لقد احتشد الإسرائيليون خلف قائدهم المريض , محاولين الابتعاد عن التساؤل الذي يلوح بشكل قاتم حول دولتهم , وحول المنطقة ككل , وهو ماذا الآن بعد شارون . ولكن نقاط عدم التيقن الكبرى كانت عالقة بالفعل على الطريق كان شارون مشغولا برسمه . ففي نصف السنة الماضية , أعاد شارون بشكل أحادي الجانب رسم ليس فقط ملامح الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ولكن أيضا الخريطة السياسية الإسرائيلية برمتها . فبعد أن انفصل عن حزب الليكود الحاكم اليميني , أسس حزبه (كاديما) الذي ينتمي لتيار الوسط ؛ ومنذ ذاك أكد كل استطلاع للرأي وكل حاسة سياسية أن شارون كان سيعود مظفرا إلى السلطة في الانتخابات القادمة , والتي دعا إليها . \r\n لقد ضرب شارون وترا حساسا في العقلية والنفسية الإسرائيلية , الحاجة للاستقرار والثبات المقترنين باتجاه جديد سعى إلى تجنب كل من مستنقع المواجهة مع الفلسطينيين والتوجه إلى مفاوضات متجددة معهم . \r\n كان شارون يعتقد أنه بدلا من فرض عملية سلام على الإسرائيليين والفلسطينيين , يحتاج الشعبان إلى فصلهما عن بعضهما البعض , على الأقل في المستقبل المنظور وعزز الشعور بأن مسألة التواصل من عدمه مع الإسرائيليين مرة أخرى , كما فعل الإسرائيليون خلال سنوات السلام في التسعينيات , لا تحتاج إلى التخطيط بناء على أجندة شعبية على الإطلاق . \r\n وبدون شارون , فإن التفكير التقليدي هو أن انتخابات 28 مارس ستعرض مرة أخرى خيارا تقليديا بين اليسار القديم واليمين ؛ وبين عزم زعيم الليكود بنيامين نتنياهو على الاستمرار في مواجهة الفلسطينيين حتى يضطرون إلى التخلي عن مواجهة إسرائيل , من جانب , ودعوة زعيم حزب العمل عمير بيريز إلى محادثات سلام مجددة نشطة لإنهاء المواجهة . وقدم شارون خيارا ثالثا : لا مفاوضات ومواجهة أقل , وليس حل الصراع ولكن السيطرة عليه وفك الارتباط منه . وقد نفذ هذا الاتجاه بالفعل في غزة وكان مقررا المضي قدما في فك ارتباط إسرائيل مع الفلسطينيين , بشكل أحادي الجانب . وهذا كان يتناغم بالضبط مع براغماتية العامة الذين يريدون من إسرائيل أن تدير ظهرها للفلسطينيين . \r\n لم يكن شارون يتمتع فحسب - في السنوات الأخيرة وعلى نحو متزايد - بمجرد ثقة الشعب الإسرائيلي , ولكن بثقته العمياء . وهذا جعله غير متعرض للخطر سياسيا . لقد بدا أنه يقلب الحكمة السياسية القديمة التي مفادها أن لا أحد غير قابل للإزاحة والاستبدال . وعلى العكس - تقول أقلية من الإسرائيليين - (ليس هناك أحد آخر). لم يؤسس شارون فقط حزب ( كاديما) بل كان هو نفسه الحزب . ولكن الرجل الذي تقلد السلطة المؤقتة , وهو إيهود أولمرت كان فعليا هو المسئول الوحيد عن صياغة عقيدة أو مبدأ شارون الخاص بالانسحاب أحادي الجانب وفك الارتباط عن الفلسطينيين خلف جدار أمني . \r\n لقد أقنع أولمرت شارون بصلاحية صيغة أو معادلة إسحاق رابين القديمة , وهي نحن هنا , وهم هناك . ولكن مازال يتعين عليه أن يقنع الإسرائيليين بأنه لديه الوضعية والمنزلة اللازمة للمضي قدما في وضع هذه السياسة في حيز الممارسة . ولذا هل يمكن أن يبقى طريق شارون بدون شارون ؟ وهل يمكن لحزب كاديما - بدون رئيسه - أن يواصل مبدأ الفصل الأحادي الجانب ؟ وهل يمكنه تدعيم نفسه في الوسط , أم هل سيذوب في فرقة السياسات الإسرائيلية القديمة الآن والتي يخضعها المحارب القديم لحدوده الصحية والبدنية ؟ إن عدم التيقن إزاء هذه الأسئلة الرئيسية المثارة , بالنسبة لإسرائيل والمنطقة , من غير المحتمل أن ينتهي في الثامن والعشرين من مارس القادم .\r\n جيرالد كيسيل وبيير كلوشيندلر \r\n صحفيان مقيمان في القدس ومخرجا أفلام وثائقية \r\n خدمة إنترناشيونال هيرالد تريبيون - خاص ب (الوطن )