ويبدو ما قام به كويوزومي رئيس الوزراء الياباني مؤخرا من تعديل للاتفاقيات الأمنية المبرمة مع الجانب الأميركي حيث تقليل أعداد القوات الأميركية المتواجدة في اليابان مع تطوير السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية الراسية بالقرب من خليج طوكيو خطوة جيدة لليابانيين. ومن ثم فاليابان وأميركا بصدد تغيير سياستيهما الأمنية مع دول المحيط الهادئ وخاصة دول شرق أسيا . وبينما يسعد اليابانيون بهذا التقليص لأعداد الجنود الأميركيين في بلادهم نجدهم من ناحية أخرى يركزون على قضية مختلفة آلا وهي رحيل(كيتي هاوك)حاملة الطائرات الأميركية التي تعمل بالديزل وقدوم (جورج واشنطن)حاملة الطائرات المزودة بالمفاعل النووي . وترى حكومات المنطقة بالإضافة إلى معظم اليابانيين أن هذه الخطوة تعتبر تحركا كبيرا نحو التخلي البطيء لليابان عن سياساتها السلمية لمنطقة خالية من الأسلحة النووية . واليابان مثلها مثل جيرانها على المحيط الهادئ أستراليا ونيوزلندا تتمسك بموقف غير نووي,وعلى الرغم من ذلك فتفاصيل ما يجري تكشف النقاب عن النزوع اكثر تجاه السماح للسفن الأجنبية التي تعمل بالطاقة النووية من استخدام المياه الإقليمية لليابان .أما نيوزلندا فقد حظرت دخول السفن النووية أو المحملة بالأجهزة النووية إلى مياهها الإقليمية منذ عام 1985 رغم العقوبات الاقتصادية التي تفرضها أميركا عليها وأما استراليا فتسمح بمرور السفن الأميركية النووية كجزء من زيادة التعاون العسكري مع واشنطن .وبخروج عدد كبير من السفن الأميركية التقليدية من الخدمة تبدو اليابان متجهة اكثر نحو تلبية رغبات الولاياتالمتحدة الرامية إلى نشر الأسطول النووي الأميركي في موانئ الدول الصديقة .وتظهر حكومة كويزومي ارتياحا نسبيا لخمسة أسباب تأمل تلك الحكومة أن يتحققوا. أولا هو أن يوافق الرأي العام الياباني على أن الطاقة النووية هي لغة المستقبل التي ستمحو آلام الماضي ,وثانيا أن شعبية كويزومي يمكن أن تتغلب على المقاومة الشعبية,وثالثا أن مؤيدي كويزومي باستطاعتهم إقناع الشعب بأن السلاح النووي في مواجهة التهديدات الكورية الشمالية والتهديدات الصينية أهم من النفور من كل ما يتعلق بالسلاح النووي,ورابعا ان الشعب سيعترف بدخول اليابان فعليا لما يسمى بالعصر النووي حيث هناك عدد من السفن النووية قد رست حوالي 1000 مرة على الموانئ اليابانية بالإضافة إلى أن اليابان تمتلك عددا من المصانع النووية وفي الوقت نفسه تمتلك مصانع لإعادة تدوير أكسيد البلاتونيوم واليورانيوم المختلط الذي يدخل في صناعة الأسلحة النووية,وخامسا ما يأمله كويزومي من أن الشعب لن يعير اهتماما بالمسألة برمتها .ويأمل كويزومي تحقيق ما يتمناه عن طريق جذب الانتباه إلى المكاسب الملموسة لهذه الاتفاقية حيث يشير إلى تقليل أعداد القوات الأميركية في مجموعة جزر اوكيناوا .وبسب موقع اليابان بين تايوان وشبه الجزيرة الكورية فهناك حوالي ما يزيد عن 10.000 جندي أميركي متمركزين في موقع متميز ومثالي لرد الفعل السريع ضد أي اعتداء صيني موجه لتايوان أو أي تهديد كوري شمالي ضد جارتها الجنوبية .والمشكلة هي أن الجنود الأميركيين في جزيرة ناها اليابانية يدخلون في مشاكل شبه يومية مع السكان المحليين ,فهناك الحوادث التي تتردد على ألسنة المواطنين اليابانيين مثل مشاجرات الحانات وحوادث المخدرات وتصادم الطائرات الهليكوبتر وحوادث الاغتصاب والاعتداء ثم الهرب .وعندما قام بيل كلينتون بزيارة إلى اليابان بوصفه رئيسا للولايات المتحدة تعهد بان الولاياتالمتحدة ستقلل من تواجد قواتها على الجزيرة .والآن يراهن كويزومي على أن تقليل أعدد القوات الأميركية الموجودة على جزر اوكيناوا سيساعد في إحداث نوع من التوازن في الاتفاقية التي تنص على تمركز السفن النووية خارج حدود الكثافة السكانية في اليابان لمدة طول العام تقريبا. فيما بدأ الحكام المحليين باليابان في رفع وتيرة الحديث المناهض للسلاح النووي,فحكومة كاناجاوا المحلية وحكومة يوكوسوكا البلدية المحلية تقول كل منهما أن تواجد السفن النووية ينتهك ثلاثة من مبادئ اليابان التي أعلنت بعد الحرب العالمية الثانية وهي عدم امتلاك أو إنتاج أو تقديم الأسلحة النووية .ويقول مؤيدو كويزومي أن حاملة الطائرات جورج واشنطن ستظل خالية من السلاح النووي حيث أن المفاعل سيتم غلقه عندما ترسي الحاملة في الميناء الياباني والمعدات النووية لن تنقل عبر الميناء .فيما يقول الحكام المحليين باليابان أن كويزومي والبحرية الأميركية يتحايلان على الموقف لأن الأمر لا يهم سواء أكان المفاعل مفتوحا أم مغلقا فالحاملة تظل حاملة أجنبية تعمل بالطاقة النووية . \r\n شبلي نبهان \r\n باحث في العلوم السياسية باليابان \r\n خدمة كيه أر تي خاص ب( الوطن)