او اشعال نيران انتفاضة ثالثة الا اذا شكلت حكومة وحدة وطنية. ان حل السلطة الفلسطينية ستكون له تداعيات استراتيجية كثيرة على العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية. انهيار السلطة يعني للفلسطينيين فشل الخيار الدبلوماسي كما انه سيشكل نكسة قوية لمبدأ الحل القائم على اقامة دولتين. اضافة الى ما سبق تعتبر اسرائيل هي قوة الاحتلال الفارضة لنفسها على الضفة الغربية وقطاع غزة وانهيار السلطة يعني تحميل اسرائيل تكلفة ادارة الشأن الفلسطيني من صحة وتعليم وغيرهما. وطالما ان عباس وهنية لا يستبعدان مثل هذا الاحتمال، فان هذه الامكانية تبدو محتملة اكثر من اي وقت مضى. في كل سيناريو سياسي ممكن سواءفي المفاوضات او في التحركات احادية الجانب او في الابقاء على الوضع الراهن كما هو ستكون هناك حاجة لوجود سلطة فلسطينية تعمل. ان على اسرائيل ان تسعى للتوصل الى حلول وسط بشأن مطالبها الثلاثة من اجل تمكين السلطة الفلسطينية من القيام بالمهام المنوطة بها. \r\n