عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنة الله التى لم تصل غزة

«تفتكر بتزعل».. قالها مواطن غزاوى عبر الهاتف.. كلمتان لخصتا حال القطاع وأهله فى ظل حصار مقيم هناك منذ أربع سنوات وحكم حماس الذى جاوز الثلاث سنوات.. وفى الكلمات التى سمعتها من أهل غزة.. كانت هناك دعوة للحزن النبيل على ضياع حلم الدولة، التى كانوا يناضلون من أجل إقامتها فصاروا يناضلون من أجل توفير الخبز والدواء وقطع الغيار فى ظل حكومة حماس.. وأغرقتنى الكلمات القادمة من غزة فى مرارة الحياة فى ظل الانتظار.
فظلمة الليل فى انتظار الكهرباء.. والبيوت المهدمة فى انتظار إعادة الإعمار.. ومراكب الصيد فى انتظار الإبحار.. ونصف الشباب فى انتظار فرصة عمل.. وقلوب الصبايا فى انتظار الفرج لتعليق الزينات.. و60% من الأسر فى انتظار المساعدات الغذائية.. وفى المقابل كان قادة حماس يتحدثون عن نظام حكمهم فى غزة الذى أقام جنة الله على الأرض.
* البداية
ولدت حركة حماس من رحم الإخوان المسلمين.. وفى بداية السبعينيات بدأت تمارس نشاطها فى فلسطين كحركة إسلامية تهتم بالعمل الخيرى والاجتماعى والدعوة الدينية.. وحصلت على شهادة ميلادها من سلطة الاحتلال الإسرائيلى.. وعندما اشتد ساعدها بدأت فى منافسة منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات خاصة عندما وقع الزعيم الفلسطينى مع إسرائيل عام 1994 اتفاق إعلان المبادئ الشهير باتفاق غزة - أريحا.. فقد أعلنت حماس رفضها للاتفاق.. وقررت مواصلة عملها العسكرى ضد إسرائيل.. وهو ما جعل حماس القوة المعارضة الرئيسية فى الأراضى الفلسطينية فور إقامة السلطة فى هذه الفترة بدأت المناوشات وحرب التصريحات تظهر بين حركة فتح التى ذابت فى جسد السلطة الفلسطينية.. وحركة حماس التى استعانت بالخطاب الدينى لجذب الجماهير إليها وزادت حدة الخلافات بين الجانبين عندما بدأت حماس فى شن عمليات تفجيرية داخل الدولة العبرية لإحراج السلطة الفلسطينية، التى تتفاوض مع قادة إسرائيل لذلك ردت السلطة الفلسطينية معلنة أن حماس تنظيم محظور نشاطه وشنت حملة إغلاق لمؤسساتها الخيرية والإعلامية واعتقلت العديد من كوادرها فى الضفة والقطاع فى عام 1996 وردا على كل هذا قام قادة حركة حماس بتأسيس حزب الخلاجى الوطنى الإسلامى الذى قاده غازى حمد بترخيص رسمى من السلطة الفلسطينية.. وكان تأسيس حماس لحزب سياسى إشارة واضحة لتطلع حماس للحكم مستقبلا رغم حالة الإنهاك الشديد التى أصابتها بسبب إغلاق المقرات واعتقال القيادات.. وسعيا لتحقيق أهدافها الخاصة بالوصول إلى كراسى الحكم سعت للاستفادة من قوة السلطة الفلسطينية فى ذلك الوقت «الفترة بين عامى 2000 و2005» حيث لم تسع حماس لمواجهة السلطة الفلسطينية بل سعت للتنسيق معها وساعد حماس على ذلك اندلاع انتفاضة الأقصى يوم 2000/9/28عندما قام شرطى فلسطينى بإطلاق النيران على ضابط إسرائيلى كان يرافقه فى دورية مشتركة بالقرب من مدينة قلقيلية شمال الضفة وتطورت الأمور بسرعة.. وسقط المئات من الشهداء الفلسطينيين.. ووصل التنسيق بين حماس والسلطة الفلسطينية قمته فى مارس عام 2002 عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية جميع مدن الضفة الغربية فأفرجت السلطة الفلسطينية عن قادة حماس بعد محاولة القوات الإسرائيلية اغتيالهم من خلال قصف بعض سجون السلطة، كما حدث فى سجن نابلس المركزى الذى كان يتواجد فيه قائد كتائب القسام فى الضفة محمود أبوهنود.. وفى ظل التنسيق مع السلطة بدأت حماس تنمو من جديد وظهرت أجنحة عسكرية جديدة للفصائل الفلسطينية.
