غير ان الليكود بدأ يتبعثر بسرعة الى كتل صغيرة لا تشكّل كلا من حيث الأساس, بعيد القرار الدرامي الذي اتخذه, اوائل الاسبوع الماضي, رئيس الوزراء أريئيل شارون, بالانفصال عن الحزب والبدء بتشكيل حزب وسطي جديد. \r\n في هذا الخصوص, يقول كبير استراتيجيي شارون, ان انشقاق اليمين عن اليمين هو النتيجة المتمخّضة ممّا يمكن تلخيصه بالانقسام المحتوم بين البراغماتيين والصفائيين. ففي حين يتمسّك الصفائيون بأحلامهم في دولة »اسرائيل الكبرى«, التي تشمل الضفة الغربيةوغزة, اصبح البراغماتيون - والكثيرون منهم انضموا الى شارون - يرون الى الدولة الفلسطينية في هذه المناطق نهاية لا مفرّ منها .\r\n فإلى ان يتمكن الليكود من حلّ هذا الانقسام في صفوفه, سيواجه أوقاتاً صعبة للحصول على أصوات الناخبين الاسرائيليين عند اجراء الانتخابات في الربيع المقبل. وبينما استقطب شارون, فعلا, عددا من الشخصيات الوسطية البارزة, من اليسار واليمين, فإن بعض البراغماتيين في الليكود قد خرجوا منه, تاركين قيادة الحزب ومساره المستقبلي للخاطفين .\r\n في هذا الشأن, يقول إيال أراد, مؤسس حركة »أرادكوميونيكيشنز« ورئيسها, والتي ستلعب دورا رئيسيا في حملة شارون, »من الواضح ان الحزب لا يمكن ان يعيش بروحين. ولهذا فإن الانشقاق برأيي لا يمكن تفاديه على المدى البعيد «.\r\n شارون واعادة النظر في اليمين \r\n يقول أراد ان القبول بعملية السلام الدولية, المعروفة بخارطة الطريق كان »ثورة في المفاهيم«. وقد صرّح أراد بذلك في مؤتمر صحافي حضره صحافيون أجانب الاسبوع الماضي, وظهر فيه حليق الذقن تماما تقريبا, ومرتديا كنزة معرّقة بخطوط زرقاء وبيضاء, وكأنه يريد ان يبدو متمثلا شخصية الاسرائيلي جيمس كار يل .\r\n وقال أراد, »كان لدينا حلم بإمكان أن يعيش اليهود في أي مكان في »ارض اسرائيل الكبرى«. انني اؤمن بأنه حلم جميل.. ولكنه تبدّد امام جدران الواقع. ان قيادة أريئيل شارون, والخبرة التي يحملها في القضايا الامنية.. هي التي اتاحت لليمنيين من امثالي القبول بهذا الواقع, والقبول برؤية دولتين قائمتين جنبا الى جنب من دون ارهاب «.\r\n ويُذكر هنا ان استطلاعات الرأي تشير الى ان معظم الاسرائيليين قبلوا بهذا الموقف ايضا, تاركين بعض المحللّين ليثبتوا ان افضل فرص الليكود تكمن في التحرّك نحو الوسط .\r\n اما صموئيل ساندلر, استاذ العلوم السياسية بجامعة بار - إيلان القريبة من العاصمة تل ابيب, فقال انه »حتى في الانتخابات السابقة عام ,2003 فإن الفوز كان لصالح الوسط اكثر من غيره«. ولذاك السبب, فإن منافسي شارون اليمينيين, والذين تركهم وراءه في حزب الليكود, هم مهاجموه الآن, على قضايا تتعلّق بالسياسة وأقل ممّا تتعلّق »بقضايا المصداقية «.\r\n التنافس على زعامة اللّيكود \r\n اعلن عدد من الشخصيات القوية في الليكود عن خططهم للترشيح لزعامة الحزب في الانتخابات التأسيسية المقبلة في قواعده, ما يسمح لهم بالتقدم على شارون في الانتخابات التي ستجري يوم 28 آذار ,2006 وتتضمن هذه الشخصيات رموزا مثل رئيس الوزراء الاسبق بنيامين نتنياهو, وشاؤول موفاز, قائد الجيش المحبوب السابق, ووزير الدفاع .