\r\n ويشير ظهور الاحادية, التي اخذت طريقها الى التنفيذ منذ خروج ارئيل شارون من غزة, الى التحول بعيدا عن ايديولوجيات اليسار واليمين التي سادت بعد حرب الايام الستة في عام ,1967 لصالح براغماتية الوسط الجديدة. ذلك انه بعد فشل جهود السلام, عام ,2000 وخمس سنوات من الانتفاضة الفلسطينية التي ترتبت على ذلك, توصل الاسرائيليون الى نتيجة انه لا »سلام الآن« ولا »اسرائيل كبرى«. \r\n \r\n في هذا الخصوص, يقول يارون عزارخي. استاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية, »انه التحرر من امرين طوباويين: يوتوبيا اليسار حيال السلام والانسجام, ويوثوبيا اليمين باقامة اسرائيل الكبرى بالدم والنار«, ويمضي عزارخي ليقول بأن »التحرر من الوهم قد ارتئي كحل تسوية وسط. فهو ينطوي على عنصر من اليسار واليمين. اما العنصر اليميني فهو التشاؤم من مقدرة الفلسطينيين على توقيع اتفاقية. واما العنصر اليساري فهو الرغبة في اقتسام الارض. وما فك الارتباط الاّ اكمل تركيب كل هذا«. \r\n \r\n في الاستطلاعات النهائية التي سبقت اقتراع يوم الثلاثاء, احتل حزبا العمل والليكود, وهما المتنافسان الرئيسيان منذ الثلاثة عقود الاخيرة, المرتبتين الثانية والثالثة بفارق كبير عن الفائز الاول. واذ لم يتضرر حزب »كاديما« من خطر »حماس«, او من التفاوت الاجتماعي الواسع داخل اسرائيل, فقد انهى حملته الانتخابية مقاوما, بشكل رئيسي, لا مبالاة الناخب الاسرائيلي وفتوره. \r\n \r\n ومع هذا, فليس مؤكدا الآن ان كان الالحاح على طلب الطلاق مع الفلسطينيين من جانب واحد. سيفضي الى بلورة فلسفة تحافظ على وحدة الوسط السياسي وتماسكه, وهو الذي التم حول شارون و»كاديما«, قبل ان يصاب شارون بجلطة دماغية قوية جدا منذ شهرين. \r\n \r\n لقد وصف اصحاب الاعمدة الصحافية الانتخابات بأنها »قرار مصيري«, لكن هذا الوصف لم يؤثر على الناخبين المستقبليين. اذ تتنبأ استطلاعات الرأي بأن مخرجات الانتخابات ستكون ضعيفة. ففي الانتخابات السابقة, كانت الطرق السريعة تنضح باليافطات السياسية, والملصقات الوافرة, لكن الساحات العامة كانت خالية من البشر نسبيا. وفي هذه المناسبة, يقول توم سيغف, المؤرخ والصحافي الاسرائيلي, »ان معظم الاسرائيليين مصابون بالاعياء من القرار الكبير, وكأني بهم يقولون للسياسيين: اذهبوا وافعلوا ما تشاؤون, واتركوني بحالي. وكان هذا هو الطابع العام لمجتمع منقسم انقساما عميقا. فعلى مدى 40 عاما ونحن نتحاور حول مستقبل المناطق الفلسطينية المحتلة. والان لدى الناس شعور بأن هذه المسألة قد حسمت«. \r\n \r\n واذا يحذر الحمائم الاسرائيليون, من ان احتلال اراض تم الاستيلاء عليها عام ,1967 هو بمثابة عبرة اخلاقية بالنسبة لاسرائيل, فقد ايدوا تقليديا المفاوضات مع الفلسطينيين. كطريقة للتوصل الى اتفاق مقايضة الارض بالسلام. اما الرد على ذلك من اليمين, فكان بتوسيع المستوطنات اليهودية في جميع انحاء الضفة الغربية, بينما رفض مبادرات السلام