ووصل اقتراب حماس من حركة فتح إلى حد تعاونهما فى تنفيذ عمليات مشتركة ضد إسرائيل.. بل ابتلعت حماس الكثير من التصرفات الخشنة التى مارستها فتح تجاهها، مثل فرض الإقامة الجبرية على زعيمها الشيخ أحمد ياسين فى أواخر عام 2001 واعتقال الشيخين إسماعيل هنية وإسماعيل أبوشنب.. وبعد أن نجحت حماس فى بناء قوتها وتوسيع شعبيتها بدأت فى مواجهة السلطة.. وبدأ التوتر بين الطرفين عام 2006 عندما أعلنت حماس فجأة قرار خوض الانتخابات بعد عشر سنوات من رفضها خوض الانتخابات عام 1996 وفى يوم 2006/1/26 فازت حماس ب 74 مقعداً فى المجلس التشريعى من بين 132 مقعداً.
* الحسم
فجأة وجدت حركة فتح نفسها خارج نطاق السلطة والحكم مما أثار غضب قادتها الذين استخدموا خطابا إعلاميا عنيفا ضد حماس التى ردت عليهم بخطاب أعنف وتطور الأمر إلى حد تبادل الاتهامات وانطلقت شرارة الاقتتال الداخلى يوم 2006/1/26حيث اشتبكت عناصر من القوة التنفيذية التى أسستها حماس مع عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة لحركة فتح وسقط من الجانبين 13 قتيلا.. و100 جريح.. وأكدت دراسة أعدتها مجموعة الأزمات الدولية بواشنطن بعنوان «ما بعد غزة».. أنه خلال النصف الأول من يونيو عام 2007 تحولت الاشتباكات المتقطعة بين حماس وفتح فى غزة إلى صراع للسيطرة على القطاع.. وخلال أقل من أسبوع استولت قوات تابعة لحماس على المنشآت الأمنية التابعة للسلطة ومراكز مهمة لفتح.. وفى يوم 2007/7/14 استولت حماس على المجمع الرئاسى فى مدينة غزة وعلى الأسلحة الثقيلة والمركبات العسكرية ورفرفت أعلام حماس فوق مبنى السرايا - المجمع الحكومى الرئيسى للسلطة فى غزة - وفى المساء أقال الرئيس الفلسطينى حكومة الوحدة الوطنية التى تولت السلطة فى مارس.. وشكل حكومة طوارئ برئاسة سلام فياض.. وكشفت حصيلة الخسائر البشرية عن سقوط 140 قتيلا، وألف جريح بما يدل على شراسة القتال بين الطرفين، ومارست عناصر حماس عمليات القتل العشوائى وإلقاء الخصوم من فوق أسطح المنازل، وتم قتل أحدهم على الأقل فى غرفة العمليات.. بعدها بدأت القوات التابعة لحماس فى جمع السلاح من العشائر (مثل عشائر المصرى والدغمش والدبرة وكفارنة وأبوطه وغيرها) كما قامت بالسيطرة على عدد من الفصائل المسلحة مثل جيش الإسلام والجهاد وغيرهما وخلال الأسابيع التالية قامت مجموعات حقوق الإنسان بتوثيق عمليات اعتقال تعسفية وتعذيب وحتى قتل داخل أماكن الاحتجاز.. وبعد تسرب بعض هذه التقارير وتخوفا على سمعة حماس أعلن قادتها عن وقف هذه التجاوزات.