\r\n راح نتنياهو ينعت شارون بأنه »ديكتاتور« لا يفقه الديمقراطية, وبأنه احد افراد »اسرة مجرمة«, في اشارة الى الاتهام الذي وجّه مؤخرا الى احد ابنيه, عمري, بخصوص قيامه بحملات تبرع سياسية غير مشروعة .\r\n والى اقصى اليمين على طول الطيف الليكودي يقف عوزي لانداو, المؤيدّ النشط للمستوطنين المغضبين من انسحاب شارون من غزة في آب المنصرم, ومن بعض اجزاء شمال الضفة الغربية. ويعدُ لانداو بأن يصوّر شارون - الشهير بتصريحه بأن مستوطنة يهودية في قطاع غزة, تعتبر بالنسبة له من الاهمية ذاتها التي لتل ابيب - على انه شخص يقول شيئا ويفعل شيئا آخر .\r\n ومن الراغبين في الاشتراك في هذه المنافسة, وزير الخارجية سيل ان شالوم, الذي عمل على اعادة تجديد العلاقات مع الدول العربية المعتدلة, إبّان خطة فكّ الارتباط ووهجها اللاحق. فأعلن يوم الثلاثاء الماضي عن الترشح قائلا: »انا وحدي القادر على وقف انهيار الليكود «.\r\n أما أحد القادة العسكريين السابقين, الذي يمكن له ان يهزّ شارون في موقعه, فهو موفاز.. رئيس هيئة الأركان المحبوب للجيش الاسرائيلي سابقا, ويشغل الآن منصب وزير الدفاع. فبعد قرار شارون بالانشقاق, اعلن موفاز بأنه سيرشح نفسه لزعامة حزب الليكود .\r\n وموفاز, الإيراني المولد والاسرائيلي التربية والنشأة, يمثل هو الآخر تحدّيا صلبا للزعيم الجديد لحزب العمل, عامير بيريتس, المغربي الاصل الذي يتوقع له ان يحظى بتأييد السيفارديم - حيث ينحدر اكثر من نصف العامة الاسرائيليين من اسبانيا ومن بلدان العالم الاسلامي .\r\n وهناك بطاقة عِرقية اخرى يجري اللعب بها, وهي بطاقة الروس. ذلك ان أفيغدور ليبرمان, الشخصية السياسية الاسرائيلية الأهم من الاتحاد السوفياتي السابق, صقر يعتبر حزبه اليميني مرشح ائتلاف جذّاب. اذ قد يسحب اصواتا من المحافظين التي ربما كانت ستذهب الى الليكود, او الى حزب شارون الجديد, والذي يطالب اقصى اليمين بتصليب موقفهم .\r\n وفي الوقت ذاته, فقد يتوقع هذا اليمين المتطرف زيادة في تعميق معتقداته الاساسية, ولكن ذلك سيزداد تهميشا على الأرجح .\r\n وسط هذا التحوّل الرملي السياسي, بحث حزبان يمينيان هما - الاتحاد القومي والحزب الديني القومي - مسألة الاندماج فيما بينهما بغاية تشكيل تنظيم ايديولوجي متماسك ذي قيم ارثوذوكسية, ويميز نفسه عن الليكود العلماني من حيث الأساس .\r\n في هذا الصدد, قال البرفيسور ساندلر, »ان اندماجا حزبيا من هذا القبيل, بالنسبة لأولئك الذين لا يثقون بالليكود بسبب فكّ الارتباط, قد يستقطب الكثير من الناس«. غير أن مؤيديه منذ زمن طويل قد يساورهم الإحساس بالواجب بأن يَهمّوا لانقاذ الليكود المريض, الأمر الذي قد يمكّن الحزب المنقسم على نفسه من استعادة كسب اصوات الناخبين. وقال ساندلر, »ان ما نراه امامنا هو انه مع اقتراب موعد الانتخابات, يبدأ الناس بالعودة الى جذورهم الاصلية. فالليكود ما يزال اسماً مشهوراً, ومن السابق لأوانه شطبه «.