الفلسطينية, واعتبرها مخادعة. \r\n \r\n كان ذلك حوارا انتعش في حمأة الايديولوجيات عند جيل ولد ايام قيام اسرائيل, واصبح بالغا عند اندلاع حربي 1967 و .1973 لكن هذا الجيل غدا في العقود التالية, وبدأ المجتمع الاسرائيلي فيها ينفتح على الغرب بالتدريج, اقل تركيزا على الحوارات الايديولوجية. وفي هذا الصدد, يقول سيغف, »هذا تغيير عميق في الاولويات. فالناس اليوم اقل ايديولوجية. ووجدوا قيما اخرى في الحياة. فنحن نقوم اليوم بانشاء توجهات طبيعية ومجموعة طبيعية من الاولويات. اننا نكبر عن ايام طفولتنا«. \r\n \r\n وحيث ان الاحادية, سياسة تبناها رئيس حكومة تكنىّ ب ̄ »البولدوزر«, فقد اصبحت السياسة الخارجية بالنسبة لاولئك الاسرائيليين الذين نفد صبرهم من استئناف مفاوضات السلام, والذين ايقنوا ان الجيش الاسرائيلي لا يملك الردّ السليم على الاستشهاديين. وفي هذا الشأن, يقول دان شوفتان, نائب مدير مركز دراسات الامن القومي بجامعة حيفا, واحد المؤيدين الاشداء لهذه الاستراتيجية, »هذه مسألة اكبر بكثير من ان تكون سياسة, انها مثال ونموذج«. ويضيف ويقول انه »عندما ادرك الاسرائيليون ان خيار السلام لم يتحقق, وانه لن يتم الحصول على تسوية مقابل الانسحاب, فيتولد الدافع الى الانسحاب من جانب واحد, ولن يتولد الدافع الى اعطاء الفلسطينيين اي اعتبار عندما نقيم حدودنا, اما فكرة بأننا سنظل هناك بصورة دائمة, ونتنظر حتى تتحسن الامور, فذلك امر لم يعد يؤمن به الاسرائيليون«. \r\n \r\n لقد ارتأى شارون في »كاديما« ملاذا سياسيا للبراغماتية الجديدة بعد ان يئس من الليكود. ولما وقع شارون في غيبوبة في شهر كانون الثاني الماضي, توقع الكثيرون وفاة الحزب. لكن عندما خرج ايهود اولمرت من ظل شارون قبل اسبوعين. واعداً بانسحاب جديد من الضفة الغربية, كان ذلك بمثابة اشارة الى ان الحزب قد يمضي الى ذلك بمفرده. وفي هذا الصدد, قال تزاحي هانيغبي, عضو »كاديما« المنشق عن الليكود, »ان هدف حزب كاديما تحديد حدود اسرائيل, ولم يكن هذا في اي وقت مضى هدفا لأي من اليسار او اليمين. ولو سألتني ان كان »كاديما« سيظل قويا بعد تنحي شارون بالطريقة التي تمت, لاجتبك »ابداً«. فقد تبين ان تأييد الناس لذلك لم يكن فقط تأييدا لشخص. فالناس يريدون الامل. وحزب كاديما يوفر هذا الامل, وهذا الامل ليس وهما, بل اكثر معقولية ومحدودية وحذراً«. \r\n \r\n ومع ذلك, وحتى في الوقت الذي يبدو »كاديما« سائرا نحو مأثره غير مسبوقة, فيحذر بعض النقاد من ان حامل لواء الاحادية الانموذجي ليس الا شيئا اكثر قليلا من مجموعة من السياسيين الانتهازيين ما تلبث ان تتفكك. يقول افشالوم يلان, احد مؤسسي »سلام الآن, ومرشح حزب »ميرتس«, الحمائمي المتطرف, ويأمل في الانضمام الى حزب »كاديما«, ان واجهة كاديما تبدو جميلة. فقد وضعوا كل شيء في الكعكة, والكل يعتقد بانها ستكون كعكة طيبة. غير ان السياسة ليست كعكة. فعلى المدى البعيد, لا يمكن للكعكةالتي تضع فيها كل شيء ان تنجح«. \r\n