* الحكم
سألت أحد الخبراء السياسيين من أبناء غزة - رفض ذكر اسمه لأسباب مفهومة- كيف ترى حكم حماس للقطاع؟.. فقال: «مشكلة حماس أنها لا تستطيع الجمع بين الحكم والمقاومة لأن هذا الجمع لا تقبله إسرائيل والولايات المتحدة.. وقد جرب الزعيم عرفات ذلك فى الانتفاضة الثانية.. فحاصرته القوات الإسرائيلية حتى وفاته.. وكان العدوان الأخير على غزة لنفس السبب.. وحماس اليوم أمام خيارين إما الحكم تحت الاحتلال أو المقاومة.. ويبدو أن حماس مالت للخيار الأول.. وتلك هى مشكلة حماس التى لا تنعكس فقط على مجمل الأوضاع فى غزة، بل على مستقبل القضية الفلسطينية ذاتها».. ويبدو أن كلام الرجل يحمل الكثير من الصدق وتفاصيل الأحداث الجارية تؤكد ذلك.. حيث نجد أنه بمجرد فوز حركة حماس بالأغلبية البرلمانية فى انتخابات 2006 قامت إسرائيل بفرض حصار قوى على القطاع.. وأغلقت ستة معابر كانت تربط غزة بالضفة عبر إسرائيل.. ولم يبق لسكان القطاع سوى معبرى رفح والعوجة على الحدود مع مصر.. وعندما استولت حماس على قطاع غزة ركزت على استمرار فتح معبر رفح.. وتجاهلت إغلاق إسرائيل الستة معابر.. بينما ركزت السلطة الفلسطينية على فتح المعابر الإسرائيلية لربط غزة بالضفة استعدادا لقيام الدولة الفلسطينية.. وصارت حماس فى اتجاه تأكيد سيطرتها على غزة وفصلها عن الضفة.. وانشغلت بدعم علاقاتها بإيران وحلفائها فى المنطقة لمواجهة الموقف الأمريكى الذى يعتبر حماس منظمة إرهابية.. ولا يجب التعامل معها إلا بعد أن تعلن نبذ العنف واعترافها بالاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية والاعتراف بالدولة العبرية.. وغير ذلك من الشروط الدولية التى لم تقبلها حماس صراحة.. واتجهت حماس لمواجهة الحصار بتشجيع حفر الأنفاق وتهريب البضائع فارتفعت أسعارها فى أسواق غزة أربعة أضعاف أسعارها الحقيقية.. وتربح رجال حماس من ذلك نحو مليون دولار يوميا كضرائب على السلع المهربة.. فارتفع سعر البنزين إلى 8 جنيهات مصرية وسعر أنبوبة البوتاجاز وصل 120 جنيهاً مصرياً.. وسعر جوال الدقيق 50 كجم وصل إلى 200 جنيه مصرى.. نجحت حماس بالفعل فى السيطرة الأمنية على القطاع.. ولكنها لم تنجح فى حل المشاكل الاقتصادية فحسب الإحصاءات الدولية ارتفعت نسبة الفقر إلى 85% من السكان.. ونسبة البطالة إلى 48%.. وأصبح 60% من الأسر يعتمدون فى غذائهم على المساعدات التى تقدمها الوكالات الإنسانية التى تقدم للأسرة المكونة من ثمانية أفراد كل ثلاثة أشهر 32 كجم من الدقيق و15 كجم من السكر و15 كجم من الأرز، وأغلب موظفى الحكومة فى القطاع التابعين لحماس لم يتقاضوا سوى نصف رواتبهم خلال الشهرين الماضيين للمرة الأولى منذ سيطرة حماس على غزة منذ ثلاث سنوات.. واعترف بذلك إسماعيل محفوظ نائب وزير المالية فى حكومة حماس منذ أيام معلنا أن موظفى القطاع العام الذين تقل رواتبهم عن أربعة آلاف شيكل سيحصلون على نصف رواتبهم.. هكذا تواجه حماس أزمة مالية وتعالجها بفرض المزيد من الضرائب وتفسرها بارتفاع عدد موظفى الحكومة من 13 ألفاً قبل ثلاث سنوات إلى 34 ألفاً.. بالإضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومى على مشروعات البنية التحتية.. هذا ما أكده ظاهر النونو المتحدث باسم حماس، موضحا أن الحكومة تواجه الشائعات التى يطلقها المعارضون بنشر الحقائق فالحكومة تضع أموالا فى بعض مشاريع الخدمة العامة أكثر من التى تجمع من الضرائب، حيث مهدت طريقا رئيسيا فى غزة.. ومنحت مساعدات قيمتها 5,2 مليون دولار لنحو 25 ألف عامل عاطل عن العمل.. وبينما يحاول مسئولو حماس أن يصوروا الأمر وكأنهم حولوا قطاع غزة إلى جنة الله على الأرض.. يتحدث أهالى القطاع عن مدينة الرعب والخراب والفساد التى يعيشون فيها.. تحدثوا عن مجازر ارتكبتها قوات تابعة لحماس لعائلات بكر ودغمش وعن مجزرة مسجد ابن تيمية.. وعن شركات لتوظيف الأموال أسستها عناصر من حماس لسرقة الناس.
وتحدثوا عن قمع الحريات العامة.. واعتقال المقاومين.. ومنع إطلاق الصواريخ على إسرائيل.. واعتبار أعمال المقاومة أعمالاً خيانية.. وتعذيب مطلقيها فى سجن المشتل تنفيذاً لاتفاق الهدنة الذى توصلت إليه حماس مع السلطات الإسرائيلية.. وتحدثوا عن منع فتح وغيرها من الفصائل من ممارسة أنشطتها داخل القطاع.. وفى تقرير بثته الأسبوع الماضى وكالة «رويتر» من داخل القطاع أشار إلى أن معارضين لحماس أكدوا أن هناك حالة من الغضب بين سكان غزة «5,1 مليون نسمة» ليس فقط بسبب فرض ضرائب جديدة على السجائر.. وتفريق حفل لموسيقى «الهيب هوب» أقامه الشباب على الشاطئ.. بل أيضا بسبب تقييد الحريات العامة.. والقبض على أعضاء فى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فى غزة كانوا يوزعون منشورات تنتقد حكومة حماس وتحذر من تمرد شعبى إذا فرضت المزيد من الضغوط الاجتماعية والسياسية على الناس فى إطار سعيها لإقامة دولة إسلامية فى غزة.. فى المقابل نفى إسماعيل هنية رئيس الحكومة أى خطة لإقامة دولة إسلامية فى القطاع وأكد أن حكومته تدرك حالة الغضب العامة ولكنها تلقى باللوم على الشائعات المغرضة التى يطلقها أعوان فتح فى غزة.
وردا على ذلك أكد قيادى فى حركة فتح أنه لا فتح ولا غيرها بحاجة لأن تطلق شائعات كاذبة.. فسكان غزة يعيشون الواقع المؤلم بأنفسهم ويواجهون المعاناة فى ظل حكم حماس الذى يمارس عقابا جماعيا على السكان.
* الحرب
أدت الحرب التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة يوم 2008/12/27 إلى تدمير نحو 2800 منزل كليا وتدمير 1800 منزل جزئيا وتدمير 4 مدارس و35 مسجداً و120 مبنى حكومياً بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية من طرق وشبكات مياه وصرف صحى.. إلخ.. عموما أدت هذه الحرب إلى مقتل 1300 فلسطينى منهم 700 من المدنيين العزل منهم 400 طفل بالإضافة إلى نحو 5500 جريح كما تكبد القطاع خسائر اقتصادية مباشرة تبلغ 2100 مليون دولار.. وبررت إسرائيل عدوانها بأنه نوع من أعمال الدفاع عن النفس ردا على قذائف القسام التى تتساقط على المدن الإسرائيلية القريبة من القطاع.. وكانت إسرائيل تصعد عملياتها العسكرية على غزة فى أعقاب انتهاء الهدنة بين حماس وإسرائيل والتى تم التوصل إليها فى يونيو 2008بهدف وضع حماس أمام ثلاثة خيارات إما استمرار عمليات الاغتيال المنتقاة - وكان آخرها اغتيال المبحوح فى دبى - أو التدمير الواسع والقتل العشوائى كما حدث فى حرب غزة وسكان غزة يتوقعون تكرارها فى المستقبل.. وإما القبول بالرؤية الإسرائيلية لعملية السلام والتى تبلورت فى مفاوضات «كامب ديفيد» فى يوليو 2000 والتى رفضها عرفات.. وهى إنشاء دولة فلسطينية ممزقة تعيش تحت السيطرة الإسرائيلية لذلك من بين أهداف الحرب على غزة تدمير اقتصاد القطاع لتأكيد اندماجه الإجبارى فى الاقتصاد الإسرائيلى من حيث العمالة والتشغيل وتوفير الوقود ومستلزمات الإنتاج وبوابة للاستيراد والتصدير وإبقاء سكان غزة رهينة للمساعدات الأجنبية.. ولذلك تعمل السلطة على توفير الرواتب لنحو 60 ألف موظف فى غزة كما تتحمل تكاليف الإمدادات الطبية والوقود وضمان وصولها للقطاع.. وفى المقابل عرقلت حماس جهود المصالحة.. وعرقلت جهود إعادة الإعمار والآن تحاول حماس اكتساب شرعية من خلال تواجدها فى عمليات إعادة تشغيل المعابر وهو ما يرفضه المجتمع الدولى.. ولم تهتم حماس بالبؤس الذى يعانيه أغلب سكان غزة فالكهرباء تقطع لساعات طويلة.. وانحصرت أعمال الصيد عند حدها الأدنى.. والمزارع والورش لا تجد مستلزمات الإنتاج.. إلخ وتعليقا على ذلك قال أحد سكان غزة «إن حماس فى سبيل استمرار سيطرتها على القطاع نجحت فى تحقيق أهم أهداف إسرائيل.. انفصال غزة عن الضفة واستحالة قيام الدولة الفلسطينية.. وتوفير الأمن لمواطن الدولة العبرية مقابل استمرار معاناة أهل غزة.. والأخطر اغتيال حلم تحرير فلسطين الذى عشنا نناضل ونضحى ونقاوم من أجل تحقيقه.. واليوم بفضل حكومة حماس صار الناس فى غزة يحلمون بالطحين السوبر بعد أن تعبوا من خبز طحين الوكالة الذى يجف سريعا ويصعب أكله.. صاروا يحلمون بفتح المعابر وتخفيف الحصار ليبنوا بيوتهم ويطعموا أطفالهم ويعالجوا مرضاهم.. فقط لا أكثر.».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.